انعدام معدات النجاة والسلامة وغياب الشرطة النهرية والدفاع المدني من أسباب غرق العبارة

ما لم ينقله الإعلام عن فاجعة الموصل..

نينوى ـ خدر خلات:

يجلس شابان موصليان يافعان على الارض قبالة جزيرة ام الربيعين السياحية، وبين فينة واخرى ينهار احدهما ببكاء صامت، يقول (ياسر) “كنا اربعة اصدقاء اتينا الى هنا للترفيه عن انفسنا، اثنان منا صعدا بالعبّارة، احدهم تم انتشال جثته، ونحن بانتظار صديقنا الرابع”.!
قبالة دائرة الطب العدلي بالموصل، العشرات من الاباء والامهات يترقبون كل شاردة وواردة، يحاولون اقناع انفسهم بان ابناءهم المفقوين قد يكونوا من ضمن الاحياء، الحاج عمر يقول لـ “الصباح الجديد” وهو يغالب دموعه “ابني وزوجته وطفلاه مفقودون منذ امس، لم اعثر على اي خبر ولا جثة”، ينهار بدموع ويمسحها بطارف غترته البيضاء.
الشاب عبد الناصر، امام احدى المشافي، يبدو كانه فقد عقله مع فقدان 11 شخصا من عائلتيه كما قال “نحن عائلتان ذهبنا للجزيرة السياحية، كنا 13 نفرا، انا لم اركب العبارة، لكنهم جميعا فعلوا، عثرت على جثة قريب واحد فقط، وابحث عن جثث الـ 11 الاخرين”.. ثم يبدأ بالعويل وتوجيه النقد اللاذع للمقصرين والجهات الحكومية.
وبسخرية مريرة، انتقد ناشطون موصليون نداء لاحدى ابرز المشافي التي طالبت الاهالي بجمع “بطانيات” للنقص الحاد فيها، عادين ذلك من احد ابواب الفساد..
الاربعيني شمال حسن يقول بحزن “لقد غرقت امي في عيد الام، اخذتها في جولة تكريما لها ولعيدها، اما زوجتي واطفالي الثلاث فلا اعلم شيئا عنهم، واخشى انهم غرقوا ايضا”.
الغواص ابراهيم عاصم المشهداني ، انقذ العديد من الناس بمعداته الخاصة، ويقول بكلمات استجداء مفعمة بالحزن وهو يقف على شاطئ النهر قرب محل الحادث “ليس لنا معدات غطس وكلها من جيبنا الخاص، لا يوجد اي شخص يدعمنا، لا زوارق ولا معدات، هنالك جثث تحت العبّارة التي اصبحت مثل القفص فوق الغرقى، نريد معدات فقط ونحن متطوعون ونغامر بارواحنا لانتشال الجثث، خاصة قناني الاوكسجين الخاصة بالغوص”.
ويضيع نداء المشهداني امام عويل ونحيب ذوي الضحايا على جانبي نهر دجلة الذي بات ينال حظه من اللوم بسبب موت اكثر من 100 مواطن من الرجال والنساء والعشرات من المفقودين.
الشرطي نوفل اسماعيل حمود الجبوري، صادف وجوده قرب الحادث، ولانه سباح ماهر اسهم بانقاذ العشرات من المواطنين الناجين من غرق العبارة.
ناشطون اخرون، دعوا اهالي الموصل الى التوجه لمنطقة تقع بين مطار الموصل وقرية البوسيف بعد حاوي الطيران و يارمجة، والتي يحدث فيها التواء حاد في نهر دجلة، حيث كان الناس يتوجهون اليها سابقا في حالات حدوث الغرق لكون المنطقة تقوم بحصر جثث الغرقى، مشيرين الى ان هذه المعلومة قد تساعد في العثور على مفقودين من حادثة غرق عبارة الجزيرة السياحية.
يقول احد الناشطين ان “العباره ليست بالمستوى المطلوب لهكذا حمولة ومستوى استيعابي وهي بالاصل كانت تستخدم بالجيش وتحديدا للفيلق الخامس عام 1998 وتم اعارتها للجزيرة السياحية ثم بعد اعمار الجزيرة تم طلاؤها فقط وهي لا تستوعب حمولة 50 شخصا فقط”.. بينما يقول البعض انه تم تحميلها اربع اضعافها فوق قدرتها”.
ويقول اخرون ان ” من اسباب الغرق، الحمولة المضاعفة الزائدة عن طاقتها، عدم وجود صيانة دورية للعبارة، عدم الاهتمام بتحذيرات الموارد المائية لمنسوب المياه، وعدم الانصياع لاوامر النجدة التي طلبت اغلاق الجزيرة”.
وعن اسباب وفاة عدد كبير من الركاب، يقولون ايضا “عدم وجود ستر نجاة، عدم وجود شرطة نهرية حقيقية لها زوارق ومعدات، عدم وجود اي اجراءات سلامة للناس العابرين”.
التضامن مع ذوي الضحايا كان كبيرا جدا، لكن البعض من سكان القرى والبلدات المتاخمة لنهر دجلة جنوبي الموصل، تضامنوا بطريقتهم الخاصة، من خلال تشكيل فرق تطوعية راجلة واخرى بزوارق بدائية للبحث عن ناجين محتملين او جثث الغرقى.
كما ان القوات الامنية اسهمت بهذا الجهد وانتشلت عددا من الجثث، والبحث مستمر عن ضحايا من شتى الاعمار، بعضهم اطفال في الاشهر الاولى من اعمارهم وبعض آخر في العام الرابع لا اكثر.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة