«حزب الله» وانتقال الإرهابيين؟

صدرت تصريحات حول انتقال ارهابيين لمنطقة دير الزور.. وصدرت قبلها تصريحات عن انتقال ارهابيين الى خارج الموصل وتلعفر وغيرهما. وبعيداً عن أي تبسيط، فالمعركة مع «داعش» تخفي معارك اخرى، لها جذورها وابعادها، في قائمة طويلة ومعقدة ومتداخلة بكل مستوياتها. فهناك اسرائيل ومواقفها الظاهرة والخفية، السياسية والعسكرية.. وأميركا والغرب ومن معهم.. وروسيا ومن معها.. والدول العربية والخليج باختلاف مواقفهم.. وتركيا وايران، اضافة للحكومات العراقية والسورية واللبنانية وجبهاتها الداخلية المؤيدة والمعارضة وما بينهما.. وهناك بالطبع «حزب الله» الذي لعب دوراً بارزاً خصوصاً منذ معركة «القصير».. من دون ذكر بقية القوى والمعارك.
1 – لا يختلف اثنان -على المستوى الاستراتيجي ومحاربة الارهاب- ان النجاح في سوريا ولبنان، هو نجاح للعراق، والعكس صحيح تماماً. ولاشك ان نجاح «حزب الله» والجيش اللبناني في طرد الارهاب والدواعش من منطقة الحدود هو انتصار استراتيجي. فاذا كان صعباً على البعض الاشادة به لاعتبارات خاصة، فعلى اقل تقدير وضعه في الحساب، وعدم التشويش عليه، خصوصاً بعد التأكد ان المعلومات التي تكلمت عن نقل الارهابيين للعراق او احتوائهم، هي تهويلات شبيهة بما تردد بخصوص الموصل وتلعفر، ليس الا. مما يضعنا امام حقائق تعرفها الحروب، باختراق القيادات والتشكيلات، واستغلال الانهيارات، او انسحابهم من حصار محدود لحصار اكثر فتكاً.. يقابله ثمن ونصر.. يتمثلان اساساً بتأمين الجبهة الخلفية في لبنان والمحافظات السورية الـ 12، لمصلحة التفرغ للمحافظتين المتبقي اجزاء مهمة منهما بيد «داعش»، أي «الرقة» و»دير الزور».
كنا نتمنى على اخواننا اللبنانيين والسوريين اطلاع الجانب العراقي بالتفاصيل درءاً لسوء الفهم، عدا ذلك، لا مجال للتشويش والقول باحتواء «داعش»، وعبورهم للعراق. فسياسة «مناطق التهدئة» الاربعة، (ادلب، وحمص -اطراف من اللاذقية وحلب وحماة-، والغوطة الشرقية لدمشق، ودرعا والقنيطرة) والمقرة في «الاستانا» بداية ايار الماضي، برعاية روسيا وايران وتركيا، والمدعومة أممياً شهدت ممارسات مشابهة.. وعدّ نجاحها نقلة استراتيجية لموازين القوى، ولفرز الارهاب عما عداه، لتطويقه ودحره، وليس لاحتوائه.. ففتحت الباب لعودة الحياة والمساعدات ولحلول سياسية، كانت مستحيلة قبل أشهر. فلو كانت هناك قيادة مشتركة واحدة للمعارك بين البلدان الثلاثة، لاتخذت قراراً مشابهاً. ففي الجانب العراقي من الحدود تتقدم القوات العراقية والحشد الشعبي والبيشمركة، وتتقدم في الجانب الاخر للحدود القوات النظامية السورية وقواها الرديفة ومنها حزب الله بكثافة واستعدادات عالية تحت غطاء جوي روسي، بينما تتقدم قوات «سوريا الديمقراطية» والمعارضة السورية بغطاء اميركي. فهناك تسابق بين القوى المعادية لـ»داعش» لحسم المعركة والسيطرة على الارض، لطرد «داعش»، وتطهير الحدود العراقية السورية، مما يمهد للقضاء على بؤره المتبقية هنا وهناك، واحتلال مواقع القوة استعداداً للمفاوضات او التحاربات التي ستعقب «داعش».
2- كلامنا ليس تبريراً ومجاملة، بل ذكر الوقائع والمبادىء.. فلم نبرر قبل 2012 استخدام الارهاب الاراضي السورية ضدنا بحجة «المقاومة»، وكنا نناقش الطرف السوري انزعاجنا، بدءاً من الرئيس الاسد لكبار المسؤولين السوريين، ونطلع الاخوة اللبنانيين على مساعينا، وفي مقدمتهم سماحة السيد نصر الله. دافعنا عن دور التحالف الدولي بقيادة اميركا في مواجهة «داعش».. ودافعنا عن الدور الايراني والذي لولاه (ولولا فتوى «الجهاد الكفائي» وانطلاق الحشد الشعبي وقواتنا المسلحة بشتى أسماءها)، والدعم الدولي، لدخلت «داعش» بغداد واربيل واجتاحت العراق.. ومن دون مقارنات ومقاربات، كنا مع الاميركان نفسر ايجابياً المواقف الايرانية، وكنا مع الايرانيين نفسر ايجابياً المواقف الاميركية، يدفعنا حرصنا وواجبنا لحشد القوى لمحاربة الارهاب والدفاع عن بلدنا، مع علمنا ان هذا لن يرضي أي من الطرفين.
عادل عبد المهدي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة