مع عشاق المكارم

-1-
المروءات والمكارم هي ميراثُنا من الآباء والاجداد ..
-2-
وعلى مدار التاريخ لا تعدم أنْ تجد رموزاً للنبل والأريحية .. ومكارم الاخلاق …
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح :
هل هم الأغلبون ؟
والجواب :
حتى اذا لم يكونوا الاغلبية الساحقة من الناس ، فانهم يُقيمون الحُجّةَ على مجايليهم ويثبتون لهم عمليا أنْالخير والبر لن يموتا على الاطلاق.
-3-
قد يرسل احد الأباء ولده الى السوق ليشتري له شيئا ،
وينطلق هذا الولد الى السوق مسرعا لشراء ما أراده أبوه ، ولكنه يرى في السوق رجلاً يستعطف الناس لمساعدته،حيث احتاج الى مراجعة الطبيب وهو لا يملك ما يفي بتقديم أجرة الفحص للطبيب، ودفع ثمن ما يكتب له من أدوية …
فيحمله التفاعل مع هذا البائس المعدم على أن يقدّم له ما حمله معه من النقود، ويعود الى والده ليخبر بالقصة
هنا قد تختلف المواقف .
سيلقى الولد تشجيعا وثناءً مِنْ والده متى ما كان رجلاً من ذوي القلوب الرقيقة، ومحباً لاغاثة المكروبين، وبهذا ينّمي في الولد حِسَهُ الانساني
وقد يصبّ الاب جام غضبه على ولده مؤنبا ومنكرا عليه فِعْلَهُ
وبهذا يعيق اندفاعاته للمبادرات الانسانية الطيّبة…
وحين يقف الناس على الخبر فانَّ اكثريتهم يمتدحون الأب الذي زرع في نفس ولده حب الخير ، وشُكْرَهُ على حسن صنيعه، ويلومون الثاني الذي اختار لنفسه البعد عن الاسهام في اطفاء نار الحاجة والفاقة عند انسان عضته الحاجة وعصفت فيه أعاصير الفقر .
-4-
من المهم ان يروض كل واحد منا نفسه على الاحساس بالآمالآخرين ، والذبّ عنهم بمقدار وسْعِهِ وطاقته ..
وهذا هو التكافل الاجتماعي المطلوب،
وهو الطريق الى اشاعة روح المحبة والوئام والتعاون بين أفراد المجتمع كله
المثال التاريخي :
جاء في ترجمة مندل بن علي المكنى بأبي عبد الله العنزي – وكان من رجال الحديث المعروفين في الكوفة أيام المهدي العباسي – :
انّ جارية مرّت معها سلّةٌ فيها رطب ،
فنظر اليها (مندل) فظن أنَّ السلةَ قد أهديتْ له ،
فقال :
قَدِّمِيها قدميها
وقال لمن حَوْلَهُ :
كُلوا ،
فأكلوا ما فيها ،
وانصرفت الجارية الى سيدها .. فقال لها :
ما أسرع ما جئتِ ؟
فقالتُ :
وقفت أسمعُ من هذا الشيخ
فقال :
قِدّمي السَلّة ،
ففعلتُ
فأكل الذين حوله ما فيها …
وكان سيد الجارية رجلاً من العرب
فقال :
ها أنتِ حرّة لوجه الله عز وجل …
وهذا يعني منتهى الرضا والسرور بما قامت به الجارية ، الأمر الذي يكشف عن عمق النبل والمروءة عند سيدها
لقد اعتقها إكراما لها وَلِصَنيعِها
وهكذا ينبغي ان يكون التعامل مع الاطياب وأصحاب المبادرات النبيلة .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة