كتبت مراراً عن ظاهرة التسول والاساليب المتبعة لآستدرار العطف حتى لو تطلب الامر إحداث عاهات في الجسم وأستخدام الاطفال و كبار السن، وتشيع في رمضان والاعياد عادة طرق الابواب على الناس في أي وقت كان ، والطريف في الامر أن المتسول يدعي بأنه يعاني من الجوع ويصطنع الحركات التي تثير أنسانيتك عليه وأنت (متخم) بهموم الوطن وشريحة كبيرة من المواطنين ألأبرياء، ولكنك ما أن تقوم بأقتسام الطعام معه حتى يرفض ذلك ب(كبرياء) ويطلب مالا بدلا من الطعام!
ولعل أبدع من صور هذه الحالة الاديب الكبير الراحل نجيب محفوظ في شخصية (المعلم زيطة) صانع العاهات وحسب طلب الزبون وأختياره للعاهة التي تدر عليه مالا أكثر من طيبي القلوب الذين تهزهم هذه الحالة المؤلمة، وقد يكون ذلك تصويرا حقيقيا لما يحدث في الشارع المصري من أساليب متطورة ومكثفة للتسول ، ولكن ما يحدث عندنا الان في الشوارع لا يقل (ألما) ولكني لم أتعرف على شخصية صانع العاهات بعد لأني لا أحتاجه (لحد الان) في الاقل. ومن الجانب الآخر من العالم نجد نوعين من التسول ، الاول يعتمد على العنف وهو ما يلجأ اليه بعض ساكني أرصفة حي (هارلم) الذين يستخدمون السكاكين لسلب أموال الضحية لشراء المخدرات في أغلب الحالات، ولكني لا حظت من خلال زياراتي لبعض الدول الاجنبية أساليب حضارية في الاستجداء المسالم ومنها العزف على الغيتار في الشارع أو عند محطات قطارات الانفاق حيث ينشغل العازف بفنه ويحاول عدم النظر أو حتى شكر من يرمون بعض القطع النقدية على المكان المخصص لرمي النقود، وهذه حالة جميلة خصوصا أذا تأخر القطار خمس دقائق فيجد الركاب فسحة لهم في الاستمتاع بالموسيقى والغناء بدلا من المناظر الحزينة التي يفتعلها أكثر المتسولين عندنا وخصوصا الذين يقومون من دون طلب منك برمي الماء على زجاجات السيارات ومسحها برغم نظافة أكثرها!
حادثة طريفة أعجبتني من خلال مشاهدتها على (ألانترنيت) وهي أن أحد المتسولين قد أفترش الارض منتظراً ألقاء النقود عليه وكانت قليلة وقد لا حظت أحدى الفتيات ذلك فتبرعت بكتابة لافتة صغيرة وضعتها بالقرب من المتسول تقول فيها أنني أعمى ولا أستمتع في الحياة ورؤية الجمال مثلكم فساعدوني لأعيش حياة مقبولة تعوضني عن ما حرمت منه، وقد لاحظ المتسول أن أكثر المارين كانوا يرمون النقود عليه ، وفي غفلة منهم رفع نظارته السوداء التي تظهره أعمى وقرأ ما هو مكتوب ففرح بأكتشاف هذه الطريقة الانسانية والحفاظ على الكرامة!
أمير الحلو