الإعلام الغربي.. الحقيقة والدجل

 علي عبد العال *

لم تعد وسائل الإعلام العابرة للقارات من خلال الأقمار الصناعية مجرد وسائل إعلام محلية، بل هي تخطت تلك الحدود وأصبحت أدوات إعلامية ذات طابع عالمي بأبسط أشكالها مادامت تحصل على الإشتراك بالقمر الصناعي وتدفع ثمن تلك الفاتورة حسب قيمة البث الفضائي وأوقات الإرسال وبالتالي مقدار الأهلية والكفاءة والجودة الملحقة بالبث عبر الأقمار. وهنالك قيمة بث عالي الجودة والتردد حسب قيمة الثمن المدفوع والتكلفة الاجمالية للاشتراك. وللأسف الشديد تختفي قناة العراق الفضائية وملحقاتها عند أبسط التحولات الجوية على القمر الهوت بيرد الموجه للبث في أوروبا، والعرب سات بسبب ضعف قيمة الاشتراك ونوعيته، الأمر الذي يجب تلافيه لضمان جودة البث من دون إنقطاع مثل باقية القنوات العربية الأخرى المغاربية منها والمصرية واللبنانية وحتى القنوات الفضائية السورية التي تمر بأزمات كبرى. والعراق يُعد من الدول الغنية التي تستطيع تغطية تلك التكاليف التي تقوم بدفع أثمانها مجرد جهات وشخصيات خاصة. إنه سوء الإدارة وسوء الأختيار ومحاولة التلاعب بمصادر المال من قبل موظفي شبكة الإعلام العراقية من قبل بعض المسؤولين الفاسدين.

في هذا السياق الإعلامي الدولي العام لم تعد قناة الجزيرة العربية التي تبث من الدوحة بقطر وشقيقتها اللدود قناة العربية التي أوجدت كمنافس لقناة الجزيرة بينما هما يصبان في المجرى ذاته والأهداف المنافية للحقيقة الإعلامية ذاتها ونقل صورة الواقع بحياد وأخلاق مهنية لإبراز صورة الواقع كما هو، لتتخطى الأمر إلى ما يشبه شهادة زور في المحاكم الجنائية. تلك القنوات الفضائية المتفوقة الملاك والمتفوقة التقنيات تضع نفسها بحماية الدول والساسة من ذوي الأهداف الخبيثة السامة لتشويه الحقائق والوقائع لمحاربة الأهداف المعاكسة مهما كانت أنواعها وأشكالها. بيد ان مهنة ومهمة وسائل الإعلام هي تقديم الحقيقة للمشاهدين وليس التعمد لحرفهم عن مسار الأحداث والواقع كما هو على أبسط التقديرات المهنية والأخلاقية لهدف الإعلام الرئيس.

وسائل الإعلام العربي العالمي

قناة الجزيرة تفوقت بالمال والدعم التقني اللامحدود لتتفوق على جميع القنوات الفضائية العربية الأخرى، ومنها قناة العربية التي لا تقل عنها شأناً بالتمويل المالي والدعم المطلق من قبل المملكة العربية السعودية، بينما تُغطى نفقات قناة الجزيرة من قبل دولة قطر، وبين هذين الشيطانين الإعلاميين العملاقين عداوات عميقة لكنهما تتشاركان بالأهداف الإعلامية القذرة ذاتها التي توجتهما كقناتين تتلاعبان بمجريات الصراع الدائر بالشرق الأوسط والعالم الإسلامي والعالم العربي لخدمة أغراض سياسية ليس لها دخل بمهنة الإعلام ورسالته المقدسة.

بشكل عام يعتمد الإعلام على مصادر التمويل المالي الضخم. إنها شبكة كبيرة من المراسلين الميدانيين ترفدهم جوقة من المحللين السياسيين المدفعوين الثمن سلفاً ورجال دين مأجورين من الذين يقلبون مبادئ الدين رأسا على عقب حسب الوصفة السياسية المطلوبة. 

تصدرت قناة الجزيرة الفضائية القطرية مستويات خطيرة على صعيد الإعلام العالمي. نالت هذه القناة سمعة إعلامية كبيرة وخطيرة بحيث أصبحت مصدراً إعلامياً للكثير من القنوات الأوروبية والغربية العامة والخاصة. الأخطر من ذلك، أحتلت قناة الجزيرة صدارة الخبر العالمي بفضل تقنياتها الإعلامية المحترفة. قناة العربية لم تستطع اللحاق بقناة الجزيرة بالرغم من التقليد الواضح بأداء القناتين من الجهة التقنية.

الحرب الإعلامية المزيفة على العراق

تشن هذه القنوات الفضائية المحترفة حرباً ضروساً شرسة ضد العراق الحديث وتجربته الديمقراطية الوليدة من رحم القمع والدكتاتورية المطلقة. ربما نفّضل عدم ذكر ذلك بالوقائع الميدانية لكن جميع الدلائل العامة والخاصة التي يعرفها الجمهور والمختصون بالشأن السياسي العراقي الداخلي والخارجي أن الحرب المتكالبة على العراق وتجربته الديمقراطية الجديدة هي حرب الجهل والظلام على أنوار المستقبل. إنها حرب الظلام على النور. دور الإعلام العربي المجيش من قبل دول الخليج وغيرها على الصعيد العالمي وقف على الضد من تطلعات الشعوب المقهورة وناصر الأعداء العتاة ضد الشعوب التي تناضل من أجل نيل حرياتها الطبيعية بالعيش الكريم والتحرر من الأنظمة الإستبدادية القمعية المتخلفة من أمثال أنظمة الخليج التي ينتظرها المصير المحتوم بأبشع الصفحات من الذل والعار كما سبق لشاه إيران وصدام حسين وحسني مبارك ومعمر القذافي وزين العابدين ومرسي وغيرهم من فسدة التاريخ والمتلاعبين بمقدارت البلاد والعباد عن طريق النفاق والدجل. سوف يلحق بهذه القافلة الإعلامية رؤساء أنظمة ودول ومؤسسات حكومية فاشلة تقود شعوبها عن طريق التضليل والغش والخداع الإعلامي عبر سيطرتها على وسائل الإعلام العامة والخاصة. الزمن المقبل ليس بصالح تلك الأنظمة الخليجية المتخمة بالمال والفارغة من العلم والعقول والقادة من الرجال الأحرار في دست الحكم. يراهنون على المال بشراء الذمم والتقنيات الحديثة لكن الزمن ينتظرهم كجهلة ومجهولين بالتاريخ الحديث.

تشن هذه القنوات المحلية منها وذات الصيت والحضور العالمي حملات إعلامية مبرمجة على وفق أجندة سياسية مغرضة للنيل من العراق وتجربته السياسية الديمقراطية الحديثة التي تهدد أنظمة الخليج برمتها مع قننواتها الفضائية الأفاقة، قنوات الدجل والخداع.

الإعلام الأوروبي العام والخاص

أكثر من 90% من وسائل الإعلام الغربي هي وسائل إعلام حرة يمتلكها رجال أعمال متنفذون ومهمون على وسائل الدعاية والأخبار. هذا الأمر ينطبق على جميع وكالات الأخبار التي تشتري الخبر وتبيعه كما يُشترى سعر برميل النفط وسعر غرام الذهب بالسوق العالمية. إمبراطورية رجل الأعمال وممثل تاريخ الصحافة العالمية اليهودي الشهير مرودوخ وصلت إلى الحضيض بسبب الكذب والتزوير وتلفيق الوقائع بالضد من الحقيقة. انهارت هذه المؤسسة العملاقة بسبب عناصر الكذب والغش والتدليس لا غير. حبل الكذب قصير كما يعرف الجميع، لكن ومع ذلك، يقع في فخ هذا الحبل القصير الكثير من الكبار.

الإعلام الغربي.. السويد أنموذجاً

كما هو معروف أن الإعلام الغربي عالم واسع كبير ومتطور، وهو عالم قائم بذاته يسقط رؤساء دول ورؤساء حكومات سواء عن طريق الحق أو الباطل، وتلك قضية أخرى. وهو بالمحصلة النهائية إعلام حر ومستقل حسب الضمانات الأساسية التي كفلتها معظم الدساتير الأوروبية تحت بند «حرية التعبير عن الرأي». يلعب هذا الإعلام المرئي والمقروء والمسموع دوراً كبيراً بصياغة وبلورة الرأي العام، وبالتالي التحكم المطلق بمزاج الجمهور سلباً وإيجاباً. هناك الآف، بل عشرات الآلاف من القنوات الفضائية المتنوعة في أوروبا، سوف نختار مملكة السويد أنموذجاً متطوراً لكيفية ومنهجية عمل وسائل الإعلام بشكل مختصر وعام، وليس الدخول في غابة التفاصيل التي لا يمكن تغطيتها بمجلدات ضخمة.

الأمر الذي يعنينا بالدرجة الأولى هو ما يتعلق بأحداث العراق الجارية على الساحة عسكرياً وسياسياً بشكل مباشر وغير مباشر. بالبداية يجب القول إن الإعلام السويدي هو من أرقى أنواع الإعلام الأوروبي ومن أكثرها حيادية وتوخياً للموضوعية في عمليات التغطية والإستقصاء الميداني والتحليل العلمي للأحداث الجارية بالعالم. ولهذا الإعلام، التلفزيوني الفضائي على وجه الخصوص، مساحات جغرافية واسعة ومراسلون منتشرون بشتى أصقاع العالم، ينقلون الأخبار الجديدة المتسارعة من قلب الحدث. وقد تمت تغطية جميع الأحداث الكبرى التي عصفت بالعالم العربي تحت شعار ما أطلق عليه «الربيع العربي». مع كل هذا الحذر والدقة والموضوعية يرتكب هذا الإعلام بعض الأخطاء الجسيمة سهواً أو عن قصد لربما في المفاصل المهمة. في مملكة السويد توجد عشرات بل مئات من القنوات الفضائية التي تبث على مدار السنة من دون إنقطاع. وهي قنوات مستقلة وحرة يمتلكها إما أشخاص أو شركات، عدا قناتين تابعتين للدولة السويدية وهما قناتان رسميتان تنطقان باسم الحكومة والدولة السويدية هما القناتان الأولى والثانية. وتوجد بعض القنوات القليلة الأخرى تابعة للدولة أيضاً متخصصة بالعلوم والمعارف والوثائق التاريخية.

القناتان الأولى والثانية تمنعان الدعايات والإعلانات التجارية على شاشتيهما، وتقدمان نشرات الأخبار بأوقات مقدسة لا تتغير مطلقاً وبمنتهى الدقة حتى بأجزاء الثانية. تحتل الأخبار الرئيسة حسب أهمية الحدث، وقد أحتل العراق بهذا الصدد صدارة الأخبار في الكثير من النشرات الرئيسة، وكذلك أحداث سوريا ومصر وليبيا وغيرها من مواقع الحدث. تتوخى هاتان القناتان الدقة والموضوعية وأكبر درجة من الحياد، وتتحملان المسؤولية الأخلاقية والقانونية الكاملة لكل خبر ينشر على شاشتيهما. أما بالنسبة للقنوات الخاصة الأخرى فتتدنى هذه الدقة والموضوعية والحياد إلى درجات قصوى حسب نوع الفائدة التي تحصل عليها هذه القنوات من الجهات ذات المصلحة. في هذا السياق يتم تشويه الكثير من الأحداث السياسية والمعارك القتالية حسب الجهة أو الجهات المستفيدة من تشويه الأحداث وغالباً ما تكون دول الخليج وأسرائيل هما الجهات التي تحاول حرف الأحداث عن مسارها الطبيعي لأغراض إعلامية محددة هي بالمحصلة أهداف سياسية ومعنوية تدخل ضمن نطاق الحروب النفسية.

بشكل عام وفي الكثير من الدول المتقدمة والمتحضرة ذات الطبيعة الديمقراطية تنخرط وسائل الإعلام، التلفزيونية والفضائية منها بالأخبار المثيرة. الأخبار المثيرة هي عبارة عن مشاهد حية للقتل والذبح والعنف البشري الذي ترتكبه جماعات متطرفة يغلب عليها الأنتماء للتيارات الإسلامية المتطرفة من أمثال تنظيم القاعدة وما أنتجه من فصائل همجية مقاتلة كتنظيم جبهة النصرة بسوريا وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» الذي تحول أخيراً إلى نظام الخلافة في القرون الوسطى. بصريح العبارة هذه تنظيمات هشة مكونة من ضباط مجرمين لا يجمعهم هدف ديني كما يزعم من يسوقهم من الجهات الخليجية الممولة لهذا الإرهاب المجاني ضد الناس الأبرياء والدول الناهضة نحو الحرية والديمقراطية. 

الإعلام الغربي رصد هذه الظاهرة الإعلامية في الكثير من المواقع ذات الحراك العسكري الشديد الوطأة. أدرك الإعلام الأوروبي مقدار الخطورة بنقل أخبار تلك العصابات الإرهابية المجرمة التي ليس لها عهود أو مواثيق أو عقود يمكن احترامها والتقيد بها. لذا شعر الإعلام الغربي بشكل عام، والسويدي بشكل خاص مقدار الأخطار الكبيرة التي تنتظر مجتمعاتهم بشتى الإحتمالات المجهولة وبشتى أنواع التهديد المباشر الغامض التخطيط والتنفيذ.

يسلط الإعلام التلفزيوني الفضائي الخاضع للممولين في السويد وغيرها من القنوات الأوروبية والغربية، يسلط الضوء على أحداث ومفاصل تخدم وجهة النظر التي تبرر الخبر، بحيث يبدو الخبر حقيقيا وقابلا للتصديق في مخيلة وذهن المشاهد الاعتيادي، وبالتالي يصبح الخبر الكاذب حقيقة لا تقبل التفنيد، أو في الأقل من الصعب تكذيبها طالما يوجد فريق من الجمهور يريد ويؤيد تصديق تلك الأكاذيب وهنا بالتحديد تقع الفرقة والبلبلة بين الناس. الصورة والصوت وبعض الوجوه الطارئة والمزيفة يمكن لها لعب الأدوار الخطيرة بقيادة الرأي العام نحو هدف لم يختره هو بالذات وإنما أختير له أن يكون كذلك.

قال الأستاذ السويدي المحاضر في أول حصة تدريسية لنا نحن طلبة المرحلة الأولى بمادة الصحافة والإعلام: 

(في المادة الصحفية الخبرية يجب أن تتجاوز نسبة الحقيقة في الخبر الـ 95%، وكلما تطابقت هذه النسبة مع الوقائع الميدانية كما حدثت بالفعل وبلغت تلك النسبة 100% يكون الخبر ممتازاً ودقيقاً ويحوز على احترام شهود العيان، وبالتالي يحوز على التقدير والثقة من قبل الجهات المسؤولة والجمهور العريض. من هنا تكتسب الجهة الإعلامية مصداقيتها وجديتها وتكون مطلوبة من قبل الجمهور فتزداد جماهيرها وأخيراً تحوز على الثقة والأرباح). هذا يتعلق بالصحافة الجادة والملتزمة بالحقيقة والتي تقوم على مبدأ احترام الجمهور. وفي بقية الحصص التدريسية المتنوعة شرح لنا كيف تلعب الصور والمشاهد المفبركة بعقلية ومخيلة الجماهير وعرض لنا أمثلة واقعية ومشاهد مفبركة تنطلي على المختصين أنفسهم، إلا من توفر على خبرة كبيرة في هذا المضمار. وأضاف المحاضر في حصص أخرى ما مفاده أن الصحافة العلمية الحديثة تحولت من صحافة إنشائية تعتمد الشرح اللغوي إلى صحافة رقمية تعتمد على الأرقام والوقائع أكثر من أعتمادها على اللغة المجردة القابلة للخطأ والتأويل والتسويف والتضليل.

في هذا السياق الإعلامي المحايد والملتزم كانت السويد من إحدى الدول الأوروبية التي حافظت بدرجة لائقة من الحياد بما يخص الأحداث السياسية والعسكرية الخطيرة الجارية بالعراق الآن. وقد أوفدت مراسلها الرسمي المعروف المصري الأصل سمير أبو عيد لتغطية الأحداث الجارية بالميدان، وقدم هذا المراسل الشجاع الذي غطى أحداث الثورات العربية بشكل يومي وعلى مدار الساعة في مصر وتونس وليبيا وسوريا والعراق الآن. هذا إضافة إلى جملة من التقارير التي تغطيها البعثة الإعلامية التابعة للقتصلية السويدية بالعراق، وهي تقارير رسمية فيها درجة عالية من الدقة والحياد ترقى إلى مستوى المعلومة. 

بشكل عام تقف مملكة السويد وحكومتها، بما فيها الأحزاب المعارضة، وهي أحزاب اليسار الديمقراطي، تقف بشكل صريح وواضح إلى جانب التجربة الديمقراطية العراقية الحديثة من دون لبس ولا تشكيك. أقصد في نطاق القناتين الرسميتين الأولى والثانية. بالنسبة للقنوات السويدية الخاصة نستطيع العثور على مداخل كثيرة تلمح للنيل من قدرة الحكومة العراقية على معالجة الأحداث الخطيرة الجارية من خلال منافذ الأوضاع الإنسانية لللاجئين والمشردين من مدنهم وقراهم خصوصا بعد أحداث الموصل التي شكلت نكسة كبيرة للحكومة العراقية وأسفرت عن ثغرات كبيرة بالقيادات الأمنية والسياسية التي يمكن النيل من خلالها من مقدرة الحكومة العراقية بتلافي هذه المستويات الكبيرة من الأخطاء والخلل الذي ينتاب مجريات الوضع السياسي والأمني بالعراق الديمقراطي الجديد.

تراهن بعض القنوات الأوروبية الخاصة في بريطانيا وفرنسا، وبعضها قنوات رسمية كالـ بي بي سي، وهي من أشهر القنوات العالمية التي تتمع بسمعة إعلامية عالمية جيدة بتوخي الحذر والدقة والموضوعية بنقل الخبر الصحيح، لم تنجح هذه القناة التي نالت ثقة العراقيين من الساسة المحترفين والجمهور العراقي الكلاسيكي على مدار عقود من الزمن، لم تنجح بتغطيتها للأحداث الجارية بالعراق بشكل موضوعي يليق بمصداقيتها العريقة. وكانت تحاول التشكيك بالتجربة الديمقراطية العراقية الحديثة عبر إستضافتها لشخصيات معادية للتجربة العراقية من قبيل خلق حالة من التوازن بين الأطراف المتحاربة بالعراق تحت بند الرأي والرأي الآخر، وتلك هي إحدى الحيل التي تقترفها القنوات الرزينة عندما تخضع لأبتزاز السياسيين ورجال الدولة من المتنفذين المفسدين والمستفيدين من الأزمات لمصالحهم الشخصية المغلفة بستار مصالح بلادهم العامة. في حين أتبعت السويد منحى آخر يتلخص بنصرة التجربة الديمقراطية وصناديق الإقتراع على جميع التحليلات والأراء المؤيدة للتجربة الديمقراطية الحديثة الولادة بالعراق.

لا يمكن تمييز درجات الإختلاف التي لا تكاد ترى بالعين المجردة بين ما تبثه القنوات الفضائية المحترفة، بينما أن الأهداف الرئيسة تبقى تحتفظ بجوهرها كوقائع غير قابلة للتغيير. على سبيل المثال لا يمكن لوسائل الإعلام العربية والأوروبية الزعم بأن نظام صدام حسين الدكتاتوري المطلق هو أفضل من الأنظمة الحديثة التي تناضل من أجل أرساء نظام ديمقراطي بالعراق على سبيل المثال. وهذا الأمر ينطبق على التجربة الليبية والمصرية والتونسية. الوقائع الميدانية تفرض نسقها الخاص والعام على مجريات الأحداث. تبقى القنوات المغرضة الأخرى، وهي بطبيعة الحال قنوات مأجورة تتلقى الدعم من قبل جهات متنفذة مالياً ولها توجهات سياسية معروفة، تبقى هذه القنوات تلعب دور البوق الفارغ والطبل الأجوف في أحسن الأحوال. هناك من الساسة ممن يطربون على قرع تلك الطبول الجوفاء والنوم على أصوات الأبواق المأجورة وزعيقها الذي يشبه أصواتهم النشاز في وسائل الإعلام العراقية والعربية المتهافتة والرخيصة الثمن. يتجاوز العراق الحديث بإرادة شعبه الواعي وشجاعته المجربة جميع هذه الأفخاخ والألغام التي تضعها في طريقه قوى الظلام والدجل والجهل. 

* كاتب عراقي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة