ظاهره حق.. وباطنه باطل !

منذ سقوط النظام السابق لعبت الولايات المتحدة الاميركية ادوارا متعددة في العراق بوصفها الراعي الاول لاحتلال العراق والتخلص من نظامه الديكتاتوري وكان من واجب الطبقة السياسية التي تولت زمام الامور في ادارة البلاد ان تتحمل مسؤولياتها الوطنية في العمل لأجل تحقيق الاستقلال في القرار السياسي العراقي وتحري المصالح التي من شأنها ابعاد العراق عن اي مؤثرات خارجية وكان يمكن للاحزاب والمكونات المؤثرة في المشهد العراقي ان تضع خارطة طريق سياسية واقتصادية وعسكرية تؤمن الخلاص للعراقيين من كل تبعات الاحتلال الذي تم تثبيته بقرار اممي وان تجنب العراق ويلات الحروب الداخلية المتمثلة بالصراع الطائفي المسلح الذي غذته عصابات الارهاب والجريمة بوجود القوات الاميركية ..من هنا يمكن الانطلاق نحو الحديث عن قرار مجلس النواب الاميركي (المرقم 4591 . H.R ) الذي سبق ان رفضه الكونغرس الاميركي قبل اربع سنوات والذي يدعو الرئيس الاميركي الى فرض عقوبات على اي اجنبي ينوي القيام متعمدا باي شكل من اعمال العنف له غرض او تأثير مباشر على تهديد السلام والاستقرار في العراق او حكومة العراق وتقويض العملية الديمقراطية فيه او تقويض الجهود الكبيرة لتعزيز البناء الاقتصادي والاصلاح السياسي او تقديم المساعدات الانسانية الى الشعب العراقي واذا صحت المعلومات المتواترة عن اعادة عرض هذا القانون مجددا للتصويت عليه فان هذا يعني ببساطة وجود رغبة واندفاع للإدارة الاميركية برئاسة دونالد ترامب وطاقمه السياسي لاعادة الوصاية على القرار السياسي العراقي ومصادرة الارادة العراقية بشتى عناوينها في تقرير اشكال التعامل مع الاحداث والمشكلات التي يواجهها العراق على الصعيد الداخلي والخارجي ..
ان وجود مثل هذا التوجه لبعض الشخصيات المؤثرة في طاقم الادارة الاميركية يمكن تفسيره على انه محاولات لاستخدام العراق كأداة فاعلة في توجيه اية قرارات عسكرية او اقتصادية توجه للجارة ايران وبالتالي محاولة خلق فوضى امنية وسياسية داخل العراق تصل الى حد التشابك واتخاذ العراق ميدانا حربيا لأية حرب قد تقع في المستقبل القريب والوصول الى مفهوم زعزعة استقرار العراق واتهام اطراف عراقية بالتورط بهذا المفهوم وحتى يمكن افشال هذا المسعى الاميركي لابد للحكومة العراقية الحالية وبدعم من مجلس النواب ان تضع استراتيجية جديدة تحفظ للقرار العراقي استقلاليته من خلال ابعاد اية قوى داخلية من التحكم بقرارات الدولة او التأثير فيها وتوجيهها الوجهة الحزبية او الفئوية على حساب سيادة الدولة وقرارها الوطني اما الذين ايدوا هذا التوجه الاميركي وينتظرون موافقة الكونغرس الاميركي على تشريعه فانهم يحاولون اغماض اعينهم عن الحقيقة المتمثلة بان اميركا ما كان يمكنها ان تتوجه مثل هذا التوجه لولا مظاهر الضعف والتشتت في الدولة العراقية وعدم قدرتها على كبح جماح قوى اخرى مؤثرة تلعب دورا مشابها لدور الدولة العراقية بعناوين مختلفة وبالتالي فان مثل هذا القانون الذي يأتي لمواجهة مثل هؤلاء هو كلمة حق يراد بها باطل ظاهرها حماية الشعب العراقي من المتمردين على الدولة وباطنها سلب العراق من سيادته وقراره الوطني .

د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة