أكد أن أنقرة ستكون أول المعترفين باستقلال الاقليم
بغداد – الصباح الجديد:
وصف معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إقليم كردستان بـ «الحاجز» لحماية تركيا من خطر الجماعات الارهابية، وفي الوقت الذي أكد فيه أن أنقرة ستكون أول العواصم المعترفة بكردستان حال اعلانها الانفصال، سخر من التغير الواضخ في طبيعة العلاقات بين الطرفين
وذكر سونر چاغاپتاي وهومدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن. ضمن مقالة نشرها المعهد وجاءت تحت عنوان «الأكراد حاجز حماية لتركيا»، أنه «إذا أسفرت الاضطرابات في العراق عن أي حصيلةٍ جيدة فهي تحسين العلاقات بين تركيا وأكراد المنطقة، لقد كان الأكراد ألد أعداء تركيا حتى فترة ليست ببعيدة. فلم تستطع أنقرة قط تقبّل فكرة الحكم الذاتي للأكراد – في العراق أو سوريا أو تركيا»، مستدركاً بالقول إن «الحرب الأهلية السورية والتطورات العراقية بدأت تغيّر الصورة بكاملها. فمن وجهة نظر تركيا، لم يعد الحكم الذاتي للأكراد هذه الأيام سيئاً إلى درجة كبيرة. فالمناطق في شمال العراق وسوريا الواقعة تحت السيطرة الكردية تنعم بالاستقرار والسلام لتشكل بذلك حصناً مثالياً ضد التهديدات كتلك الناشئة عن تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام).
وأوضح الكاتب إن «زحف داعش في العراق – ويشمل ذلك الهجوم على القنصلية التركية في الموصل في 11 حزيران، الذي احتجَزت خلاله الجماعة دبلوماسيين ومسؤولين أمنيين أتراك كرهائن – قد شدد الحاجة الملحة إلى تحسين العلاقات بين تركيا وأكراد العراق»، موضحاً إن ذلك «دفع تركيا إلى التراجع عن بعض الخطوط الحمراء الواضحة التي كانت قد وضعتها سابقاً في علاقتها مع الأكراد، ففي عام 2005 كانت تركيا قد هددت باللجوء إلى العمل العسكري إذا ما احتل الأكراد مدينة كركوك الغنية بالنفط في شمال العراق».
وأردف قائلاً بخصوص التواجد الكردي في كركوك إن «احتياطي النفط في تلك المدينة كان ليمنح حكومة إقليم كردستان مدخولاً مستقلاً (وتعتمد حكومة إقليم كردستان على بغداد في التحويلات المالية التي تحصل عليها)، الأمر الذي من شأنه أن يشكل الخطوة الأولى نحو السيادة التامة. ولكن في الثاني عشر من حزيران حين تحركت القوات الكردية لاحتلال كركوك، لم تنبس أنقرة ببنت شفة»، مشيراً الى إنه «إذا أعلنت «حكومة اقليم كردستان» الاستقلال، فستكون أنقرة أول عاصمة تعترف بها. بمعنى آخر، في الشرق الأوسط اليوم، تشكل (داعش) بالنسبة للأتراك تهديداً أكبر من استقلال الأكراد في العراق.
وأشار چاغاپتاي أنه «لا تستطيع تركيا توثيق علاقاتها مع أكراد سوريا والعراق دون أن تعقد الصلح مع الأكراد على أرضها. فبعد عقود من الاقتتال، لا يزال (حزب العمال الكردستاني) قادراً على إيقاف أي تقارب بين تركيا والمجموعات الكردية الأخرى، لا سيما الأكراد السوريين، بمجرد أن يطلب من حزب الاتحاد الديمقراطي) رفض العروض التركية. وأكثر من ذلك، يستطيع (حزب العمال الكردستاني) شنّ هجمات في تركيا إذا ما شعر أنه مستبعد عن أي صفقة محتملة بين تركيا وأكراد العراق». منوهاً الى أن «لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مصلحته الشخصية في ذلك أيضاً. فهو على أبواب انتخابات رئاسية في آب. وقد فاز حزبه في الانتخابات المحلية في آذار بنسبة 43 في المائة من الأصوات. لذلك فإنّ دعم (حزب السلام والديمقراطية) الموالي لـ (حزب العمال الكردستاني) – الذي فاز بنسبة 6,5 في المائة من الأصوات في آذار قد يضمن له الرئاسة».
وعن محادثات السلام الجارية مع (حزب العمال الكردستاني)، تحدث چاغاپتاي قائلاً «من خلال هذه المفاوضات منحت تركيا حقوقاً إضافية للأكراد أتاحت لهم استخدام لغتهم الخاصة علناً بعد أن كان ذلك يعتبر لفترة طويلة تهديداً للقومية التركية. وباتت اليوم اللغة الكردية واسعة الانتشار في الجامعات وحكومات المدن في جنوب شرق تركيا حيث يسيطر الأكراد. وفي الآونة الأخيرة، في 26 حزيران»، مضيفاً «وأعلن أردوغان عن مجموعة إصلاحات جديدة تعِد بالعفو عن آلاف مقاتلي (حزب العمال الكردستاني) إذا ما اختتمتت المفاوضات مع (الحزب) بنجاح».
وخلص الكاتب الى إنه «سوف يحاول أردوغان الحفاظ على رضا الأكراد الأتراك فيما يوطّد الأواصر الأمنية مع الأكراد العراقيين والسوريين، الذين ستضمن لهم تركيا استقلالية واقعية»، مستدركاً بالقول «لكن هذا التغير في مجرى الأحداث يدعو للسخرية إلى حد ما إذ لم يكن قد مضى وقت وجيز على وصول أردوغان إلى السلطة في عام 2003 حتى أطلق سياسة جديدة تحت عنوان «العمق الاستراتيجي» وهدفه جعل تركيا قوة عظمى في الشرق الأوسط، لها حلفاء ونفوذ في جميع أنحاء المنطقة. ولكن بعد مرور عقدٍ على ذلك قد يكون حلفاء أنقرة الوحيدون في الشرق الأوسط هم الأكراد».