قاتل المسلمين في نيوزيلندا يمثل امام المحكمة ورئيسة الوزراء تصف يوم الفاجعة ب»أحلك الأيام»

ينذر بتنامي اليمين المتطرف وخطاب الكراهية في اوربا

متابعة ـ الصباح الجديد :

مثل الأسترالي برينتون تارانت منفّذ الاعتداء الإرهابي على مسجدين في مدينة كرايست تشيرش، صرع 49 مسلما وجرح اعدادا أخرى اثناء تأديتهم صلاة الجمعة امس الأول في نيوزيلندا، أمام محكمة في المدينة امس السبت، وجهت له تهمة القتل، فيما ارتدت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن الحجاب للتعبير عن تعاطفها مع ذوي الضحايا، خلال زيارتها امس السبت مركز «كانتربري» للاجئين في المدينة نفسها.
ووصلت أرديرن امس السبت إلى مدينة كرايست تشيرش التي شهدت الهجوم الإرهابي على المسجدين، والتقت بممثلين عن مركز اللاجئين.
وفي حديثها أعربت رئيسة الوزراء عن «تعاطفها وحبها لكل المجتمعات المسلمة».
وفيما راح ذوو الضحايا يدفنون فقيديهم، مثل المتطرف الأسترالي برينتون تارانت منفّذ الاعتداء الإرهابي على مسجدي مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا امس أمام المحكمة بالمدينة حيث وجهت له تهمة القتل.
واستمع مدرّب اللياقة البدنية السابق والناشط اليميني وهو مكبّل اليدين ويرتدي قميصا أبيض يلبسه المعتقلون، إلى التهمة الموجّهة إليه دون إبداء أي ندم، أو مطالبة بالإفراج عنه بكفالة.
وعقدت الجلسة الأولى وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث كانت هناك دعوات لقتل تارانت دون محاكمة، فيما ذكرت صحيفة محلية أن شخصا حاول التسلل إلى قاعة المحكمة وبحوزته سكين لطعن المتهم.
وسيظل سفاح المسجدين في السجن حتى مثوله مجددا أمام المحكمة في الخامس من نيسان المقبل، ورجحت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن، التي سبق أن وصفت الجريمة بأنها عمل إرهابي، أن يواجه تارانت تهما أخرى إضافة إلى جرم القتل.
وهاجم تارانت المسجدين أمس الأول الجمعة، وقتل 49 شخصا وأصاب العشرات، في يوم اعتبرته أرديرن «أحلك أيام» نيوزيلندا في تاريخها
وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، أن واحداً من منفذي الهجوم أسترالي، وصفه بأنه «إرهابي متطرف يميني عنيف». وأشار الى أن أجهزة الأمن الأسترالية تحقق في شأن روابط محتملة بين أستراليا والهجوم، مؤكداً دعمه لنيوزيلندا. واضاف: «لسنا حليفين فحسب، ولسنا شريكين فحسب، نحن عائلة».
وذكرت أرديرن أن الشرطة اعتقلت 4 اشخاص، بينهم امرأة، لديهم آراء متطرفة لكنهم لم يكونوا على أيّ من لوائح المراقبة. واضافت: «الهجوم واحد من أحلك أيام نيوزيلندا. ربما كان كثيرون ممّن تأثر به مهاجرون لنيوزيلندا. بل ربما كانوا لاجئين هنا. اختاروا أن تكون نيوزيلندا موطنهم، وهي كذلك. لا يمكن وصف ذلك سوى بأنه هجوم إرهابي، تم التخطيط له بشكل جيد وفق معلوماتنا».
واشارت إلى «العثور على عبوتين ناسفتين مثبتتين على سيارتين مشبوهتين، وتفكيكهما». وأعلنت رفع مستوى الإنذار الأمني في البلاد «من متدنٍّ إلى عالٍ وتعزيز ردّ وكالاتنا على الحدود وفي المطارات»، وزادت: «لدينا مستوى ردّ مشدد على كل المستويات».
واستهدف الاعتداءان مسجد النور وسط مدينة كرايست تشيرش، وأوقع 41 قتيلاً، ومسجداً في ضاحية لينوود التابعة للمدينة. وأعلن مفوّض الشرطة مايك بوش مقتل 49 شخصاً في المسجدين، مشيراً الى أن شاباً في أواخر العشرينات مُتهم بارتكاب الهجوم.
وذكرت سلطات الصحة في نيوزيلندا أن حوالى 48 شخصاً، بينهم أطفال، يعالجون في مستشفى بعد الهجوم. وأضافت أن الجروح تراوحت بين طفيفة وبالغة الخطورة، علماً ان أرديرن تحدثت عن 20 شخصاً أُصيبوا بجروح بالغة.
وقال فلسطيني كان في أحد المسجدين: «سمعت 3 طلقات نارية سريعة، وبعد 10 ثوانٍ، بدأ كل ذلك. لا بدّ وأنه سلاح آلي، اذ لا أحد يستطيع أن يضغط على الزناد بهذه السرعة. بعد ذلك بدأ الناس يخرجون وهم يركضون، وبعضهم كان مغطى بدماء».
وذكر شاهد كان داخل مسجد النور أن المسلّح أشقر وكان يرتدي خوذة وسترة واقية من الرصاص. واقتحم الرجل المسجد فيما كان المصلّون راكعين. واضاف: «كانت معه بندقية كبيرة. دخل وفتح النار على الجميع في المسجد في كل اتجاه». ولفت الى أنه تمكّن من الفرار مع آخرين، بعدما حطّموا باباً زجاجياً.
ونشر أحد مهاجمي المسجدَين بياناً عنصرياً على «تويتر»، قبل أن ينقل مباشرة تسجيلاً مصوراً لجريمته عبر «فيس بوك لايف». واشارت الشرطة الى «صور مؤلمة جداً مرتبطة بالحادث يجري تداولها على الانترنت»، مضيفة: «نوصي بشدّة عدم مشاركة الرابط. نعمل على سحب تلك التسجيلات».
في السياق ذاته، قال ناطق باسم وزارة الداخلية النيوزيلندية: «محتوى الفيديو مزعج وقد تكون له آثار غير مرغوب فيها على الناس. إنها مأساة حقيقية مع ضحايا حقيقيين، وعلينا أن نشجّع الناس على عدم مشاهدة أو مشاركة هذا الفيديو».
ويُظهر التسجيل عبر «فيس بوك لايف» رجلاً أبيض بشعر قصير يصل بسيارة إلى مسجد النور، ثمّ يبدأ بإطلاق النار لدى دخوله. كذلك أظهر التسجيل مصلّين، ربما كانوا قتلى أو مصابين، وهم راقدون على أرضية المسجد. كما ظهرت أسلحة استخدمها مطلق النار، كُتبت عليها أسماء باللغة الإنكليزية وبلغات أوروبية غربية، لشخصيات عسكرية تاريخية، بينهم أوروبيون قاتلوا القوات العثمانية في القرنين الخامس والسادس عشر.
ونُشر «بيان» يشرح دوافع الهجوم، على حساب على «تويتر» يحمل الاسم والصورة الشخصية ذاتهما لحساب «فيس بوك» الذي نقل الهجوم مباشرة. وعنوان البيان الذي سمّاه «مانيفستو»، «الاستبدال الكبير»، ويشير نصه (73 صفحة) إلى أن المعتدي أراد مهاجمة مسلمين. ويبدو عنوانه مستوحى من نظرية للكاتب الفرنسي رونو كامو في شأن اندثار «الشعوب الأوروبية»، التي «تُستَبدَل» بشعوب غير أوروبية مهاجرة. وباتت هذه النظرية منتشرة لدى أوساط اليمين المتطرف.
ويذكر المهاجم في النص أنه مولود في أستراليا من عائلة عادية وعمره 28 سنة. وأضاف أن إحدى اللحظات التي دفعته إلى التطرف كانت هزيمة زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن في انتخابات الرئاسة عام 2017، وهجوم بشاحنة في ستوكهولم عام 2017، أوقع 5 قتلى بينهم طفلة عمرها 11 سنة.
كذلك نشر منتدى «إنفنيت تشان»، المعروف بتقديم محتوى يتضمّن خطاب كراهية، تدوينة مجهولة تضمّنت رابطاً للبث المباشر للهجوم، إضافة إلى بيان يندد بالهجرة، ورد فيه أن الاختيار لم يقع على نيوزيلندا لتنفيذ الهجوم في البداية، لكنها اختيرت بعدما تحدّد أنها «هدف ثري وبيئة لا تقّل عن مثيلاتها في الغرب». وأضاف البيان أن تنفيذ هجوم في نيوزيلندا سيثبت أن «لا مكان آمناً في العالم وأن الغزاة منتشرون في كل أراضينا، حتى في أبعد بقاع العالم»، وتابع: «لم يعد هناك موطئ قدم آمن خال من الهجرة الجماعية».
وأغلقت قوات الأمن لفترة وجيزة محيط وسط مدينة كرايست تشيرش، وطلب من المسلمين تفادي الذهاب إلى المساجد «في كل أنحاء نيوزيلندا». كذلك أغلقت كلّ المدارس في المنطقة، وطلبت من السكان «الامتناع عن الخروج إلى الشوارع والإبلاغ عن أيّ تصرف مشبوه». وأغلقت مباني عامة، مثل المكتبة المركزية. كما فجّرت الشرطة حقيبتين، كانتا متروكتين قرب نقطة حراسة في أوكلاند.
واثارت المجزرة صدمة لدى سكان بلد يقع جنوب المحيط الهادئ، معروف بالأمان والتسامح، يندر فيه العنف باستخدام الأسلحة النارية. وافاد تعداد للسكان صدر عام 2013، بأن 46 ألف شخص في نيوزيلندا يعرّفون عن أنفسهم بأنهم مسلمون، ويشكلون حوالى 1 في المئة من السكان، أكثر من ثلاثة أرباعهم من مواليد دول أخرى.
وأظهرت دراسة نشرتها جامعة فيكتوريا في ويلينغتون عام 2011 أن النظرة الى المهاجرين الآتين من دول تقطنها أغلبية مسلمة، أقل إيجابية من النظرة الى المهاجرين الآتين من بريطانيا ومناطق أخرى. واشارت الى أن الخطاب الإعلامي يشير إلى أن كثيرين من النيوزيلنديين لا يثقون بالمهاجرين المسلمين، وربما لا يحبذون استقبالهم.
وقال بول بيوكانن، وهو محلل سابق في شؤون الاستخبارات والدفاع، إن خطر جماعات النازيين الجدد في نيوزيلندا معروف. واضاف: «في كرايست تشيرش مجتمع نشط جداً للمؤمنين بتميّز العرق الأبيض، مجتمع هاجم لاجئين وأصحاب بشرات ملونة في مناسبات مختلفة خلال السنوات العشرين الماضية. هذا يثبت أننا لا نعيش في بيئة حميدة في هذا العصر والأوان. أصابنا فيروس التطرف وكان مصدره المؤمنون بتميّز العرق الأبيض، لا المجتمع الإسلامي الذي استُهدف الآن».
وأعلن قائد شرطة مكافحة الإرهاب في بريطانيا نيل باسو، أن أفراد الجهاز مستعدون لمساعدة أقرانهم في نيوزيلندا «في التحقيق في شأن هذا الهجوم المروّع». واشار الى تعزيز الدوريات قرب المساجد في المملكة المتحدة، وتقديم إرشادات لأتباع كل الأديان في شأن كيفية حماية أنفسهم في دور العبادة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة