لندن- الصباح الجديد:
في كتابها الجديد عن دار الوراق بلندن، «فلسفة الموسيقى – التجربة الحسية والجمالية للصوت»، تكشف المؤلفة والباحثة الموسيقية الجزائرية عائشة خلاف عن نسق «نظام فكري» داخل التراث الموسيقي. وترى أن التراث بصفة عامة والتراث الموسيقي بصفة خاصة ليس هو المتحكم في القوانين الثقافية بمعنى من المعاني، إذ يخضع تاريخ هذا التراث الموسيقي لعدد معين من القوانين، وهذه القوانين هي التي تحاول أن تكشف عنها المؤلفة. يضمّ الكتاب مقدمة وتسعة أبواب. وقد اعتمدت خلاف في كتابها طريقة المنطق الفلسفي: التحليل، الاستنباط والبناء البياني الهندسي، الذي ترى أنه لا بديل عنه لاستكشاف أو كشف هذه القوانين «النظرية الموسيقية».
وقالت خلاف في تصريحات صحافيّة، موضحة سبب انجازها للكتاب:»أنهيت دراستي في التأليف الموسيقي في كلية بيربك، جامعة لندن، أردت أن أؤلف أشكالاً موسيقية من التراث، فبرزت لدي إشكالية: كيفية التأليف؟ لم تقنعني طريقة تأليف موسيقانا «بالتنويط الغربي» كما قرّر مؤتمر القاهرة في 1932، ومن هنا جاء كتابي ليطرح إشكالية معرفية: معرفة موسيقانا وتنظير هذه المعرفة. وفعلاً إني أعود إلى البداية للنظر في تراثنا الموسيقي. ولم تكن هذه المهمة سهلة، بالطبع، فلقد استغرقت عشر سنوات. واطلعت خلال هذه المدة الزمنية الطويلة على تراثنا الموسيقي، وعلى العلوم، والفنون العربية الإسلامية، فاكتشفت حقيقةً كنوزاً زادتني ثقة بالذات. معرفة حقيقة موسيقانا كانت تتطلب مني في بادئ الأمر أن أعرّف مفهوم التراث الموسيقي. وكان عليّ أن أنطلق من زاوية أخرى، مختلفة عن الزوايا التي نظرت لهذا التراث سابقاً، وخاصة في مقارنته بالتراث الموسيقي الغربي، ففككت مفهوم الموسيقى برمّته. وبدأت فعلياً من نقطة الصفر: ما هو الصوت؟ وهو عنوان الفقرة الأولى في كتابي».
وتتساءل خلاف في اشتغالها «هل لنا موسيقى؟»، إذ تعلق على ذلك بالقول:»ما أقصده هو المعرفة النظرية الموسيقية. إننا نعرف الشيء عندما ندركه، فالإدراك هو عملية ذهنية معقدة تبدأ من الحس وتنتهي بتنظيره، إذن فلا بد في بادئ الأمر، أن أعرّف هذا الشيء الذي أحسه، وهو التراث عن طريق التفكير المنهجي. وهنا، لا غناء عن الفلسفة التي هي أم الحاجة المعرفية. فأعدت قراءة الموسيقى قراءة تفكيكية، كما قلت، تبدأ من مفهوم الصوت وعلاقته بالموسيقى، أو كيف يصبح الصوت نغمة، وما علاقة هذه النغمة بالمادة، الفضاء، الزمن، اللون وطبعاً اللغة. فاكتشفت حقيقة كان يخفيها، فعلاً، تراثنا الموسيقي، ألا وهي: نسق، نظام فكري قابل للإثراء والتجديد في كل زمان ومكان».