من الأخوات ميرابال إلى إسراء وفاطمة.. هل سيصبح العالم برتقالياً؟

العنف.. يهدد امرأة من بين كل ثلاث نساء في أبشع انتهاكات لحقوق الإنسان

وكالات : متابعة الصباح الجديد:
أربعون عاماَ مضت على اغتيالهن، ومازالت ذكرى الأخوات ميرابال تضيء الأيام البرتقالية ال “16” التي تطلقها الأمم المتحدة هذا العام بعنوان العالم البرتقالي :”جيل المساواة يقف ضد الاغتصاب”، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي مازال حسب تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «يهدد امرأة من بين كل ثلاث نساء في أبشع انتهاكات حقوق الإنسان وأكثرها استعصاء».

في الجذور
بعد مضي عقدين، بدأت جريمة اغتيال الأخوات ميرابال تلهم المجتمع الدولي لاختيار يوم 25 تشرين الثاني عام 1981 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، الناشطات السياسيات ضد حكومة الدومنيكان، تم اغتيالهن بهراوات مجهولة بأمر من الحاكم الديكتاتوري رافاييل ترخيو يوم 25 تشرين الثاني عام 1960، الأمر الذي دعا الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان قرارها رقم 104/48 بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، بعد أن اتضح أن اتفاقيتها للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1979 لم تؤت ثمارها، وفي عام 1999 حددت الجمعية 25 تشرين الثاني يوماً للقضاء على العنف ضد المرأة ودعت لتنظيم فعاليات في هذا اليوم للتعرف بالمشكلة ما يمهد الطرق للقضاء على العنف ضد المرأة.

“العالم البرتقالي” بحدود عام 2030
“16” يوماً من النشاط، هي حملة دولية سنوية تبدأ في 25 تشرين الثاني اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتختتم في 10 كانون الأول اليوم العالمي لحقوق الإنسان، هذه الحملة التي بدأها ناشطون في معهد المرأة للقيادة العالمية الافتتاحي عام1991، دعمت بمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة عام 2009 “اتحدوا- قل لا”، واتخذت من البرتقالي لوناً لها لتوحيد أنشطتها، ودعت المشاركين لإضاءة المباني والمعالم التذكارية باللون البرتقالي لجذب الانتباه العالمي إلى المبادرة، حيث يرمز اللون البرتقالي إلى مستقبل أكثر إشراقًا وعالمًا خالٍ من العنف ضد النساء والفتيات.
حملة الأمين العام التي تركز خلال عامي 2019 و2020، بشكل خاص على مسألة الاغتصاب، تهدف لإنهاء العنف ضد المرأة بحلول عام 2030، من خلال التركيز على المساواة بين الجنسين استناداً لمنهاج عمل بكين الذي اعتمدته 189 دولة عام 1995 في 12 مجالاً حاسماً من مجالات الاهتمام بما في ذلك إنهاء العنف ضد النساء والفتيات.

الفئات الأكثر تعنيفاً
برغم أن كل النساء معرضات للعنف القائم على النوع الاجتماعي، إلا أن بعضهن من فئات معينة معرضات للخطر بشكل خاص، كالمسنات، والنساء اللواتي يوصفن بأنهن مثليات أو ذوات الميل الجنسي المزدوج، أو مغايرات الهوية الجنسانية أو حاملات صفات الجنسين، والمهاجرات واللاجئات، ونساء الشعوب الأصلية والأقليات العرقية، أو المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية والإعاقات، أو المتأثرات بالأزمات الإنسانية، أو الصحفيات التي حذّرت أزولاي بأنهن “هدفاً متكرراً لخطاب الكراهية الجنسية، بما في ذلك التهديد بالاغتصاب والقتل”.

العنف مثل السرطان
العنف ضد المرأة كالسرطان سبب جوهري للوفاة والعجز للنساء في سن الإنجاب، وسبب أخطر يؤدي للعِلّة مقارنة مع حوادث السير والملاريا معاً” وتبين تقارير الأمم المتحدة أن واحدة من ثلاث نساء تعرّضن للعنف الجسدي أو الجنسي خلال حياتهن، وغالباً من قبل العشير، كما أن 52% فقط من النساء المتزوجات أو المرتبطات يتخذن بحرية قراراتهن بشأن العلاقات الجنسية واستخدام وسائل منع الحمل والرعاية الصحية، ونحو 750 مليون امرأة وفتاة في العالم على قيد الحياة اليوم تزوجن قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة؛ في حين خضعت 200 مليون امرأة وفتاة لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وفي عام 2017 قُتلت واحدة من كل اثنتين من النساء اللاتي قُتلن في جميع أنحاء العالم على أيدي عشيرهن أو أسرهن، بينما قتل واحد فقط من بين 20 رجلًا في ظروف مماثلة، كما تشكل النساء 71٪ من جميع ضحايا الاتجار بالبشر في العالم، و3 من أصل 4 منهن يتعرضن للاستغلال الجنسي.

الرجال أولاً
“العنف الجنسي ضد النساء والفتيات يستمد جذوره من هيمنة الذكور التي دامت قروناً من الزمن” كلام غوتيريش هذا يدعمه تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2017 الذي أورد أن الرجال هم المسؤولون بالدرجة الأولى عن العنف ضد المرأة، وأنّ نسبة 20% تقريباً من النساء أبلغن عن تعرضهن للعنف الجنسي في مرحلة الطفولة، كما أن “ممارسات الوصم والتصورات الخاطئة وحالات التقصير في الإبلاغ وإنفاذ القوانين على حد تعبير غوتيريش من الأسباب التي تؤدي للإفلات من العقاب، إضافة لقصور القوانين والتشريعات فوفقاً للأمم المتحدة “قام اثنان فقط من أصل ثلاثة بلدان بتجريم العنف الأسري، في حين ما يزال 37 بلداً في جميع أنحاء العالم يعفي مرتكبي الاغتصاب من المحاكمة إذا تزوجوا من الضحية وحالياً فإن 49 بلداً لا توجد فيها قوانين تحمي النساء من العنف المنزلي”.
2030 عام برتقالي، حقيقة أم حلم؟
المتابع لنشاطات الأمم المتحدة خلال العقود الأخيرة، يدرك دوافع جرأة الأمين العام حين أعلن العام 2030 عاماً خالياً من العنف ضد المرأة، فمن جهة هناك جهود عالمية حثيثة نحو القضاء على العنف ضد المرأة والتي ليس أخرها مبادرة “تسليط الضوء” التي رصدت استثماراً أولياً بنحو 500 مليون يورو بهدف القضاء على أشكال العنف ضد المرأة، والدفع بها إلى دائرة الضوء لتحقيق المساواة بين الجنسين بما يتماشى مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ومن جهة أخرى تبدو أزولاي واثقة من إمكانات الذكاء الاصطناعي الذي وصفته “بالمتحرر من التحيز الجنساني” في ضمان قدرة المرأة على التعبير عن نفسها بحرية وأمان، وكشف حالات التسلط والتمييز وخطاب الكراهية على شبكة الإنترنت، وإبلاغ المشرفين، وتوجيه الضحايا نحو الدعم الملائم، حيث أعلنت بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة “بأن مجموعة فتيات كينيات يسمين “المصلحات”، ابتكرن تطبيقاً إلكترونياً لمساعدة أكثر من ٢٠٠ مليون امرأة وفتاة تعرضن لتشويه أعضائهن التناسلية أو الختان “.
يبقى السؤال الآن؛ هل حقاً ستتمكن الجهود المبذولة، والذكاء الصناعي في هزيمة إرث يعود لقرون من العنف ضد المرأة؟ في عالم مازال يعيش فيه اليوم 783 مليون إنسان تحت خط الفقر الدولي، ويتنازعه الجهل والحروب والأزمات الاقتصادية، عالم يقرّ فيه الأمين العام للأمم المتحدة بأنه “يستخدم الاغتصاب كسلاح شنيع من أسلحة الحرب” ويغص بالعنف لدرجة “أن أحداً ما في محيطكم من ضحايا هذه الانتهاكات، قد يكون أحد أفراد أسرتكم أو أحد زملائكم أو أصدقائكم, أو حتى أنتم أنفسكم، عالم مازال فيه أمثال قاتل إسراء غريب، ومقتلع عيني فاطمة طلقاء بلا حسيب أو رقيب؟.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة