تذكرت ، وأنا أتابع نقاشات العراقيين في الخارج حول ما يجري في العراق ، ما أسمعه في الداخل دوما بأن عراقي الخارج مترفون ولا يشعرون بمعاناة عراقيي الداخل وهمومهم . رأيتهم مؤخرا ، وأراهم دائما متابعين بحماس لما يجري . يتألمون بشدة لأي سوء يحدث في العراق ، ويفرحون بأية إيجابية تحدث . يقصدون من يأتي من داخل العراق للاستفسار منه والاطلاع على أحوال البلاد والاهل . ولا يخل أي إجتماع أو لقاء ، من حديث عن العراق ومنافذ الامل الموجودة لخلاصه . الواضح أيضا أن الانقسام السياسي ، وتبعا له المجتمعي ، منتقل الى درجة كبيرة الى المجتمع العراقي في الخارج . صدمني شاب من أصل موصلي في ولاية فرجينيا الاميركية يتكلم العربية بصعوبة كونه من مواليد أميركا .قال لي معلقا على إحتلال الموصل : “الحمد لله لقد خلصنا داعش من جيش المالكي الصفوي“. أدركت كيف أن عملية غسيل الادمغة لا تشمل الداخل فقط . أكثر من هذه الفرحة وجدتها عند أعداد كبيرة من عناصر أجهزة الامن العراقية السابقة الذين منحتهم واشنطن اللجوء مع عوائلهم . تعليقاتهم تنم عن إستمرار حلم غبي بالعودة ثانية الى الحكم ومعاودة جرائمهم .هو ذات الحلم الذي أعلنه من أربيل وعمان زملاء لهم إعتمروا العقال والكوفية وانتحلوا صفة ثوار أو شيوخ عشار .
في المقابل هناك تجمعات كردية لا تسمع منها غير الشماتة والهجوم والحديث عن الاستقلال .عندما تذكّر أحد المتحدثين بان قوام داعش وباقي هذه المجموعات هم عصابة النظام السابق التي كانت تدفن الكرد أحياء ، وتهجّر عشرات الالاف منهم ،لا يجد غير تكرار عبارة :” نحن مستقلون ولا يربطنا بالعراق شي”.
أمام هذين الاتجاهين ، تقف أغلبية عراقية مهاجرة ، موقف الدفاع عن العملية السياسية والحرص على تطورها لكنها تطرح العشرات من الاسئلة حول تفاصيل ما جرى ويجري على الصعيدين الامني والسياسي.
في مدينة تورينتو جنوب كندا ، كانت حديث العراقيين في خطبة العيد والاحاديث الجانبية على مائة الفطور تتركز حول الوضع في العراق وتناقل آخر أخبار تعيين الرؤساء وتشكيل الحكومة وممارسات داعش في الموصل . القادم لتوّه من بغداد يشكل بالنسبة لهم مصدرا مهما للمعلومات وما قد تحمله من إجابات على الكثير من الاسئلة الحائرة لديهم ؟ يسألون بحماس: ماذا جرى للجيش في الموصل وممن كانت الخيانة؟ لماذا غياب الحزم حيال المسؤولين الذين يجاهرون في الدفاع عن الارهابيين تحت حجج وذرائع شتى؟ لماذا يغيب التحرك العراقي الوطني لشرح حقيقة ما يجري وترك الاخرين يرسمون في الخارج صورة مقلوبة الحقائق عن الوضع العراقي؟
أسئلة لا تنتهي ، يطرحها العراقيون الموزعون على أصقاع الارض نابعة من إرتباط بالوطن ،لم تضعفه المسافات .
سالم مشكور