العراق ووعود ترامب بتقديم دعم أكبر ضدّ الإرهاب

في ظل اتفاقية الشراكة بعد عام 2003
ترجمة: سناء علي

في تقرير نشر على صفحات التايمز البريطانية اشارت فيه الكاتبة « اليان ستانلي « الى ان « تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الاميركية اثار العديد من التساؤلات والمخاوف لدول الشرق الاوسط الحليفة لاميركا او التي تقف على الجانب الاخر، نتيجة التصريحات النارية التي اطلقها ابان حملته الانتخابية او قراراته غير المدروسة بحسب المختصين بعد توليه الرئاسة.»
مضيفة ان « ملف العراق يشكل صعوبة كبيرة بالنسبة لترامب كما شكل سابقاً إحراجاً لسلفه باراك أوباما، فترامب صرح مراراً وتكرارًا ان قرار غزو العراق عام 2003 قد يكون «القرار الأسوأ»، في التاريخ الأميركي حسب وصفه، مستنداً في ذلك الى ان الولايات المتحدة في حربها على العراق ادت إلى إحداث حالة من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، كان من شأنها تعزيز قوة إيران، وإهدار المليارات من أموال الاميركيين، وقتل الآلاف منهم.»
وبينت ستانلي انه « وعلى الرغم من ان العراق والولايات المتحدة الاميركية مرتبطان بعلاقة شراكة منذ ان غزت اميركا العراق واسقطت النظام الصدامي الا ان تولي ترامب اثار الكثير من التوجس في ان تتخذ تلك العلاقات منعطفاً سلبياً حيث ان الرئيس الجديد ترامب صرح خلال حملته الانتخابية بضرورة السيطرة الاميركية على النفط العراقي، وقراره بعد فوزه بمنع رعايا العراق وست دول اسلامية من السفر الى الولايات المتحدة الاميركية، وهذا القرار بحسب الساسة العراقيين خطأ ترتكبه الإدارة الجديدة للولايات المتحدة اذ انها تنقض ما تعهدت به الادارة الاميركية السابقة بعد انسحابها الرسمي من العراق باستمرار دعمها لقدراته الدافعة باتجاه فرض سيطرته على كامل ترابه، ومنع تفككه، أو اختطافه من قبل قوى العنف الظلامي، وقد تم تثبيت هذا التعهد في اتفاقية الإطار الإستراتيجي الموقعة بين البلدين في السابع عشر من تشرين الثاني نوفمبر 2008، والتي تعد الوثيقة الأهم على صعيد تنظيم علاقاتهما المشتركة.»
واكدت ستانلي ان « منطقة الشرق الاوسط التي يمثل العراق فيها محوراً اساسياً ويمتلك ثاني احتياط نفطي فيها تشكل قضية مهمة لسياسة ترامب الجديدة التي يعارض فيها جميع سياسات الحزب الديمقراطي، حيث يقول إن كل المشكلات والحروب التي تعرفها دول الشرق الأوسط سببها إدارة أوباما، خاصة فيما يتعلق بالتهديدات الإرهابية، والملف السوري إضافة للعراق وليبيا والملف النووي الإيراني، بيد ان تهجم الرئيس ترامب على اغلب دول المنطقة واطلاقه تسمية «الارهاب الاسلامي» على المجموعات المسلحة الارهابية، واتهامه بعض دول المنطقة بالارهاب على الرغم من انها الدول الاكثر تضررًا منه، جعل المتابعين يؤكدون ان السياسة الاميركية القادمة قائمة على المضي في العمل لمصالح الولايات المتحدة الاميركية فقط، بعيداً عن بناء المصالح المتبادلة مع بلدان المنطقة التي تشكل بعداً استراتيجياً لاغلب الدول العظمى لاسيما الولايات المتحدة.»
وتشير ستانلي انه فيما « اذا تساءلنا ما اذا كانت الولايات المتحدة ستتخذ سياسة جديدة في التعامل مع العراق بنحو خاص والمنطقة بنحو عام فان الاجابة تتلخص وبحسب المتابعين الى ان السياسة الاميركية لا تختلف كثيراً او جوهرياً بين رئيس وآخر حيث ان المواقف ذاتها لان المصالح والأهداف ذاتها، الا ان هذا التصعيد من قبل الرئيس ترامب لتشويش التفكير لدى الحلفاء والشركاء والواقفين على الجانب الاخر بغية فرض الشروط والتعهدات التي يريدها فهو الان يطبق المثل الشعبي «اراويك الموت حتى تقبل بالصخونة» فضلا عن ايمانه بان اميركا لم تعد فاعلا رئيساً ووحيداً في منطقة الشرق الأوسط لاسيما مع تصاعد الدور الروسي في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي، فروسيا صاحبة الدور الابرز في الازمة السورية.»
وبحسب سياسيين عراقيين تشير ستانلي الى ان « السياسة الاميركية ثابتة لكن هناك فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين، اذ ان الديمقراطيين يلجأون الى الحلول السياسية والسلمية للأزمات، في حين الجمهوريون يلجأون الى الشدة نوعاً ما وهو ما يصلح للتعاطي مع قضايا المنطقة، ومن هنا نستنتج بأن الولايات المتحدة وعلى الرغم من انها لا تملك السيطرة الكافية لفرض ما تريده في العراق، لكنها ما تزال تملك ما يمكنها من الضغط من أجل إحداث التغييرات، بيد ان العراق سيبقى رهين التوترات الاميركية الايرانية، فاذا ما توصل الايرانيون الى حل لاقناع الرئيس ترامب بشأن الاتفاق النووي، فهذا يعني وضع خطة بعيدًا عن التقسيم والاقاليم، اما ولحد هذه اللحظة ومع اتهام ترامب لايران بانها دولة ارهابية فهذا يعني ان لاميركا اليد الاقوى في العراق وهي الحريصة على رسم خريطته والحفاظ عليه على وفق اتفاقية الشراكة.»
وبينت ستانلي انه « ومع تصاعد وتيرة التصريحات والقرارات الاميركية تجاه العراق وبعض دول المنطقة التي تؤكد بأن ترامب لم يعد ينظر الى العراق كما كان ينظر اليه سلفه باراك اوباما، لذا يمكن القول بان الشكل العام للسياسة الاميركية المستقبلية في العراق ذاهبة باتجاه الفدرلة، وهو ما تعارضه ايران وحلفاؤه والذين هم العنصر الموازي لاميركا في رسم خريطة العراق التي باتت ارضاً للقتال بالنيابة عن مصالح كبار الدول، الا ان التوترات القائمة بين ايران والولايات المتحدة حول الاتفاق النووي الذي يعارضه بشدة الرئيس ترامب قد يضعف من نفوذ ايران في رسم ما تريده الادارة الاميركية الجديدة للعراق، كما ان العرب السنة في العراق اذا بلوروا موقفهم في مشروع جامع واتفقوا مع الولايات المتحدة حول التقسيم في مرحلة ما بعد داعش التي باتت قاب قوسين او ادنى بعد ان كانوا رافضين له، فان اول ما سيشهده العراق بعد اعلان تحرير الموصل اقامة اقليم الغربية «السني» واقليم الوسط واقليم الجنوب.»

* عن صحيفة الـ «صن تايمز البريطانية»

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة