«حزب الله» والأزمة الاقتصادية اهم التحديات امام الحكومة الجديدة للبنان

الدين 141 % من إجمالي الناتج المحلي
متابعة ـ الصباح الجديد:

تواجه الحكومة اللبنانية الجديدة، التي تشكلت الخميس الماضي تحديات صعبة، تتمثل في استيعاب التوترات الناتجة عن الدور الإقليمي لحزب الله، والعمل على وضع إصلاحات جدية تواجه الأزمة الاقتصادية في البلاد.
ويتمتع حزب الله بثقل وازن على الساحة السياسية في لبنان، يستقيه من دعم إيراني كبير أتاح له التزود بقوة عسكرية ضخمة استخدمها لتقديم دعم ميداني كبير للنظام في سورية.
وحزب الله هو التنظيم الوحيد في لبنان الذي لم يسلم سلاحه بعد انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990).
ومشاركته في الحكومة لها دلالات كبيرة، فالحزب يتعرض لعقوبات مالية من الإدارة الأميركية التي تعتبره تنظيماً «إرهابياً»، في حين أن التوتر بينه وبين إسرائيل يبقى شديداً، والمخاوف تبقى قائمة من تكرار حرب 2006 بين الطرفين.
ونال حزب الله وزارة الصحة التي أصر على تسلمها، مع العلم أن على هذه الوزارة أن تنسق مع منظمات دولية ومانحين أجانب.
وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية عماد سلامة: «قد يكون من الصعب على الدول المانحة عدم التعاطي مع حزب الله»، معتبراً أن الحزب يسعى لكي يصبح «لاعباً مرئياً على الساحة السياسية من الصعب تجنبه».
أما المحلل السياسي كريم بيطار فاعتبر أن تمسك حزب الله بوزارة الصحة يعود «لكونها إحدى الوزارات الخدماتية الأساسية، التي تتيح توزيع الخدمات وكسب ود الناخبين».
وأعربت واشنطن أمس عن قلقها من تولي منظمة حزب الله الإرهابية حقائب وزارية في الحكومة اللبنانية.
وطالبت واشنطن الحكومة اللبنانية بعدم تقديم أي دعم لحزب الله، مؤكدة في السياق ذاته الاستمرار بدعم الأجهزة الأمنية اللبنانية لتحقيق استقرار البلاد. ودعت الحكومة اللبنانية للعمل بما يتفق والقرارات الدولية الخاصة بلبنان.
وحذّر مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسليا، في وقت سابق، حزب الله اللبناني من استغلال تولي وزارة الصحة، لتحويل الأموال إلى المؤسسات التابعة لميليشياته المسلحة.
ويتمتع حزب الله مع حليفه التيار الوطني الحر الذي أسسه رئيس الجمهورية ميشال عون، بأكثر من ثلث عدد الوزراء، ما يتيح لهما عرقلة أي قرار لا يرغبان به داخل الحكومة.
وحصل حزب الله على ثلاثة وزراء، في حين حصل التيار الوطني الحر مع وزراء محسوبين على رئيس الجمهورية على 11 وزيراً.
ونال تيار المستقبل برئاسة الحريري خمسة مقاعد، في حين نال حزب القوات المسيحي المناهض لحزب الله أربعة وزراء. وبسبب التنوع الطائفي الدقيق، تتخذ القرارات المصيرية داخل الحكومة في أغلب الأحيان بالتوافق بعد تجاذبات طويلة.
وعلى الحكومة الجديدة القيام سريعاً بإصلاحات ضرورية لإنهاض اقتصاد على شفير الانهيار، عانى كثيراً من التداعيات الاقتصادية للحرب في سورية وتدفق أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري الى هذا البلد.
وتصل نسبة الدين العام في لبنان الى 141 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وهي من أعلى النسب في العالم. وفي كانون الثاني خفضت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف لبنان، مشيرة الى «المخاوف من ارتفاع كبير في الدين».
ومن المتوقع أن تشمل الإصلاحات خفضاً في النفقات العامة وإعادة تأهيل قطاع الكهرباء، وهما بندان وردا في الأولويات خلال المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان، الذي انعقد في نيسان الماضي بمبادرة من فرنسا.
بالمقابل وعد المجتمع الدولي بتقديم 11.5 بليون دولار على شكل قروض وهبات. وقد وزعت هذه المبالغ على مشاريع معينة للبنى التحتية لا بد للحكومة من إقرارها الآن. ورحب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون امس الاول الجمعة بتشكيل الحكومة اللبنانية. وأكد في بيان رئاسي أن فرنسا وقفت في الأشهر الأخيرة إلى جانب الشعب اللبناني وقادته من أجل تهيئة ظروف التأليف.
وقال البيان إن «الرئيس ماكرون يؤكد مجددا التزامه سيادة لبنان واستقراره وأمنه ويؤكد أهمية سياسة النأي بالنفس ومكافحة الارهاب. وذكر برغبة فرنسا بمواكبة لبنان على طريق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية خصوصا فيما يخص تنفيذ خطة الاستثمارات الناتجة عن مؤتمر «سيدر» الذي عقد في باريس في نيسان ابريل ٢٠١٨.»
كما أشار مصدر في الرئاسة الفرنسية إلى أن رئيس الحكومة سعد الحريري «كان اتصل بالرئيس ماكرون خلال تواجد الأخير في مصر بداية الأسبوع الماضي لإبلاغه ان الحكومة قد تم تشكيلها وستعلن يوم الخميس، ما اعتبره المصدر لفتة لائقة من الحريري كون ماكرون وفرنسا منذ انتخابات لبنان التشريعية كانت حاضرة من أجل حث الأطراف اللبنانية، بشكل ودي ومن دون تدخل، على أنه من المهم جدا أن يتم تشكيل الحكومة، على أن تكون حكومة متوازنة تحترم سياسة النأي بالنفس والحياد بالنسبة للصراع السوري». وكانت باريس حسب المصدر «تضاعف الجهود لحث الأطراف اللبنانية كلما اقتربت الحكومة من التشكيل مثلما حصل في كانون الاول الماضي، عندما اتصل الرئيس ماكرون بالرئيس ميشال عون وبالحريري، وبقيت باريس على الاتصالات مع فريقي الرئيسين عون والحريري وأيضا الرئيس نبيه بري لهذا الغرض». وقال المصدر إن «قصر الإيليزيه كان أعرب عن رغبة الرئيس ماكرون بالقيام بزيارة الى لبنان في نهاية شباط الجاري، وتم تأجيل هذه الزيارة بسبب أحداث فرنسا الداخلية وأيضا لأنها لا يمكن أن تحصل من دون وجود حكومة في لبنان. والآن وقد تم تشكيل الحكومة سترسل فرنسا مبعوثاً الى لبنان في سرعة إما من الرئاسة أو وزير الخارجية أو أحد أعضاء الحكومة للترحيب بسرعة بالحكومة الجديدة». وأضاف المصدر: «أما بالنسبة إلى زيارة الرئيس ماكرون فمن المؤكد ان تشكيل الحكومة في لبنان يجعل الرئاسة تطرح السؤال مجددا اذا كان بإمكان ماكرون أن يزور لبنان»، لكن المصدر في الرئاسة قال: «حتى هذه اللحظة الزيارة تم تأجيلها وليس هناك موعد جديد لها ولكن لا يمنع التساؤل لما لا يحدد؟ في المقابل أكد الأميركيون للجانب الفرنسي أنهم سيعززون الضغوط على المستوى الاقتصادي وقد حذرهم الجانب الفرنسي من ذلك لان الوضع في لبنان بالغ الصعوبة لأن ما يمكّن لبنان من الصمود، هو استقرار المصرف المركزي ولذا ينبغي الا تقوم الادارة الاميركية بأعمال تهدد هذا الاستقرار. وسأل المصدر عما يفهمه من الجانب الاميركي حين يقول إن موقفه إزاء لبنان تطور فأجاب بأن الجانب الاميركي اكتفى بالقول إن موقفه تطور لجهة أنه يعزز الضغط على «حزب الله». ولم يطلب الجانب الاميركي من باريس أي شيء محدد، لكن الجانب الفرنسي سأل الأميركيين اذا كانوا سيستمرون في التعاون مع الجيش اللبناني وفي مساعدته، وعن مؤتمر «سيدر»، فأكد الجانب الأميركي أن التعاون مستمر مع الجيش وعبر «سيدر». وقال المصدر إن باريس «تسعى الى العمل مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من أجل عدم التخلي عن التعاون عبر «سيدر» وعبر مؤتمر روما لدعم الجيش اللبناني، حيث التزمت الإمارات بمبلغ مئتي مليون دولار أميركي للجيش وهذا مهم». وقال المصدر إن الموقف الاميركي مزدوج. فمن جانب هو حازم إزاء «حزب الله» ومن جانب آخر لا يعلّق التعاون والدعم للجيش اللبناني».
وعن الرسائل الاسرائيلية الى لبنان عبر فرنسا قال المصدر إن «لا جديد فعندما زار الرئيس الإسرائيلي ريفلين باريس والتقى ماكرون تحدث عن أنفاق «حزب الله»، وأظهر صوراً، وقال إن اسرائيل ستتدخل لتدمير هذه الأنفاق على الاراضي الاسرائيلية. وقال المصدر إن الاسرائيليين لا يخططون لعمليات على الأراضي اللبنانية حسب معلومات باريس علما أن اسرائيل تقيم ضجة حول الموضوع لمناسبة الانتخابات.
الى ذلك قال المصدر الفرنسي إن الادارة الاميركية ستلتقي مجددا المسوؤلين اللبنانيين للسعي إلى العودة إلى المفاوضات حول ترسيم الحدود على الخط الازرق. وكان رئيس البرلمان نبيه بري أصر على مفاوضات تضم الخطين البحري والبري معا. وأكد ساترفيلد أنه بعد تشكيل الحكومة ستعود الإدارة الأميركية إلى دفع هذه المفاوضات للتوصل الى نتيجة. وقال المصدر عن سياسة النأي بالنفس إزاء الوضع في سورية إن الحريري أبلغ الفرنسيين أنها خط أحمر بالنسبة إليه، وأن غالبية الوزراء عموما، قد يلتزمون الناي بالنفس إزاء سورية على الأقل من تعرفهم باريس، وأنه كان من المهم لباريس أن تؤكد حرصها على التذكير بالنأي بالنفس، وهذا يعني أن يلتزم وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بهذا الحياد وألا يستعجل في زيارة دمشق. وذكر المصدر ل»الحياة» أن المسوؤلين في باريس سيناقشون مع باسيل هذه المواضيع عندما يزورها الأسبوع المقبل للقاء وزير الخارجية جان إيف لودريان.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة