يخطيء من يظن ان أهالي الموصل نزلوا من رحم داعش وانهم الحاضنة الطبيعية لهم كما تروج بعض الكتابات ووسائل الاعلام ، وهي محاولات طائفية مؤذية وان كانت تنطلق من نوايا حسنة ، تحاول ان تربط بين الارهاب الطاريء على المدينة واهلها وثقافتها وتأريخها الحضاري ، والتعامل الحكومي مع قضية الموصل من هذه الناحية على هذا الاساس لن يمنحنا اي مفتاح لحل وحلحلة الازمة من موقعها في الموصل ، رغم كل المزايدات التي تجري برؤوس اهاليها الذين اصبحوا من ضحايا ماحدث بعد العاشر من حزيران الماضي ..
تتحدث الاخبار عن تنامي مقاومات اجتماعية سلمية وعسكرية لوجود داعش الارهابي الطاريء على اهاليها ، الذين شاهدوا باعينهم كيف تدمر مقدسات البلاد الدينية والحضارية ، وكيف تختنق حياتهم الاجتماعية بفروضات داعش لنمط الحياة التي تعتقد انه سيفتح ابواب الجنة للجميع ، في خدعة واضحة لاستغلال الدين الاسلامي كواجهة لتنفيذ اجندات سياسية !
الموقف السليم اليوم من الحكومة والقوى السياسية ان تمد يد العون لاهالي الموصل ومساعدتهم على التخلص من الكابوس الذي يعانون منه، بعد ان نفض اهاليها من رؤوسهم وهم المنقذ ـ الذي تبين لهم فيما بعد ان ممارساته لاعلاقة لها لابتأريخهم ولا بحضارتهم الخاصة، بل ان الدواعش تجاوزوا كل الحدود ليفجروا مراقد الانبياء ، وهم ليسوا من السنة ولا من الشيعة ولا المسيحيين ولا الصابئة او الآيزيديين..
مايقوم به اهالي الموصل من التصدي لاوباش داعش على محدوديته الا انه الطريق السليم لانقاذ المدينة والمحافظة من هذه الحثالات وسلوكياتهم التي لاتمت الى الدين الاسلامي بصلة ،بل هي طارئة على الحياة الاجتماعية الطبيعية لاهالي الموصل التي تتسم بالانفتاح والتنوع و التعدد والتقبل الاجتماعي والديني والسياسي للآخر..
لحظة صحو ينبغي الامساك بها من قبل الحكومة ، وهي الاكثر جدوى من كل التنظيرات والحذلقات السياسية الفارغة وغير المنتجة ، بل والمعمقة للازمة ، عبى الحكومة تحديدان ان تتعامل يايجابية مع ممانعات اهالي الموصل ، وان تمدها بوسائل الديمومة والتطور والتنسيق مع مختلف الفعاليات المتصدية مهما كانت درجة الخلاف مع الحكومة ، لان المهمة الرئيسية الآن هي التخلص من كابوس داعش وبقية القضايا كلّها قابلة للحلول بروح المسؤولية والوطنية والرغبة الحقيقية للخروج من من المأزق ..
هذه وقائع سياسية بتوجب استثمارها ليس فقط من اجل تجاوز الازمة والمحنة التي يمر بها البلد وانما لتأسيس نمط جديد من العلاقات التي تكرس مفاهيم حقيقية للمصالحة والوحدة الوطنيتين ، بعيدا عن المزايدات الفارغة والشعارات الرنانة التي فادتنا الى هذا المستنقع !!
عامر القيسي