تقبيل الأيادي

– 1 –
ويدٌ تكبّل وهي مما يُفتدى
ويدٌ تُقبّل وهي مما يُقْطَعُ
-الوائلي-
والسؤال الآن :
هل يجوز للانسان ان يقبل يد من يشاء أم ان هناك ضوابط معيّنة في هذا الاطار ؟
والجواب :
يذهب بعض فقهائنا الأعلام الى حرمة تقبيل الأيادي ، ويستثنى من ذلك :
1 – تقبيل ايدي الوالديْن
2 – تقبيل اليد التي يُراد بها يد رسول الله (ص) ، كايدي مراجع الدين والعلماء الربانيين …
ويرفض بعض العلماء ان يمّد يده الى أحد ليقبّلها تورعا وخشية من أنْ يتسرب الى نفسه شيء من العُجب أو الغرور .
– 2 –
ومن الظواهر المؤسفة اقبالُ بعض ضعافِ النفوس ، على تقبيل أيادي السلطويين واصحاب النفوذ الاجتماعي الكبير واضرابهم، في منحى يستهين بالقيمة الانسانية وبكل ما يتصل بالعزة والكرامة .
– 3 –
ألم يكن بعض المنحدرين الى السفوح يبادرون الى تقبيل يد الدكتاتور المقبور ؟
ولم تكن تلك القُبَلُ الاّ التعبير عن الخضوع الكامل لطاغوت جائر، لا يتورع عن إبادة شعبه بالاسلحة الكيمياوية، كما صنع ذلك في حلبجة الشهيرة، وكما وجّه طائراته السمتيةتضرب الاحرار والحرائر ابان الانتفاضة الشعبانية المجيدة ( اذار 1991 ) .
ونشهد اليوم – للاسف – تكرار هذه الصورة البشعة في العديد من دول الجوار الجغرافي العراقي، واذا دلّ ذلك على شيء فانه يدل على أنَّ عبيد الدنيا موجودون في كل زمان ومكان ..!!
– 4 –
وأريد ان انقل لكم الآن قضيةً تناقلتها الافواه وتلك هي :
انّ المرحوم الشاعر العملاق السيد حيدر الحلي – وهو أبرز شعراء الرثاء الحسيني – عندما ذهب لزيارة المرجع الاعلى للامامية في عصره المرحوم السيد محمد حسن الشيرازي -صاحب فتوى التنباك والمتوفى سنة 1312 هـ – أهوى السيد الشيرازي لتقبيل يد السيد الحلي، في منحى واضح الدلالة على مدى تقدير الامام الشيرازي لمواهب السيد الحلي وعظيم امتنانه منه لتوظيف ملكته الشعرية في مضمار العقيدة والتغني بأمجاد القادة الهداة الميامين – صلوات الله عليهم – والتفجع لما أصابهم من المحن والمظالم.
ان العادة الجارية هي أنْ تُقَبّلَ يدُ المرجع ، بينما انعكَستالآية هنا لتؤكد على ضرورة الاهتمام الفائق بالمبدعين والناهبين.
– 5 –
ومن طريف ما حدّثني بعض الأصدقاء اللبانيين :
انّ قرى الجنوب اللباني كانت اذا قرر احد ابنائها التوجه الى النجف الاشرف للدراسة في جامعتها الكبرى، يُهرعون الى تقبيل يده قبل السفر الى النجف ، في موقف يعكس عمق الاجلال والاحترام للعلم والعلماء.
– 6 –
وقد رأيتُ قبل ايام صورة أحد المراجع الاعلام في قم المقدسة – وهو اية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني– وهو يُقبّل يد طالب افريقي ألبسه العمامة، في تعبير صارخ مثير عن مقدار ما يُكنه المرجع الكبير من حُبٍّ للاسلاموحُبّ لمن يسلك طريق العلم مقدمة لامتلاك القدرة على خدمة الدين والمؤمنين .
– 7 –
ان مبادرة التوجه الى الحوزات العلمية من شتى الاقطار والبلدان يثريها بالعلماء من أبنائها، ويجنبها مشقة البحث عمن تريده ان يكون بين ظهرانيها للنهوض بالمهمات الدينية، وهو ليس من أهل تلك البلاد .
فهو الطريق الطبيعي للاكتفاء الذاتي ..!!
حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة