برغم تواتر الأعياد..ما زالت النفوس تحلم بالفرح

العيد بين زمنين.. ذكريات وأمنيات
سمير خليل
العيد، من الطقوس الدينية الجمعية لدى المسلمين، يمر علينا مرتين كل عام لنحتفي به وبايامه المباركة ،يطهر النفوس ويقارب بين الناس، يفرحهم ويفتح امامهم الآفاق لامنيات وآمال لحياة اجمل واسعد.
ولان العيد ضيف سنوي دائم فانه كمناسبة كبيرة يخضع الاحتفاء به وبايامه للمقارنة عبر السنين والعقود ،وحسب المتغيرات التي تطرأ على المجتمعات الاسلامية فان هذه المتغيرات باشكالها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ستؤثر على الاهتمام والاحتفاء بالعيد ،وعندما يستذكر الناس ممن تجاوز العقد الخامس او السادس ذكريات العيد فان هذا الاستذكار يكون حلو الطعم من افواههم.
هل حافظت التقاليد والفعاليات الخاصة بالعيد على صورتها ؟ما الفرق بين الامس واليوم ؟حملنا هذا السؤال وذهبنا لمعايدة عدد من المواطنين ممن شهدوا تلك الايام الجميلة واول لقاءاتنا كان مع الحاجة ام احسان (مدرسة متقاعدة ) والتي تمتلك خزينا ثرا من الذكريات تقول” البساطة كانت عنوان احتفالاتنا بالعيد ورغم بساطته كان عيدا حقيقيا ،ورغم مستوى الدخل المنخفض آنذاك الا ان الملابس الجديدة يجب ان تتوافر لجميع افراد العائلة ،الخياطة كانت مركز الثقل والاقمشة كانت باسعار زهيدة وفي متناول اليد ،النسوة كن لا يفارقن بيت الخياطة ،يزدحم هذا البيت بالنسوة اللائي يطلبن اكمال ملابسهن وملابس اطفالهن الى حد ان البعض منهن يقمن برعاية منزلها واعماله كي تكمل لهن مايردن”.
وتضيف “النسوة الميسورات يذهبن لصالونات التجميل اما الاقل دخلا فهناك مصففات للشعر يعملن في بيوتهن ،وتبدا احتفالات العيد بالزيارات الاجتماعية وتبادل (الكليجة) والحلويات والاكلات الخاصة بالعيد ،يتصالح المتخاصمين ثم الذهاب لما يسمى (فرجة العيد) ،اماكن الالعاب البسيطة المكونة من اراجيح ودواليب الهواء الخشبية والعربة التي تجرها الاحصنة وباعة الماكولات والحلويات ومصوري الفوتوغراف ،اماكن اللعب الرئيسية كانت في ساحة الميدان من جهة الاعدادية المركزية واخرى في باب الشيخ ومثيلاتها في مناطق بغداد الشعبية ،كورنيش ابو نؤاس وحديقة الاوبرا ومتنزه 14 تموز في الكاظمية وحدائق ساحة الامة وبارك السعدون ،السينمات النصر والخيام والسندباد وغيرها تعرض الافلام الجديدة الجيدة الخاصة بالعيد ،السفرات السياحية للمدائن وصدر القناة ، اليوم تغيرت تقاليد العيد حسب تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية وكذلك الحالة الامنية وتطور وسائل الاتصال ،فقط حافظ الناس على زيارة المراقد الدينية والائمة الاطهار خلال العيد ،اما اماكن اللهو فاصبحت فقيرة بسبب افتتاح المتنزهات الكبيرة مثل الزوراء ،السينمات انحسرت تماما وصار الناس يتوجهون نحو المولات لوجود شاشات عرض سينمائية فيها ،تنوعت القنوات التلفازية وانتشرت العروض المسرحية الشعبية خلال ايام العيد رغم كل هذا مازال الناس يحلمون باعياد يسودها الفرح والتفاؤل واتمنى ان يكون هذا في القريب جدا “.
الرائد الرياضي والمدرب الكروي كريم نافع فيقول “لازال طعم الطفولة وفرحتها بالعيد كالشهد في نفسي اتحسسها كل عيد كانما عمري لايريد مغادرة الست سنوات ،كانت الاجواء نموذجية ،منظومة راقية جدا ، النفوس يملأها الزهو ، الوجوه متالقة فرحة متعافية ،العوائل تتزاور خلال العيد بقلوب صافية ، خلال المرحلة الابتدائية كنا نتوجه للباب الشرقي وحديقة الامة ومدينة الالعاب ،سفرات عائلية كبيرة لمنطقة المدائن ، ثم في المرحلة المتوسطة بدانا نرتاد السينمات ،الخيام وشهرزاد لمشاهدة الافلام الجديدة ،كان العيد اسما على مسمى ،لم نكن نغفو ليلة العيد ،نحلم بفرجة العيد ونحن نحتضن ملابسنا الجديدة ، اليوم هذه التقاليد الجميلة غيرتها الانظمة والسياسات التي حاولت ان تغيير العادات والتقاليد الاصيلة لدى الناس ،لكنها ظلت راسخة بالنفوس يملها الامل بان تزيح موجة الخير كل موجات الشر ،فالشر قصيرالعمر مهما طال ضيره ،تفاؤل الناس بان العيد القادم سيكون جميلا وزاهيا كما كان “.
السيد سعد علوان شكر (مهندس متقاعد) يتابع”كان العيد حدثا غير طبيعي ننتظره بلهفة كل شيء يصبح جديدا ،الهيئة والشعر والملابس الجديدة الزاهية ،فرصة لاصطحاب الاصدقاء والخروج خارج اطار المنطقة التي نعيش فيها فرحين ب(العيدية ) التي يمنحنا اياها الاهل ،نتوجه صوب اماكن الالعاب البسيطة ،الارجوحة ودولاب الهواء ثم جولة في العربة التي يجرها الحصان ،السينمات التي تعرض افلام طرزان وماشيستي وهرقل وافلام الكاوبوي وافلام اسماعيل ياسين ، السفرات للاماكن السياحية ، اليوم اختفت متعة العيد ،تغيرت بتغير النفوس حتى الاطفال اصابهم هذا التغيير ،النكبات والحروب ،تطور وسائل الاتصال الحديثة اغنت عن السينما ،لن يعود العيد كما كان لان الحياة بمجملها قد تغيرت “.آخر المتحدثين هي السيدة ام حيدر (معلمة) التي تستذكر ايام العيد “بانها كانت فرصة للخروج والتنزه بالملابس الجديدة الخاصة بالعيد واحذية باتا والسفرات واماكن الفرجة ،والعيدية والكليجة ،اليوم فرصة الناس للتمتع بايام العيد اصبحت اقل ،فقط بعض الاماكن الخاصة والمولات التي استعيض بها عن السينمات ولايمكن ان تعود تلك الايام بسبب التكنولوجيا التي دخلت حتى في الالعاب كما ان الالعاب القديمة مثل المراجيح ودولاب الهوا لم تعد تستهوي الاطفال الذين تفتحت اذهانهم على هذه التكنولوجيا”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة