ماكرون يحتوي غضب ترامب من «الجيش الأوروبي»

نزع الرئيسان فتيل أزمة بينهما

متابعة ـ الصباح الجديد:

نزع الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون فتيل أزمة بينهما، بعدما انتقد البليونير النيويوركي دعوة «صديقه» الفرنسي إلى تشكيل «جيش أوروبي» لحماية القارة من «الصين وروسيا وحتى الولايات المتحدة». وشدد الجانبان على ضرورة أن تزيد أوروبا مساهمتها في «العبء المشترك في إطار الحلف الأطلسي».
جاء لقاء الرئيسين على هامش احتفال في باريس في الذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى، بحضور قادة نحو 70 دولة، شاركوا امس الاحد في إحياء الذكرى عند ضريح الجندي المجهول تحت قوس النصر، وفي منتدى دولي حول السلام ينظمه ماكرون، في غياب ترامب.
وأمسك الرئيس الفرنسي بيديّ المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، خلال احتفال مؤثر في ذكرى توقيع اتفاق الهدنة، في 11 تشرين الثاني 1918 في قطار خاص تابع لقائد القوات الفرنسية فرديناند فوش، كان متوقفاً على سكة حديد في غابة.
وتفقد الزعيمان قوات من لواء فرنسي ، ألماني مشترك، قبل كشف لوحة تنوّه بـ «قيمة المصالحة الفرنسية – الألمانية في خدمة أوروبا والسلام». وقال ماكرون لشبان: «أوروبا في سلام منذ 73 سنة، لأننا أردنا ذلك، لأن ألمانيا وفرنسا تريدان السلام. إذا أردنا أن نرقى إلى مستوى تضحية الجنود… يجب عدم الاستسلام لأضعف غرائزنا، ولا لجهود تقسيمنا».
وأشار قصر الإليزيه إلى أنها «المرة الأولى منذ العام 1945» التي يلتقي فيها رئيس فرنسي ومستشار ألماني في مكان توقيع الهدنة.
وسعى ماكرون الى احتواء غضب ترامب، بعد دعوته قبل أيام الى تأسيس «جيش أوروبي» يؤمّن لأوروبا استقلالية استراتيجية، قائلاً: «علينا أن نحمي أنفسنا عندما يتعلّق الأمر بالصين وروسيا وحتى الولايات المتحدة».
وكتب الرئيس الأميركي على «تويتر»، فيما كانت طائرته تحطّ في باريس: «الرئيس ماكرون اقترح أن تؤسس أوروبا جيشاً خاصاً لتحمي نفسها من الولايات المتحدة والصين وروسيا. أمر مهين، ولكن ربما على أوروبا أولاً أن تدفع مساهمتها في الحلف الأطلسي الذي تموّله الولايات المتحدة في شكل كبير».
ورحّب الرئيس الفرنسي بنظيره الأميركي في الإليزيه بمصافحة قوية، وربت بيده على ركبته، مشيراً إليه بأنه «صديقه». لكن أجواء الاجتماع بدت أقلّ دفئاً من تلك التي طبعت زيارة ترامب الأخيرة لباريس العام 2017. وقال ماكرون: «أتقاسم مع الرئيس ترامب الاقتراحات المطروحة حول القدرات الاستراتيجية الأوروبية، وحول أن تقدّم أوروبا مزيداً من المساهمة في العبء المشترك في إطار الحلف الأطلسي. لذلك أعتقد بأن اقتراحاتي في شأن الدفاع الأوروبي تتناسب تماماً مع ذلك. نحتفل بالصداقة بين شعبينا وجيشينا والتضامن الرائع القائم بيننا. نحن أقدم حليفين في العالم». وأشار الى أنهما سيناقشان «مسائل ذات اهتمام مشترك: إيران وسورية والمواضيع التجارية والنظام الدولي، بما في ذلك ملف المناخ، والمواضيع المتصلة بأفريقيا».
وعلّق ترامب: «أصبحنا صديقين مقرّبين خلال السنتين الماضيتين. أقدّر ما تقوله عن تقاسم الأعباء، تعرف وجهة نظري. نريد أوروبا قوية. هذا مهم جداً بالنسبة إلينا، وأياً تكن الطريقة الأفضل والأكفأ لنفعل ذلك، ستكون شيئاً يرغب فيه كلانا. نريد أن نساعد أوروبا، ولكن عليها أن تكون عادلة. الإسهام في العبء يقع الآن في شكل كبير على الولايات المتحدة».
ونقل الإليزيه عن ترامب قوله: «أجرينا مناقشات عظيمة ونحن متفقان». ووصفت الرئاسة الفرنسية المحادثات بأنها «جوهرية وبنّاءة جداً»، وأقرّت بأن تصريحات ماكرون «يمكن أن تثير إرباكاً»، مستدركة أنه «لم يقل إننا نحتاج إلى جيش أوروبي ضد الولايات المتحدة». وتحدثت عن «التباس» في تفسير اقتراحه، مبرّرة سوء فهم في هذا الصدد بتقارير صحافية أميركية «مبالغ فيها».
وقال مستشار لماكرون إن الأخير أكد خلال المحادثات الحاجة إلى استقلال أوروبا دفاعياً في شكل أكبر، ولكن ليس لـ «إيذاء الولايات المتحدة». ونقل عن ترامب قوله: «نحن أقرب بكثير ممّا يبدو». وشرح ماكرون لترامب ما أراد قوله، بضرورة تعزيز قوة أوروبا لئلا تعتمد دوماً على الولايات المتحدة.
الى ذلك، قالت مصادر الرئاسة الفرنسية ان ترامب وماكرون اتفقا على ان هناك فرصة لدفع تسوية سلمية للنزاع في اليمن، وعلى تعزيز التعاون بين باريس وواشنطن لدعم المسار السياسي في ليبيا. وأضافت أن ترامب أصرّ على تركيا لتجنّب كارثة إنسانية في إدلب، مجدداً التزام الولايات المتحدة البقاء في شمال شرقي سورية لمحاربة تنظيم «داعش». واتفق الجانبان على ضرورة دعم الحكومة العراقية الجديدة، كما ناقشا التدخل الإيراني في سورية واليمن.
واعتبر ترامب أن العقوبات المشددة على طهران ستضغط على نظامها، مشيراً الى ان الاستراتيجيا الأميركية أضعفته. أما ماكرون، فتساءل هل يجب أن تواكب هذه الاستراتيجيا مسائل تشجّع إيران على التفاوض على سياساتها السلبية؟.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة