أحلام مستغانمي في نسيان « com ( والتلبس بالذكورة

عبد الغفار العطوي

هذا الكتاب يمكنه ان يكون من سرديات (2) الحب، او أحد مظاهره المأساوية المتعلقة بالنسيان في طريقة عرضه من قبل الكاتبة دون ان تطلق عليه صفة إجناسية، حيث من الممكن ان يكون سردا سيريا، لأن حضور المؤلف(ة) و الراوي(ة) و المروي (ة) له(ا) و القارئ يعطي انطباعا بذلك، بوجود العتبات النصية الخارجية و الداخلية التي تشير الى مفاهيم ثلاثة هي : الهوية و الضحك و الهستيريا التي وفرتها الكتابة فيه، من ناحية قطعية الشك في إن الكاتبة مادامت امرأة إذاً لا بد من توفر ملمح لا جنسوي في اللغة والثقافة و الجدل القائم في تواصلية الكاتبة مع القارئ، كي تكتمل المشهدية التي تحرص الكاتبة على ترسيخها في ذهن القارئ، مما يعني ثبات القول بأنها تقوم بالسرد من خلال تقمص شخصية المذكر بدل المؤنث؟! مع ان ضمير (الأنا) الانثوي المشترك بين الكاتبة والساردة
و الشخصيات الانثوية يبدو عاليا و هو يحقق سمة الكتابة النسوية (3) إلا إن العتبات النصية تومئ الى ان الذكر تزداد حظوظه في مواجهة تفاعل الكاتبة مع طروحاتها القائمة على ان ثنائية الرجل/ الانثى في قطبي الحب المتناقضين النسيان للأول و الوفاء للثانية، فتقر ان بصمة الرجل في النسيان اوفر بينما تفتقر المرأة الى ثبات الوفاء
1- العتبات الخارجية في العنوان و في الغلاف الذي يلعب دور المثير ،وهو يعلن وجوده كنص صغير مولد (4) و صورتا الغلاف اللتان تصاحبان العمل السردي في شموليته قراءة مفترضة للعمل السردي(5) و بروز الختم الاحمر( الذي يحظر بيع الكتاب للرجال ) على فضاء الغلاف الامامي الاسود مع الوردة الصفراء و اسم المؤلفة و مرفق ( cd ) جاهدة وهبه تغني نسيان احلام مستغانمي ( هبني قبلتك) والوجه الثاني الذي حمل صورة الكاتبة وسيرتها الذاتية و ايميلها والعتبة الأخرى التي ستطرحها ثانية وتتضمن نداء لإمرأة ما ( قد تكون لها بالذات !) احبيه كما لم تجب امرأة و انسيه كما ينسى الرجال، و العتبات الداخلية و غلاقتها في العنوان الرئيسي (6) كعلامات سيميائية ذات علافة وظيفية ببنية النص السردي الظاهرة و العميقة معا، و العتبات الداخلية في هذا الكتاب تؤشر على ان الكاتبة تلمح الى سلطة المؤسسة الذكورية، مادامت هذه العتبات اكثر التصاقا بالمتن مكانيا (7) و تتناص معه بدء بالاهداء حتى الاحاطة بكل المتون وهي تحمل نفسا ذكوريا، و قد تذهب بتا الفكرة الى تلبس الكاتبة للذكورية إنقاذا لنسائها من تجارب الحب الفاشلة، و ترويضهن على النسيان، لما وجدته ناجحا عند الرجال، و نرى الكاتبة تبيح لنفسها تقمص دور الرجل في إقلاعهن من الحب الى النسيان، لهذا فالعتبات النصية جميعها تحابي تطلعات الرجل في الحب.
2 – ما تريده الكاتبة في المتون المتشظية بين تناصات الرجال هو إثبات قدرة المرأة في تجاوز الحب الى عالم النسيان، حفظا لهويتها التي ستقودها في حالة الفقدان الى كائن مغترب عن جنسه منطويا تحت سلطة الاب ( الرجل) و هذا ما تحذر منه الكاتبة، و هي تستعد لأخذ مكان الرجل كرادع للحيلولة دون سقوط المرأة في مخالب الرجل (كصديقتها و شغالتها ) وهذا يؤدي الى الهيستيريا عند الرجال والنساء معا مع الاختلاف في طريقة التعامل بين الحب و النسيان، الين شوالتر تشير الى ظهور وباء الهيستيريا بعد الحرب العالمية الثانية وسقوط الرجال و النساء فيه ، فيصبح ظاهرة عالمية، احلام مستغانمي اكيد شخصته عند رجالها في الكتاب، لهذا واجهته بمفهوم الضحك الذي وصفه ميخائيل باختين بأنه ينطوي على القدرة على نقد السلطة، و من ثم تحريرنا من الخوف ومن المحرمات و الماضي ومن السلطة (8) وكانت مستغانمي تدرك ان السخرية و الضحك من آليات مكافحة غلو الرجل وقسوته في الحب و اعتلال المرأة وارتباكها عندما تخيرها الظروف بين الاغتراب عن هويتها اوالوقوع تحت سلطة الرجل، و لعل نجاح الكاتبة في إقناع صاحبتها ( المروي لها) في الاقلاع من قسوة الحب الفاشل الى مرارة النسيان هو نوع من إعادة الكرامة لهوية المرأة، يعني هو مسألة تبادل الدور بين المرأة والرجل لا غير.
إحالات
1- نسيان COM احلام مستغانمي دار الآداب بيروت الطبعة الرابعة2010
2- الرفيق الى النظرية السردية ج1 تحرير جيمز فيلان و بيتر رابينوفيتز ترجمة محمد عناني المركز القومي للترجمة القاهرة الطبعة الاولى 2016 ص 47
3- السرد النسوي العربي من حبكة الحدث الى حبكة الشخصية د- عبد الرحيم وهابي دار كنوزالمعرفة عمان الطبعة الاولى 2016 ص 41
4- المصدر نفسه ص 51
5- المصدر نفسه ص54
6- سيميائية النص القصصي د – آمنة يوسف المؤسسة العربية للدراسات و النشر بيروت الطبعة الالى 2016ص 39
7- الرواية النسوية العربية مساءلة الانساقو تقويض المركزية د – عصام واصل دار كنوز المعرفة عمان الطبعة الاولى 2018 ص 70
8- الجسد بين الحداثة و ما بعد الحداثة د – سامية قدري الهيئة المصرية العامة للكتاب الطبعة الاولى ص 313

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة