خلال مشاركته في اعمال المنتدى العربي الافريقي لمكافحة الارهاب والتطرف ببغداد
بغداد ـ الصباح الجديد:
اكد رئيس تحالف الاصلاح والاعمار السيد عمار الحكيم ان محاربة الارهاب والتطرف ليست مسؤولية دولة لوحدها او مجتمع دون اخر لان الجميع ليس بمنأى عن تداعيات الارهاب والتطرف ، مشيرا الى ان لاستقرار المستدام في العراق يمثل ركيزة اساسية لاستقرار منطقة الشرق الاوسط،
وقال السيد عمار الحكيم في كلمته باعمال المنتدى العربي الافريقي لمكافحة الارهاب والتطرف «ان عقد هذا المؤتمر يعبر عن ارادة عراقية للانفتاح على عالم اوسع ، ويتبنى سياسة جديدة لرفض الممارسات والتهديدات والصراعات الداخلية والنزاعات الإقليمية».
واضاف «اسمحوا لي ان اجدد العزاء لأبناء شعبنا العراقي الوفي سيما ابناء الموصل الحدباء وعائلات الضحايا بفاجعة العبارة واجدد المطالبة بمحاسبة المقصرين وتعويض اسر الضحايا واتخاذ الاجراءات المطلوبة للمنع من وقوع هذه الكوارث في المستقبل « ، لافتا الى إن انعقاد هذا المؤتمر في بغداد وبهذا الحضور المهم لقيادات من القارة الافريقية يعبر عن ارادة عراقية في الانفتاح على القارة السمراء وتعزيز التعاون وتبادل المصالح ضمن المشتركات الكبيرة التي تخصنا».
واشار السيد عمار الحكيم الى ان «العالم شهد ومنذ اكثر من عقدين موجة جديدة مختلفة من التحديات والتهديدات الامنية والفكرية، كان ورائها طيف واسع من المجموعات والتنظيمات والتوجهات التي تبنت العنف والارهاب لتحقيق اهدافها ، ووفرت لها البيئة العالمية الجديدة ادوات مضافة لزيادة فاعليتها وقدرتها على تهديد امن وسلم المجتمعات والدول».
وقال «ظهرت لدينا تهديدات من نوع مختلف، منها من يستخدم التكنولوجيا والفضاء الذي خلقته ، ومنها من استغل ظروف الانفتاح الاقتصادي وحرية التنقل ، ومنها من استغل الخلافات والنزاعات الداخلية وظروف عدم الاستقرار في كثير من الدول، وغير ذلك، لإيقاع الضرر بالأرواح والممتلكات والبنى التحتية، واللعب على اوتار الانقسامات الدينية والمذهبية والقومية والسياسية لتعميق تلك الخلافات»، مبينا ان تلك التهديدات كونها تختلف في مضمونها واداوتها عن السابق, فإنها تتطلب اجراءات وقائية وأخرى اعلامية، نقول وقائية لان استباق حصول التهديد الامني هو الهدف الاساس ويأتي بعده العلاج في حال وقوع الاعتداء الارهابي في سرعة التعامل مع الحدث ومحاسبة مرتكبيه وتطويق الاثار والتداعيات الناتجة عنه».
وأضاف «في هذا الصدد وباستباق التهديدات يبرز لدينا التعامل مع الفكر والمنهج المؤدي الى الارهاب ليصبح هو الاولوية القصوى, فالإرهاب لن يصل الى مبتغاه الا عندما يكون هناك من يدعم منطلقاته الفكرية والايديولوجية المتطرفة، ويؤمن الملاذ الامن لخلاياه ويغطي افعاله سياسياً او اعلامياً او اجتماعياً «.
وقال السيد عمار الحكيم «ان التطرف يجد بيئته الخصبة في ظروف عدم الاستقرار السياسي، وفشل جهود التنمية وتقديم الخدمات، وانتشار مظاهر الجهل والبطالة، وغياب الدور الفاعل لمؤسسات التنشئة الاجتماعية وفي مقدمتها المؤسسات التعليمية»، وتابع « قد لا نبالغ اذا قلنا ان الهدف السامي الذي تسعى اليه الانسانية في مختلف اتجاهاتها الدينية والفكرية، هو بناء الانسان الصالح في المجتمع الصالح، وهو المدخل الاساس لمكافحة الفكر المتطرف».
ولفت الى ان «هذا الهدف ليس هدفاً مرتبطاً بدولة او مجتمع محدد، وانما هو هدف انساني، فكما ان تهديد التطرف هو تهديد للإنسانية، فان بناء الانسان هو في مصلحة الانسانية ككل، ويستلزم تحقيق هذا الهدف تعاوناً وتنسيقاً على مستوى عالمي بعيداً عن التوجهات والمصالح الضيقة، فما من بلد او مجتمع بمنأى عن تهديد التطرف والإرهاب».
وتابع قائلا « لربما نجد ان منطقتنا العربية والافريقية ، هي من اكثر مناطق العالم التي اكتوت بنار التطرف والارهاب، ولا غرابة في ذلك، فهي منطقة التقاء كافة الاديان والمذاهب والمشارب الفكرية، وهي منطقة تقاطع المصالح والاجندات الدولية، وهي المنطقة التي عانت على مدار عقود من ظروف عدم الاستقرار، واختلالات عملية التنمية، وانعكاساتها على مجتمعات بلدان هذه المنطقة، ان الخروج من دوامة التطرف والعنف وعدم الاستقرار يستلزم ان تتظافر جهود بلدان هذه المنطقة ومجتمعاتها ومؤسساتها المختلفة السياسية والاجتماعية والدينية والاعلامية والتعليمية، ضمن منهج واحد يقود الى بناء الانسان ومواجهة مسببات التطرف ، وتحقيق الاستقرار».
وقال السيد عمار الحكيم « نحن في مركب واحد وطبيعة التهديدات التي تواجهنا واحدة، في مصادرها وحواضنها واهدافها ونتائجها، لذا فإنني ادعو الى ان يكون هذا المؤتمر منطلقاً لعمل اكبر تنخرط فيه كافة المؤسسات التي ذكرتها ضمن مسار يحقق تلك الغاية، ان حواراً صادقاً بين الأديان والمذاهب يتلمس نقاط الاشتراك والالتقاء، واستثمار القوى المجتمعية والعشائرية ومنظمات المجتمع المدني وتأثيرها في ترسيخ الوئام المجتمعي وإشاعة ثقافة التعايش والقبول بالآخر المختلف دينياً او مذهبياً او قومياً او سياسياً، والاهتمام بتنشئة الجيل الجديد والشباب والمرأة والطفولة، والحفاظ على حقوق المكونات والأقليات، ووضع المحددات المنطقية في التعاطي مع السوشيل ميديا، واحترام سيادة البلدان واستقلالها السياسي وتعميق هويتها الوطنية بعيداً عن الاحتلال والهيمنة الأجنبية والتدخل في شؤونها الداخلية، تمثل مداخل مهمة لمعالجة وتطويق الفكر المتطرف وآثاره الهدامة على مستوى الأمن والبناء الاجتماعي».
وأشار الى ان «العراق عانى لفترة طويلة، سيما بعد سقوط النظام الديكتاتوري، عام 2003، من ارهاب وتطرف غير مسبوق، غذته مصالح واجندات مختلفة كانت شرارته الاولى في تفجير مقر الامم المتحدة في بغداد، وفي استهداف شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره).
دخل العراق بعدها في نفق مظلم كان تفجير مرقد الامامين العسكريين (ع) في سامراء، احد اهم مفترقاته الخطيرة، حيث شهدت بغداد احداثاً غير مسبوقة، ففي اليوم الواحد كان هناك بين 25-30 انفجار لسيارات ملغمة والعشرات، وربما المئات من العمليات الاخرى في جميع انحاء العراق».
وأضاف « كان الهدف الواضح والجلي لتلك الاعمال هو ممارسة الابادة الجماعية ضد الشعب العراقي، ودق اسفين الفرقة والتناحر بين ابناء الوطن الواحد، ان جهود الحكومات العراقية المتعاقبة، وحرص القوى السياسية العراقية على التعاطي بمسؤولية مع تحدي الارهاب، والخطاب الديني المعتدل لمعظم القيادات الدينية، وفي مقدمتها المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف المتمثلة بالإمام السيد السيستاني ( دام ظله الوارف ) ، وقبل ذلك كله تماسك ووطنية ابناء شعبنا العراقي، افضت بالنتيجة الى كسر شوكة الارهاب، وقادت الى تحقيق الانتصار الحاسم بتحرير ارضنا من الاحتلال الداعشي البغيض، فبقدر التحدي كانت استجابة ابناء شعبنا وقواه الوطنية الحية لذلك التهديد الكبير».
وأشار السيد عمار الحكيم الى «ان التجربة التي عاشها العراق تمثل تجربة كبيرة في مضامينها، والخبرات التي اكتسبتها الاجهزة العراقية المختلفة، وكذلك الادوار التي لعبتها مؤسسات الدولة والمؤسسات السياسية والاجتماعية في التصدي للإرهاب، هذه التجربة يمكن ان تكون في خدمة البلدان الاخرى للاستفادة منها، اننا في العراق ندرك جيداً ان تحدي الفكر المتطرف ومخلفات داعش، فيما تضمنته المناهج التعليمية في المناطق المحررة، ومئات من الاطفال الذين تأثروا بالفكر الداعشي، والظروف الامنية والاجتماعية والاقتصادية التي عاشتها تلك المناطق في ظل الاحتلال الداعشي، كل ذلك يمثل تحديات اساسية تحتاج منا كعراقيين وبمساندة اشقائنا واصدقائنا، ان نتعامل معها لكي لا تتحول مستقبلا الى ارهاب بأشكال جديدة».
وقال السيد عمار الحكيم «ان الاستقرار المستدام في العراق يمثل ركيزة اساسية لاستقرار منطقة الشرق الاوسط، وهو ما اصبحت دول العالم تدركه وتتعامل على اساسه، فمتى ما استقر العراق فان الشرق الاوسط سيستقر، ومتى ما استقر الشرق الاوسط فان محيطه في اوربا واسيا وافريقيا سيكون اكثر استقراراً».