التاريخ مصدر تفاؤل البرازيل في كوبا أميركا

غياب نيمار يكشف محنة «السيليساو»

ريودي جانيرو ـ وكالات:

في بلد شغوف بكرة القدم مثل البرازيل، قد تكون استضافة بطولة كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا 2019) مصدر تفاؤل كبير لدى أنصار المنتخب البرازيلي بإمكانية إحراز اللقب الغالي للمرة التاسعة في تاريخ الفريق.
وفشل المنتخب البرازيلي في عبور الدور الأول (دور المجموعات) خلال النسخة المئوية، التي استضافتها الولايات المتحدة في حزيران 2016 ، والتي كانت أول نسخة تقام خارج قارة أمريكا الجنوبية، حيث أقيمت هذه النسخة الاستثنائية احتفالا بمرور 100 عام على تأسيس اتحاد كرة القدم في أمريكا الجنوبية (كونميبول) وبداية إقامة بطولات كوبا أميركا.
ومع عودة البطولة إلى أحضان القارة، سيكون البرازيل بلد كرة القدم حريصا على ألا تفلت الكأس هذه المرة من أيدي راقصي السامبا.
وعلى مدار تاريخ البطولة الممتد من 1916، توجت ثمانية منتخبات بلقب كوبا أمريكا وأحرز اثنان منها اللقب مرة واحدة فقط وجاء تتويج كل من هذين المنتخبين بلقبه الوحيد من خلال بطولة استضافتها بلاده كما توج منتخب بيرو باللقب مرتين الأولى كانت على أرضه والثانية عندما وزعت مباريات البطولة على مختلف البلدان المشاركة.والأكثر من هذا ، كان اللقب في أكثر من نصف النسخ الـ45 الماضية من نصيب أصحاب الأرض.
وأكدت نسخة 2015، التي استضافتها تشيلي، على مدى أهمية عامل الأرض والجماهير في القدرة على المنافسة، حيث تغلب المنتخب التشيلي على نظيره الأرجنتيني بركلات الترجيح في المباراة النهائية ليكون اللقب الأول لمنتخب تشيلي في 38 مشاركة له بالبطولة على مدار تاريخها.وحدث نفس الشيء لمنتخبات كولومبيا في نسخة 2001 وبوليفيا في 1963 وبيرو في 1939 .
وكان الاختلاف الوحيد هو فوز منتخب بيرو بلقب ثان له في نسخة 1975 عندما أقيمت البطولة بتوزيع المباريات ليخوض كل منتخب مبارياته على ملعبه دون أن يكون لهذه النسخ بلد مضيف محدد.
واستغل المنتخب البيروفي امتلاكه لمجموعة من اللاعبين المتميزين مثل الأسطورة تيوفيلو كوبياس وخوان كارلوس أوبتيلاس وأوزوالدو راميريز وتوج الفريق بلقبه الثاني في البطولة.وخلال 42 نسخة كانت الاستضافة في كل منها لبلد واحد فقط ، كان الفوز باللقب من نصيب أصحاب الأرض في 21 منها.
ونجحت منتخبات أوروجواي والأرجنتين والبرازيل في الفوز باللقب خارج أرضها كما نجح منتخب باراجواي في ذلك مرة واحدة فقط وكانت في النسخة التي استضافتها بيرو عام 1953 وهو ما كرره منتخب تشيلي في النسخة الماضية عام 2016 بالولايات المتحدة.
وفي النسخ الثلاث الأخرى التي كانت فيها مباريات البطولة موزعة بين بلدان مختلفة دون مضيف محدد ، كان اللقب من نصيب بيرو في 1975 وباراجواي في 1979 وأوروجواي 1983 .
وإلى جانب كونه المنتخب الأكثر مشاركة في البطولة حيث غاب عن نسختين فقط كما يحمل الرقم القياسي لعدد مرات الفوز بلقب كوبا أمريكا (15 لقبًا)، كان منتخب أوروجواي هو الأكثر فوزًا باللقب على أرضه من بين جميع منتخبات كوبا أمريكا، حيث أحرز اللقب على أرضه وذلك في سبع مرات استضاف فيها البطولة على مدار تاريخها.كما يتساوى معه المنتخب البرازيلي في النسبة المئوية للنجاح على أرضه (100 %) حيث توج راقصو السامبا باللقب في كل المرات الأربع التي استضافت فيها البرازيل فعاليات البطولة.
وأكد منتخب أوروجواي المنافس العنيد للمنتخب الأرجنتيني الفائز باللقب 14 مرة أنه الأقوى بعد راقصي التانجو في البطولات التي استضافتها الأرجنتين حيث أحرز اللقب ثلاث مرات على ملاعب الأرجنتين التي توجت باللقب ست مرات على أرضها في تسع مرات استضافت فيها البطولة ولم يتوج أي منتخب آخر باللقب على أرض التانجو الأرجنتيني.
وجاء تتويج منتخب أوروجواي باللقب على أرض الأرجنتين في النسخة الأولى عام 1916 ثم في نسختي 1987 و2011 .وفي المقابل، لم ينجح المنتخب الأرجنتيني أو أي فريق آخر في التتويج باللقب على أرض منتخب أوروجواي أو على ملاعب البرازيل وهو ما يمنح المنتخب البرازيلي قدرًا كبيرًا من التفاؤل قبل خوض النسخة الجديدة على أرضه، حيث يأمل في استمرار هذا السجل الجيد في البطولات التي تقام على ملعبه.وبخلاف فوزه باللقب أربع مرات على ملعبه، توج المنتخب البرازيلي باللقب أربع مرات خارج ملعبه.
وفي المقابل، يتميز المنتخب الأرجنتيني، الذي غاب عن 4 نسخ لكوبا أمريكا، بأنه الفريق صاحب المركز الثاني في قائمة أكثر الألقاب برصيد 14 لقبًا، كما أنه الأكثر فوزًا بالألقاب خارج ملعبه برصيد 8 ألقاب 4 منها في تشيلي ولقبين في بيرو ومثلهما في الإكوادور.
والمثير للدهشة أنه حتى 1997، لم يكن المنتخب البرازيلي قد فاز باللقب خارج ملعبه، حيث كانت الأربعة ألقاب الأولى له على ملعبه على عكس مسيرته في بطولات كأس العالم حيث توج بالخمسة ألقاب خارج ملعبه.
وشهدت نسخة 1997 في بوليفيا أول لقب لمنتخب البرازيل في كوبا أميركا خارج ملعبه وهو ما تكرر في ألقابه الثلاثة الأخرى التالية بالبطولة والتي أحرزها أعوام 1999 في باراجواي و2004 في بيرو، و2007 بفنزويلا.
للنسخة الثانية على التوالي، سيكون على المنتخب البرازيلي خوض فعاليات بطولة كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا) بدون المهاجم الفذ نيمار دا سيلفا أبرز نجوم الفريق.
ويواجه المنتخب البرازيلي لكرة القدم اختبارًا صعبًا للغاية عندما يخوض فعاليات النسخة الـ46 من البطولة والتي تستضيفها بلاده خلال حزيران الحالي.وتمثل هذه النسخة اختبارًا في غير محله وبتوقيت غير مناسب بالنسبة لراقصي السامبا لأنها قد تضاعف محنة المنتخب البرازيلي في هذه الفترة العصيبة.
وبرغم مرور نحو 5 أعوام كاملة، لم يضمد المنتخب البرازيلي بعد جراحه الناجمة عن هزيمته الثقيلة 1 / 7 أمام نظيره الألماني في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل.
ويضاعف من صعوبة الاختبار على راقصي السامبا أن الفريق سيخوض هذه البطولة في غياب نيمار مهاجم باريس سان جيرمان.وقبل 3 سنوات، رفض برشلونة الإسباني مشاركة نيمار مع منتخب بلاده في النسخة المئوية من كوبا أمريكا والتي استضافتها الولايات المتحدة عام 2016 حيث كان نيمار لاعبا في برشلونة آنذاك.وأكد برشلونة وقتها رفضه مشاركة اللاعب في بطولتين متتاليتين خلال فترة عطلته الصيفية.
ولهذا، غاب اللاعب عن صفوف السامبا في كوبا أميركا ليحصل على الفرصة الكافية للراحة قبل المشاركة مع المنتخب الأولمبي في مسابقة كرة القدم بدورة الألعاب الأولمبية (ريو دي جانيرو 2016) والتي قاد فيها منتخب بلاده للميدالية الذهبية لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخ الدورات الأولمبية.
ثم جاءت الإصابة التي تعرض لها اللاعب الأسبوع الماضي خلال مباراة المنتخب البرازيلي الودية أمام نظيره القطري لتحرم نيمار من المشاركة في كوبا أميركا 2019 .
وينتظر أن يكون أكثر الخاسرين من غياب نيمار هو تيتي المدير الفني للمنتخب البرازيلي نظرا لعدم وصول الفريق حتى إلى الدور قبل النهائي في مونديال 2018 رغم نجاحه في إعادة الفريق نسبيا إلى تقديم أسلوب اللعب الجمالي.
وفي ظل غياب المواهب المؤثرة عن صفوف السامبا في السنوات الأخيرة، برز نيمار كنجم وحيد للفريق لكن الإصابة التي حرمت فريقه من جهوده في قبل نهائي المونديال 2014، حيث ودع راقصو السامبا المونديال على أرضهم بفضيحة كبيرة.والحقيقة أن غياب نيمار عن صفوف المنتخب البرازيلي يكشف المحنة التي يعيشها منذ سنوات، ولكن المنتخب البرازيلي يحتاج أولا إلى تعريف الداء لإيجاد الدواء المناسب له.
ولكن على ما يبدو أن بطولة 2002 كانت نهاية سطوع المواهب البرازيلية وتألق المنتخب البرازيلي حيث سقط الفريق في دور الثمانية بالنسختين التاليتين في 2006 بألمانيا و2010 بجنوب أفريقيا.
وبرغم بلوغه المربع الذهبي في 2014 على أرضه ووسط جماهيره، مني المنتخب البرازيلي بهزيمة مخزية 1 / 7 أمام نظيره الألماني، وفي العام التالي خسر السيلساو بقيادة مدربه كارلوس دونجا صدمة جديدة وتعرض لخيبة أمل كبيرة بالخروج من دور الثمانية لكوبا أمريكا 2015 في تشيلي على يد منتخب باراجواي.
ولم يستطع عبور الدور الأول (دور المجموعات) في نسخة 2016 قبل أن يسقط في دور الثمانية لمونديال 2018.ولكن الفريق حاليا قد يكون أكثر استقرارا حيث ظل تيتي مدربا للفريق رغم الخروج من دور الثمانية بمونديال 2018 في روسيا.
وكانت الألقاب الخمسة التي أحرزها المنتخب البرازيلي في بطولات كأس العالم، سببًا في أن يكون للبرازيل الحق في أن تطلق على نفسها لقب «بلد كرة القدم» ولكن قد تحتاج إلى وقت طويل لاستعادة هذا اللقب.
ويخوض المنتخب البرازيلي فعاليات الدور الأول للبطولة ضمن مجموعة متوسطة المستوى تضم معه منتخبات فنزويلا وبوليفيا وبيرو لكنه يحتاج إلى ضربة بداية قوية من أجل اكتساب الثقة ومصالحة الجماهير.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة