زيزي شوشة تفتحُ الباب للَّيل

صدرت حديثًا عن منشورات المتوسط – إيطاليا، مجموعة شعرية جديدة للشاعرة المصرية زيزي شوشة، وجاءت بعنوان «اسمح للّيل بالدخول»، في العتبة الأولى للديوان نقرأ مقولةً لنيتشه نقتطع منها «…اكتبُوا بدمِكُم، وسوف تكتشفون وقتها أنَّ الدَّم هو الرُّوح»، تتبنى الشاعرة زيزي شوشة هذه المقولة وهي تبحث عن قصيدةٍ تُشبهها، ولا يهمُّ بعد أن تقطفَها أن تتساقط منها الدماء، ذلك أنَّ الشاعرة مشغولة بخراب العالم وجُثث الزَّمن الملقاة على الطريق، قدَمُها مزدحمةٌ بشوارع جانبيّة في مدينةٍ مليئة بالأشياء الضائعة، بالانكسارات والخيبات التي تسكنُ مفاصل القصيدة وهي تعبر بنا من عتمةٍ إلى أخرى، ومن ليلٍ إلى آخر.
تكتبُ شوشة عن الفقد والحب الممسوس بالجنون، ربَّما كان الجنونُ يومًا هو الحل الأبدي لتغيير العالم. تكتب عن ذاكرةٍ سوداء يتساقط منها الرجال والصديقات والموت العاري والأسئلة التي تواجه السماء بجرأة رمحٍ يخترق هذا الفراغ المتفاقم.
من قصيدة «أشياء» نقرأ:
أنتِ في سفرِكِ المتلاشي
الذي يطفو على سطحِ الزمن
كصفحةٍ بيضاء
تنامين في قبضةِ شيءٍ لا نهائيّ
يتساقط لكنه لا ينفدُ أبدًا
الأشياءُ التي تُؤرِّقُنا تتكشَّفُ أمامَكِ
تجلسين والقمرُ فوقَ رأسِكِ تنسجين من شمسِكِ
أثوابًا جديدةً للقادمين ربّما تُحدِّثُكِ الطُّيُور
عن رحلاتِها الغامضة أو تقولُ لكِ: كيف ترانا؟
ابقِي مكانكِّ .. نحنُ هنا .. نسيرُ مرتجفين
مُهدَّدين لأنّ أقدامَنا مَربوطة
ورُؤُوسَنا تَحنِيها السماء
لا تتوقَّف الشاعرة رغم هذا الألم عن مساءلة العالم بحثًا عن صوتها الخاص، عن تمزيقها للحجب وكلِّ ما يحول دون أن ترى ذاتها كما هي في المرآة. لا اعتراف هنا بالزّيف وإن كان الثَّمن توابيت فارغة في الانتظار، وذاكرةً جريحة، وجسدًا يمضي بروحه ودمه مع القصيدة
«اسمح للّيل بالدخول» مجموعة شعرية هي الثانية الصادرة للشاعرة زيزي شوشة، جاءت في 64 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة «براءات» لسنة 2019، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
زيزي شوشة شاعرة مصرية، صدر لها ديوان «غرباء علقوا بحذائي» عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة بالقاهرة، وفاز ديوانها «ملابس جديدة للموتى» بالمركز الأول لجائزة أخبار الأدب.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة