«المركزي»: توسيع القدرات الإنتاجية المحلية خارج آلية الإنفاق الحكومي
بغداد ـ الصباح الجديد:
قال إلى أن نفقات الموازنة ارتفعت من 31 تريليون دينار عام 2004 إلى أكثر من 100 تريليون في السنوات الأخيرة أي نحو 85 مليار دولار، كاشفاً ازدياد عرض النقد تبعاً لذلك من 32 تريليون دينار عام 2004 إلى 88 ترليوناً العام الماضي، ما شكل تحدياً كبيراً للحد من الموجات التضخمية.
ورأى محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، أن عملية بيع العملة «تحتاج إلى فهم عميق في ظل الاتهامات الكبيرة التي يتعرض لها البنك، من دون أدلة تثبت وجود شبهات فساد أو تبييض أموال أو تهريب العملة».
واستغرب الطرح الذي يفيد بأن «بيع العملة هو هدر للمال العام»، مشدداً على أن هذا التوصيف «لا يمت إلى العلم أو الاقتصاد بصلة»، موضحاً أن دولاً كثيرة «تنفّذ هذه العملية وهي من الوظائف الرئيسة للمصارف المركزية في العالم».
وعن الاقتصاد الريعي، أعلن العلاق أن «الاعتماد على المواد النفطية بنسبة 95 في المئة يؤدي إلى سلوك ريعي».
ولفت إلى أن «نفقات الموازنة ارتفعت من 31 تريليون دينار عام 2004 إلى أكثر من 100 تريليون في السنوات الأخيرة أي نحو 85 مليار دولار، وازداد عرض النقد تبعاً لذلك من 32 تريليون دينار عام 2004 إلى 88 ترليوناً العام الماضي، ما يشكل تحدياً كبيراً للحد من الموجات التضخمية»، موضحاً أن «المعدل المقبول في معايير نمو الكتلة النقدية هو بنسبة 4 في المئة سنوياً، لكنها نمت بمعدل يزيد على 22 في المئة».
وعن السياسة المالية، أشار العلاق إلى أن «طبيعة الإيرادات العامة من الدولار هي بنسبة 95 في المئة، وتشكل الأساس النقدي لدى البنك المركزي، وإنفاق الحكومة هو المحدد للتوسع في العرض النقدي، وهنا تبرز الظاهرة التي تمثل تحدياً أمام السياسة النقدية، ومنها الإنفاق الاستهلاكي للحكومة الذي يلقي بآثار تضخمية».
ومضى محافظ البنك الى القول، ان «تغطية النفقات من الإيرادات المحلية لا تتجاوز 5 في المئة، ما يفضي إلى استبدال العملة الأجنبية الناتجة من الصادرات النفطية بالعملة المحلية عن طريق البنك المركزي».
وأفاد بأن الإنفاق الحكومي «لم يستهدف توسيع القدرات الإنتاجية المحلية وتهيئة ظروف القطاع الخاص ودعمه، ولم ترتفع إنتاجية شركات القطاع العام، بل استمرت في تلقي دعم الموازنة العامة، برغم خسائرها الكبيرة والمتراكمة حتى تجاوزت المبالغ الممنوحة أكثر من 13 تريليون دينار عبر قروض من المصارف الحكومية، لم تُسدد بعد».
وقال إن البنك المركزي «خصم حوالات خزينة نهاية عام 2015 وخلال العام الماضي بنحو 16 تريليون دينار إضافة إلى 4 تريليونات دينار من احتياط المصارف لديه، ما زاد الكتلة النقدية من دون غطاء من العملة الأجنبية وبالتالي انخفاض الاحتياطات الأجنبية».
وذكر أن عجز الموازنة المخطط للعام الماضي «كان 24 تريليون دينار وكان مفترضاً تغطية معظمه من سندات وقروض داخلية وخارجية، لكن لم يتحقق جزء كبير منها ما اضطر البنك المركزي إلى سد العجز».
وكشف محافظ «المركزي» أن الكتلة النقدية خارج القطاع المصرفي وقنواته «تمثل 41.9 تريليون دينار من مجموع العملة المصدرة البالغة 45.1 تريليون نهاية 2016».
ورأى أن هذه الظاهرة «تشكل تحدياً كبيراً أمام السياسة النقدية، إذ تتعطل أدواته للسيطرة على تلك الكتلة، فضلاً عن تفويت فرص التمويل والتشغيل والائتمان». ولم يغفل أن «طريقة تمويل مؤسسات الدولة لمخصصاتها في الموازنات العامة ضعيفة، ما راكم مبالغ كبيرة في حسابات مصرفية تجاوزت 40 تريليون دينار».
ولاحظ العلاق أن الجهاز المصرفي «يشهد ظواهر سلبية منها محدودية المنتجات والخدمات المصرفية والانشغال بنشاطات هامشية، وكذلك هيمنة المصارف الحكومية على القطاع بنسبة تزيد على 80 في المئة وتفاقم مشكلة الديون المتعثرة، وتركز الائتمان وضعف الحكومة المؤسساتية».
وأشار إلى أن «الظروف الأمنية والسياسية والتشريعية والتنظيمية، دفعت بنسبة كبيرة من المدخرات إلى الاستثمار خارج العراق. كما أن ضعف واردات العملة الأجنبية من مصادر التصدير والسياحة وتحويلات المقيمين في الخارج والاستثمار، عوامل دفعت البنك المركزي إلى أن يكون الجهة التي تحتكر عرض العملة الأجنبية في سوق الصرف بالكامل».
وتحدث خلال الندوة التي حضرها خبراء ورجال أعمال، وزير التخطيط السابق مهدي الحافظ، الذي أكد أن «السياسة النقدية هي انعكاس للأداء العام للدولة، ومدى جديتها في تلافي الصعوبات الناشئة وجعلها متناسقة مع الأهداف المرسومة».
وأعلن أن «المهمة هي في مواجهة تبييض الأموال ومحاولات تمويل الإرهاب، التي تقف في مقدم التحديات التي تواجه البنك المركزي العراقي، وتمكينه من أداء مهمته من دون تدخل وفساد، وجعله مؤسسة فاعلة وضامنة لمصلحة المجتمع».