استفتاء الانفصال.. ورقة ضغط أم حقيقة؟

سلام مكي
كاتب عراقي
اخيرا، تم تحديد موعد لإجراء الاستفتاء على استقلال اقليم كردستان عن العراق. وهو يوم 25/ 9/2017 والمطلوب من بغداد والدول الاقليمية، ان تبارك هذه الخطوة التي هي حق مشروع للشعب الكردي التوّاق الى الخلاص من اغلال العراق، التي ادمت معاصمهم. هذا التطور الذي صاغه الحزبان الرئيسان في كردستان، مع مقاطعة التغيير، وبقية الفصائل والأحزاب السياسية في الاقليم، جاء في وقت، حرج، خطير، يتمثل بقرب الخلاص من داعش، وتحرير كامل الموصل من سيطرة الارهاب، في وقت، يعاني البلد من أزمة مالية خانقة، مقابل تزايد الانفاق العسكري بنحو متسارع جراء الحرب مع داعش. هذا الظرف الذي يفترض ان يكون سببا في توحد جميع العراقيين، لمواجهته والوقوف بوجهه. قيادة الاقليم، كان لها رأي آخر، فهي سارعت الى اعلان انها بصدد التحضير للانفصال عن العراق، سبقتها تصريحات لمسؤولين أكراد، حول موضوع الحدود الادارية للإقليم، حيث قال مسؤول كردي: انه لا وجود لمفردة: المناطق المتنازع عليها في قاموس السياسة الكردية، ذلك ان الأراضي التي تسيطر عليها البيشمركة تحررت بدماء الأكراد، وبالتالي، فلا مجال للانسحاب منها وتسليمها الى اهلها او الى الشرطة الاتحادية او أي قوة امنية عراقية. مما يعني ان المشاركة الكردية في الحرب ضد داعش، انتهت عمليا، بعد ان سيطرت القوات الكردية على الأراضي التي تعتقد انها تابعة للإقليم. ولأول مرة تتفق تصريحات الادارة الاميركية مع قيادة الحشد الشعبي حول الاستفتاء المزمع اجراؤه. حيث بينت الادارة الاميركية ان الاستفتاء سيصرف الانتباه عن الحرب على داعش، في حين بين قيادي في الحشد، ان اجراء الاستفتاء هو استغلال انشغال الحكومة والجهات السياسية بالحرب على داعش. وحين سئل المستشار الاعلامي لرئيس الاقليم المنتهية ولايته مسعود برزاني، حول اختيار هذا الوقت بالذات، لإجراء الاستفتاء، قال: ان كل الاوقات في العراق هي حروب وأزمات، ولا يمكننا الانتظار مئة عام اخرى حتى يهدأ الوضع ويتم اجراء الاستفتاء! بالعودة الى الموقف السياسي، لحكومة بغداد التي تتألف من وزراء شيعة وسنة وأكراد، بينت في موقفها ان علاقاتها مع الاقاليم والمحافظات غير المرتبطة بأقاليم هو الدستور وبما ان الدستور لم يشر صراحة الى حق الاقاليم والمحافظات الاخر بحق تقرير المصير فإنها ترفض هذا الاجراء وتعده بداية للتقسيم. ولا نعلم فعلا: على أي اسس تستند ادارة الاقليم، ووفق اي قانون سيجرى الاستفتاء! هل هو قانون خاص بالاقليم؟ ام قانون اتحادي؟ ام قانون دولي؟ وهل ثمة مباركات من دول اقليمية لهذا الاجراء؟ هل الشعب الكردي يوافق على هذه الاجراء؟ نعم سيوافق وبنسبة تأييد عالية للانفصال عن العراق، كون ان حلم الدول الكردية، هو حلم قومي كبير، حلم كل الاكراد. هذا هو تصريح لأحد اعضاء دولة القانون الذي بين انه لا يعني بالضرورة تحقيق حلم الاستقلال نظرا للظروف الداخلية والاقليمية! ولا أهمية للوضع الاقتصادي للاقليم، ولا للفساد المستشري، ولا للثروات التي لا يعرف احد اين تذهب وارداتها. المهم هو اجراء الاستفتاء على اعتبار انه غاية بحد ذاته. وهذا ما اكده استطلاع اجرته فضائية كردية، كانت نتيجته ان اغلب المواطنين الذين التقت بهم في الشارع يؤيدون الاستقلال، عدا مواطن واحد وهو مثقف كردي وكاتب، تحدث بشكل مغاير عن السابقين. القيادة الكردية، حين حددت موعد الاستفتاء، لم تبين معه واقع الاقليم بعد الاستقلال، طبيعة النظام، شكله، فلسفة الدولة الكردية، ضمان تعاون الدول الاقليمية معه، العلاقة مع العراق. ما تم حسمه فقط، هو حدود الاقليم التي اختصرت النصوص الدستورية والقانونية، بتصريح لسياسي كردي، قال ان كل شيء حسم! نعود الى مسألة غاية في الأهمية وهي: طبيعة العلاقة الحالية بين بغداد وأربيل! وهل فعلا ثمة شكل للدولة الموحدة؟ وما هي المشتركات بينهما.. الجانب المالي، وحصة الاقليم من الموازنة الاتحادية العامة للدولة، هو اهم وابرز عامل مشترك بين الجانبين، اضافة الى تقاسم المناصب وتحديد حصص الأكراد في الحكومة والبرلمان. هذه ابرز المشتركات، ولا نتصور ان ثمة مشتركات أخرى بين الجانبين، حيث ان الاقليم، غالبا ما يعقد صفقات واتفاقات تجارية وتخص النفط والتصدير والتنقيب بنحو منفرد دون الرجوع الى بغداد، اضافة الى الكثير من التصرفات التي تقوم بها القيادة الكردية، والتي تنم عن عدم اكترث بحكومة بغداد، كلها امور تدل على هشاشة العلاقة بين الجانبين. فما الذي سيضيفه الاستقلال لواقع الحال؟ ربما ستحرم الحكومة الاتحادية من المبالغ المالية التي تحصل عليها من اربيل، جراء بيع كميات محددة من النفط، في وقت، سيتوفر لها مبالغ ضخمة، وهي حصة الاقليم البالغة 17% من الموازنة، اضافة الى تغير معادلة تقسيم الحصص والمناصب الحكومية، حيث سيخرج الطرف الكردي من التقسيم، ويبقى طرفان فقط، اذ لا رئيس جمهورية كردي، ولا نائب رئيس البرلمان ولا نواب للكرد في البرلمان، وامور كثيرة، قد تؤثر بنحو كبير على الكرد والحكومة العراقية بنفس الوقت. الأمر يحتاج الى دراسة وتحليل. الانفصال، امر ليس جديدا وهذه ليست اول مرة يطرح الأكراد قضية الانفصال عبر الاستفتاء، لكن هذه المرة تم تحديد موعد، ولا نتصور ان ثمة مجال للتأجيل او تعليق الأمر، برغم ان سياسيا من التغيير، قال ان الامر مجرد ورقة ضغط لا أكثر.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة