أزمة غاز في الاقليم تعصف بعلاقة الحزبين الديمقراطي والاتحاد

بلغ سعر الأسطوانة في بعض المناطق 50 ألف دينار

السليمانية ـ عباس كاريزي:

يقف سامان وهو مواطن من محافظة اربيل الى جانب عشرات اخرين في طابور طويل امام محل لبيع اسطوانات الغاز السائل، او ما يعرف بغاز الطبخ منذ الصباح الباكر، لاستبدال اسطوانته، بضعف المبلغ الذي خصصته حكومة الاقليم.
ويقول سامان، «انا واقف في الصف منذ ساعتين ولا اعرف لحد الان اذا كان بائع الغاز، سيحصل على اية كمية لاستبدال قنينة الغاز التي قال انها فرغت منذ يومين».
وتعصف بمحافظات ومدن الاقليم ازمة غاز مفتعلة نتيجة للتنافس بين الاحزاب الحاكمة على احتكار عقود تزويد الغاز السائل الى معامل الغاز في محافظات الاقليم الذي تنتجه شركة دانا غاز الاماراتية من حقول بمحافظة السليمانية.
ويقول سامان، «ما ذنب المواطنين في الصراعات التجارية بين المافيات الحاكمة، وان يحصل على اسطوانة الغاز ب 25 الى 35 الف دينار، بينما حددت حكومة الاقليم سعر الأسطوانة ب 7 الاف وخمسمئة دينار».
واخذت ازمة الغاز التي ظهرت في الاقليم ابعاداً سياسية وادت الى ارتفاع حدة التوتر بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، الحزبان الرئيسان في الاقليم، في ظل عدم قدرة المسؤولين في حكومة الاقليم على تحديد موعد لانتهاء الازمة وتوفير الغاز السائل للمواطنين.
وعزا قائممقام محافظة اربيل نبز عبد الحميد في تصريح للصباح الجديد، تفاقم ازمة الغاز في محافظات الاقليم، الى حدوث خلافات بين الشركة المتعاقدة مع شركة دانا غاز الاماراتية التي تنتج الغاز السائل وتبيعه الى الشركة لتوزعه بدورها على معامل تعبئة الغاز في محافظات الاقليم.
واضاف عبد الحميد، ان الازمة نجمت جراء مشكلة حدثت بين شركتين لنقل الغاز،» سابقاً كانت شركة «گولدن جاكوار» متعاقدة مع شركة دانا غاز لتوزيع الغاز السائل في الاقليم، الا انه وبعد انتهاء مدة العقد، وقيام وزارة الثروات الطبيعية بالتعاقد مع شركة «سور غاز»، الا انه ومع بدء الشركة الجديدة بالعمل قامت قوة مسلحة باعتراض صهاريج نقل الغاز التابعة لشركة سور غاز، اضافة الى قيامها باطلاق النار على بعض الصهاريج واختطاف صاحب الشركة واقتياده الى جهة مجهولة لتقوم باطلاق سراحه لاحقاً بعد ضربة وتهديده، الامر الذي تسبب بعرقلة وصول الغاز السائل الى محافظات الاقليم.
واضاف، ان الشركة السابقة التي تسمى گولدن جاكوار المدعومة من قبل بعض الجهات الامنية تعترض توزيع الغاز، الامر الذي تسبب بحصول ازمة وارتفاع اسعار الغاز السائل في الاسواق وادى الى تعذر حصول المواطنين على اسطوانات الغاز السائل.
ويقول بختيار سعيد وهو مدير احدى شركات تعبئة الغاز السائل، انه لا توجد اية ضمانات بمعالجة الازمة الراهنة التي برزت نتيجة للتنافس والصراع بين شركتين، نحن لم نحصل منذ قرابة اسبوع على الكميات المطلوبة من الغاز المسال لتعبئته وتوزيعه على المواطنين.
وتحتاج محافظات الاقليم اربيل والسليمانية ودهوك الى قرابة 800 طن يومياً من الغاز السائل، الذي حددت حكومة الاقليم سعر الاسطوانة الواحدة منه ب 7 الاف وخمسمئة دينار، الا ان سعره وصل في بعض المناطق، جراء هذا الازمة الى 35 الف دينار.
واثار تصريح المتحدث باسم حكومة الاقليم جوتيار عادل استياء لدى المسؤولين بمحافظة السليمانية والاتحاد الوطني، الذي اتهم فيه متنفذين في السليمانية و گرمیان باستخدام الغاز السائل كورقة ضغط، عبر منع وصوله الى محافظتي اربيل ودهوك، وهي مناطق نفوذ الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني.
هذا الى جانب بيان اصدرته كتلة الحزب الديمقراطي في برلمان كردستان التي عدت فيه ظهور ازمة الغاز السائل في الاقليم، صنيعة مجموعة من المافيات التي استولت على الغاز السائل، وطالبت بعدم تحميل المواطنين تبعات جشع وطمع بعض الشركات والاشخاص للاستيلاء على الاموال بنحو غير شرعي.
بدوره قال عضو لجنة الطاقة والثروات الطبيعية في برلمان كردستان شيركو جودت، ان اللجنة اجرت متابعة للمشكلة وظهر لها بان قوة مسلحة مدربة اعترضت صهاريج نقل الغاز السائل ومنعت وصوله الى معامل التعبئة امام مرأى الاجهزة الامنية.
الى ذلك رفضت قيادات وكوادر في الاتحاد الوطني تلك التصريحات ووصفتها بغير المسؤولية متهمة الحزب الديمقراطي بمحاولة الاستيلاء على موارد الغاز الطبيعي في الاقليم، بعد استيلائه على النفط وبيعه بأسعار مفضلة الى دول الجوار، من دون ان يعود بفائدة على المواطنين في كردستان.
كانت حكومة الاقليم قد وقعت عام 2007 عقدا مع شركة دانا غاز الاماراتية اسست بموجبه شركة غاز كردستان ومنحت بموجبه حكومة الاقليم حصرياً شركة دانا غاز العمل واستخراج وبيع الغاز في حقلي كورمور وجمجمال بمحافظة السليمانية.
الذي تنتج الان شركة دانا غاز منهما قرابة 400 مليون قدم مكعب، وستصل هذه الكمية في منتصف عام 2020 الحالي الى 650 مليون قدم مكعب من الغاز، الذي تبيع منه 700 طن يومياً من الغاز السائل بأسعار مفضلة الى حكومة الاقليم.
ويقول هونر توفيق وهو ناشط مدني ان بروز الخلافات بين تركيا والامارات على خلفية الاخوان المسلمين، دفع بانقرة الى ممارسة الضغوطات على اربيل لعرقلة عمل شركة دانا غاز الاماراتية في كردستان والسعي لفسخ العقد معها.
ويقول بعض المراقبين ان واردات تصدير وبيع الغاز الطبيعي المستخرج من حقول الغاز بمحافظة السليمانية لم تعد بفائدة على المحافظة، نظرا للتهميش الذي تعاني منه محافظة السليمانية مقارنة بالاعمار الذي تشهده محافظة اربيل.
وطالب الناشط المدني هونر توفيق بمنع وصول الغاز السائل الى محافظات اربيل ودهوك وعدم تحميل المواطنين اعادة قروض شركة دانا غاز التي تقع بذمة حكومة الاقليم، ما لم تنهِ حكومة الاقليم اجراءاتها المجحفة والتهميش القائم بحق محافظة السليمانية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة