السينما وتحديات تعدد وسائل العرض

منذ اختراعها عام 1895 والسينما تلعب دورا هاما في تبادل الثقافات بين مختلف شعوب العالم، واستطاعت من خلال العديد من أفلامها من أن تؤثر في الكثير من الثقافات، وربما ساهمت كذلك في نقل الكثير من الافكار والرؤى بين الشعوب، حتى انها ساهمت في تطور ونمو الكثير من الحركات السياسية وروجت لأفكارها، خصوصا في فترة تنامي المد اليساري في ستينات القرن الماضي.
أذ تبنت السينما الترويج لهذه الافكار وكذلك دعم هذا المد الفكري اليساري ولعل أفلام مثل “” الفراشة ” ، و”” اضرابات و”” وزد “”و ” الحرية هذه الكلمة الحلوة “”و “” الكلب “”خير معبر عن تللك المرحلة والتي شاهدا الجمهور العراقي وتقبلها بشغف ، كذلك ساهمت السينما في التعرف على العادات الاجتماعية للكثير من الشعوب ، من حيث السلوك والعادات الأزياء وكذلك عمران المدن ، حتى ان السينما المصرية ولفترة طويلة من بداياتها كانت تحاكي نمظ العيش الامريكي والانكليزي والفرنسي ، ولم يتوقف هذا التقليد حتى ظهور مخرجوا الواقعية المصرية مثل صلاح ابو سيف ، ويوسف شاهين ، وغيرهم …… وقد أثرت السينما المصرية تحديدا بالمشاهد العربي لذلك قد لاتجد مواطنا عربيا لايفهم اللهجة المصرية الدارجة وبات على اطلاع بعادات وتقاليد الشعب المصري بمختلف شرائحه ، كذلك نقلت تاريخ العديد من الشخصيات التاريخية السياسية والدينية والثقافية ووثقته ….
ولعل الاهتمام والاقبال الاكبر على السينما كان في فترة الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي، وهي الفترة التي سبقت اختراع الجهاز المؤثر مستقبلا في حياة الناس والذي دخل كل البيوت “” التلفزيون “” وماشكله من تاثير مباشر على السينما، رغم ان الكثير من الدول لم تتاثر بهذا الاختراع الذي وصلها بعد فترة ليست بالقصيرة من تاريخ أختراعه……
ان التطور التقني الهائل الذي أستمر لعقود عدة على جهاز التلفاز ربما افقد السينما الكثير من بريقها ولم تعد تحظى بذلك الاهتمام الكبير الذي كان الجمهور يوليه اليها ، و كذلك فأن ظهور الستلايات وألانتشار الهائل للقنوات الفضائية قد ساهم كثيرا في تراجع عدد رواد دور العرض السينمائي ، وهي ظاهرة نستطيع ان نلمسها في جميع انحاء العالم ، وكذلك الانتشار الواسع لأ ستخدام الشبكة العنكبوتية الانترنت وأمكانية مشاهدة كم هائل من الأفلام عليها ، ولكن رغم ذلك فأن الافلام السينمائية لا يمكن الاستغناء عنها حتى في التلفزيون وهناك العديد من القنوات التي تخصصت في عرض الافلام السينمائية الروائية المختلفة سوءا العربية أو الأجنبية على مدار الساعة .
كذلك تخصص بعض القنوات بعرض الافلام الوثائقية ايضا والتي توثق لثقافات الشعوب والابداعات الانسانية المختلفة والتي اصبح لها جمهورها الواسع وتصرف لاجلها الكثير من الاموال وبعضها ربما ينتج لأغراض سياسية ودعائية، توزع في مناطق معينة لغرض عرضها كوسيلة تاثير على الشريحة التي تسكن هذه المناطق وحسب رأي ودافع وتوجه الجهة المنتجة لها، تصوير الواقع وتوثيقه وهو مايميز السينما الوثائقية أو التسجيلية عن الافلام الروائية ، لذلك فان المشاهد يأتي بقناعة مسبقة ان هذه الافلام تتحدث عن واقعة حقيقية لا وجود لتدخل مؤثر فيها مثلما هو حاصل في الافلام الروائية ، كذلك فأن التفزيون المدفوع الثمن أو “”بي تي في “”يعتمد في بثه على الافلام السينمائية وخصوصا الحديثة منها بسبب خاصية الدفع المسبق التي يمتاز بها وحرصه على ارضاء المشتركين في خدمة المشاهدة التي يقدمها .
اذا يمكن القول ان التراجع هو في اقبال المشاهدين على دور العرض وليس التراجع في مشاهدة الافلام السينمائية، وبالتالي فأن الجانب المهم في السينما كونها وسيلة اتصال جماهيرية ظل قائما والملايين في مختلف بقاع الارض مازالوا يشاهدون افلاما سينمائية من مناشيء عدة تحمل ثقافات وافكار البيئة والمكان الذي انتجها، وبالتالي بقيت اهميتها كوسيلة اتصال جماهيرية قائمة ولا يمكن اغفالها، فالتلفزيون متعدد المهام فهو يعرض الاخبار والبرامج السياسية والثقافية ، والتي تهم المشاهد اينما كان بالتاكيد خصوصا وان العالم وبسبب التطور التقني الهائل اصبح كما يقال قرية صغيرة بل اصبح بيت واحد ، ومازال للأفلام السينمائية ذاك السحر والبريق الذي يغري بمشاهدتها ومتابعتها والتأثر بما تطرحه من أفكار ورؤى وما تنقله من ثقافات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة