لتنزع عنها رداء داعش المظلم وتمسح آثاره
نينوى ـ خدر خلات:
بعد مضي اكثر من 3 اشهر على تحريرها، بدأت الحياة تعود بنحو خجول الى بلدة بعشيقة وقرية بحزاني المتاخمة لها (17 كلم شمال شرق الموصل)، حيث عادت بضع عشرات من العائلات للسكن فيها، بالرغم من عدم توفر الخدمات الاساسية كالكهرباء والماء وغيرها.
وبين مشاهد الخراب والدمار الذي يمكن رؤيته في العديد من شوارع وازقة بعشيقة وبحزاني، كانت شعارات تنظيم داعش الارهابي التي يبدو انها تعمّد في خطّها بكثرة غير معهودة تبرز لكل من زار المنطقة، من اهاليها النازحين، بهدف تفقد ما تبقى من ممتلكاتهم، وكانت هذه الشعارات بمنزلة تحدٍ لجميع اهل المنطقة وتذكرّهم بحقبة داعش السوداء التي استمرت لنحو سنتين وثلاثة اشهر.
كان لابد من جهد ما لاعادة الحياة لمركز بعشيقة وتوأمتها بحزاني المجاورة، فبدأت الجهود الرسمية من قبل بعض الدوائر الخدمية وبدعم من مراجعها الرسمية وتم ازالة الكثير من الانقاض وتنظيف عدد من الشوارع والارصفة فيما فرق الكهرباء تجري عمليات الصيانة والتأهيل لشبكاتها، وجهود اخرى في قطاعات اخرى بدأت تكشف عن نفسها، لكن بقيت شعارات داعش الكريهة تستمر بغزوها لجدران المؤسسات الرسمية ودور المواطنين.
وهنا انبرت مجموعة شبابية من اهالي بعشيقة وبحزاني كان عددها بداية بحدود 7 اشخاص، واطلقوا حملاتهم لازالة شعارات داعش تحت شعار #بصمة_امل، على وفق ما قاله الناشط مراد خيري بوزو لـ “الصباح الجديد”.
واضاف “الفكرة هي المساعدة بتسريع وتيرة اعادة الحياة لمناطقنا، واستعادة وجهها الزاهي بعد حقبة داعش السوداء، فكانت الخطوة الاولى هي ازالة شعاراته ومحوها من جدران وذاكرة بعشيقة وبحزاني، ثم الخطوة التالية كانت كتابات شعارات تؤكد على قيم التسامح والتآخي والتعايش، ونبذ الكراهية والعنف، لان ناحية بعشيقة اشبه بعراق مصغر وفيها شتى الديانات والاعراق والمذاهب، ولا سبيل امامنا للعيش بسلام الا بالابتعاد عن كل اسباب الفرقة والتناحر”.
وتابع بوزو بالقول “المرحلة الثالثة من حملتنا شمل زراعة عدد من الشتلات في الساحات العامة والارصفة حيث حصلنا على نحو 30 شتلة يوكالبتوس من دائرة بلدية بعشيقة، ونحن على استعداد لزراعة نحو 200 شتلة اخرى في حال وصولها الينا من مصادر اخرى، علماً ان ريّ هذه الشتلات ورعايتها يتم بشكل تطوعي من قبل مجموعتنا الشبابية ومن قبل اصدقائنا داخل المنطقة من اصحاب مقطورات نقل المياه”.
ونوه بوزو الى ان “حملة #بصمة_امل انطلقت بامكانات ذاتية بحتة، ووصلتنا تبرعات من اصدقاء ومعارف، خصصناها لشراء الاصباغ وبعض الاحتياجات لاستمرار عملنا، كأدوات الصبغ والرسم، علماً ان التنقل من اماكن اقامتنا الى بعشيقة وبحزاني على نفقتنا الشخصية”.
من جانبه، قال الخطاط ابراهيم خلبيل نباتي لـ “الصباح الجديد” انه “عقب اتصال مجموعة #بصمة_امل معي وطلبوا مني ان اساعدهم في خط الشعارات التي تشجع على نشر المحبة والتآخي ورسم لوحات فنية تعبّر عن ذات المضمون، وافقت فورا، وباشرت بالعمل التطوعي معهم خدمة لمنطقتنا واهلها الكرام”.
واضاف “حسب القول المعروف (العافية درجات) لهذا فان اعادة الحياة لمناطقنا سيتم بالتدريج، لكن ينبغي ان يكون هنالك من يبادر من تلقاء نفسه، وعدم الاعتماد بالكامل على الجهود الحكومية الرسمية، بل ينبغي ان نساند تلك الجهود بمبادرات فردية وجماعية، لاننا نخدم انفسنا عندما نخدم منطقتنا”.
وكانت ناحية بعشيقة تضم نحو 300 الف شجرة زيتون، بينما مركز بعشيقة وبلدة بحزاني المجاورة يضمان نحو 100 الف شجرة زيتون على وفق تقديرات غير رسمية، واغلب هذه الاشجار اصابها الجفاف او احترقت بفعل القصف الجوي والمدفعي طوال عامين و3 اشهر.
ويبدو ان اشجار الزيتون تساعد اهل البلدتين التوأمين في استعادة الق الماضي، حيث ان غالبية تلك الاشجار بدأت بالنمو مجدداً، من تحت الارض التي اسودت بفعل الحرائق والجفاف، وامامها سنوات طويلة كي تبلغ مرحلة النضج وتعود بساتين الزيتون ببعشيقة وبحزاني الى سابق عهدها كغابات خضر تمتد على خط البصر لتحتضن القريتين بمشاركة الجبال الجرداء الواقعة شمال البلدتين.