التظاهرات والسينما

باستطاعة أي سينمائي يحمل كاميرا سواء كانت كاميرا سينمائية، او كاميرا هاتفه المحمول، ان يوثق العديد من المواقف والحالات التي لم تشهدها جميع التظاهرات التي شهدتها ساحة التحرير قبل اندلاع تظاهرات تشرين الأول الحالي ، او تظاهرات ثورة أكتوبر كما يسميها البعض.
هذا التوثيق يوفر مستقبلا كما هائلا من مادة خام يمكن ان تتحول الى أفلام وثائقية ، تحكي ما جرى وكذلك يمكن ان تكون وثيقة تدخل ضمن بعض الأفلام الروائية التي يمكن ان تنتج وتكون مواضيعها متعلقة بهذه المظاهرات.
ان توثيق موقف شجاع كموقف أصحاب عجلات « التك توك» الذي أذهل الجميع، بتحولهم الى مسعفين ومنقذين لمئات الجرحى من المتظاهرين ومن القوات الامنية، ساعدهم في ذلك صغر عجلاتهم وسهولة حركتها، وشجاعتهم الفائقة ، باختراقهم الحواجز والوصول الى منتصف جسر الجمهورية، حيث تقف قوات مكافحة الشغب التي تطلق يوميا الالاف من القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين ، الأمر الذي تسبب بوفاة العديد منهم بسبب الاطلاق المباشر لتلك القنابل على أجساد المتظاهرين، هؤلاء الشباب قطعوا عملهم على عجلاتهم وتبرعوا ان يكونوا وسط المتظاهرين مخاطرين بحياتهم، ولم يقبلوا ان يتلقوا أي أجر عرضه البعض عليهم، هذا الموقف يمكن ان تنسج عليه عشرات السيناريوهات السينمائية ، باختيار عينة من هؤلاء الشباب، وبناء حكاية درامية واقعية عنهم.
مواقف العديد من العائلات بإحضار كل ما يحتاجه المتظاهرون، من أكل وشرب، زاد حتى عن حاجتهم، يحتاج هو ايضا الى توثيق سينمائي.
ابتكارات بعض المتظاهرين لمقاومة قنابل الغاز، كف حديدي كبير للامساك بالقنابل، نصف برميل يستعمل كواقٍ من الرصاص المطاطي وقنابل الغاز
، عشرات المتطوعين ، أطباء ومسعفين، تعرض العديد منهم لإصابات خطرة ، وتوفي البعض الاخر ، يمكن ان تكون هي ايضاً مواضيع مهمة لمادة درامية فلمية.
أخيرا ان الشيء المهم من هذا التوثيق، هو بقاؤه كشاهد على حقبة تاريخية وما جرى فيها من أحداث، أدت الى انتفاضة شعب أذهلت العالم ، بطريقة مغايرة لما سبقها من انتفاضات بسبب روح المطاولة عند جيل لم يعرف ما هي السياسة، لكنه أنتفض بسبب معاناة سببها فساد كبير ساد البلاد وأثر على العباد، لذلك لا بد للسينما من توثيق ما حدث ويحدث، وصولا لإنتاج أفلام يمكن ان نطلق عليها مستقبلا الواقعية العراقية.

كاظم مرشد السلوم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة