الرمادي ـ الصباح الجديد:
استقبل الأنباريون شهر رمضان المبارك على غير عادته هذا العام، اذ اختلطت اصوات التكبير في المآذن وهي تهلل وترحب بقدوم الشهر الفضيل كما جرت عليه العادة كل سنة اختلطت مع اصوات الرصاص ودوي الانفجارات في صورتين متضادتين صورةٌ تحمل الأمل في السلام والطمأنينة وأخرى تحمل الموت والدمار في مزيجٍ من الألم والحزن في آنٍ واحد ولكن هذا لم يمنعهم من المضي قدماً في الاستعداد للصيام بقلوب ونفوس تتطلع لفرج قريب ونهاية لأزمةٍ مضى عليها 7 أشهر ولعل الآلاف من الانباريين يمر عليهم رمضان وهم خارج محافظتهم في ظروف معيشية قاسية وغلاء فاحش في الأسعار ما يزيد معاناتهم وهم يتوقون للعودة الى ديارهم أما من بقي منهم في المحافظة فهم يعيشون بين دوي الانفجارات والاشتباكات المسلحة وبين الأجواء الرحمانية التي لها مكانة خاصة في رمضان في نفوس الأنباريين.
الشيخ محمد البجاري عضو المجلس المحلي المؤقت لقضاء الفلوجة يقول « شهدت الأيام القلائل التي سبقت شهر رمضان المبارك عودة عشرات العائلات الى الفلوجة برغم استمرار القصف لعدة أسباب منها نفاد ما لديهم من مدخرات مالية في أماكن النزوح خاصةً من نزحوا الى اقليم كردستان حيث الغلاء الفاحش والارتفاع الخيالي لأسعار إيجارات الشقق والمجمعات السكنية هناك التي وصلت سعر الشقة الصغيرة جداً فيها الى أكثر من مليون و500 ألف دينار وهذا مبلغ خيالي مقارنةً بفترة ما قبل النزوح ما جعل الكثير من النازحين يعودون الى الانبار بعد أن صرفوا ما لديهم من مدخرات مالية «.
وأضاف البجاري «للصباح الجديد» ان أسباباً أخرى دفعت العديد من النازحين الى العودة مع دخول شهر رمضان منها عدم اهتمام المنظمات الإنسانية المحلية أو العربية أو الدولية سوى عدد قليل جداً من ميسوري الحال ممن يقدمون بعض المساعدات الغذائية البسيطة جداً للنازحين مما توفر لديهم من إمكانيات محدودة وعدم تفقدهم والنظر في احتياجاتهم الإنسانية في أماكن نزوحهم خاصةً أنَّ أغلب العائلات النازحة تعتمد في معيشتها إمّا على الأجر اليومي كعمال البناء مثلا أو أصحاب المحال الصغيرة أو على المرتبات الشهرية كالمتقاعدين والموظفين ما يجعل الحياة في النزوح قاسية وصعبة للغاية وسبب آخر أنَّ العديد من النازحين يودون أن يصوموا هذا الشهر الفضيل في مدنهم برغم القصف والمخاطر بعد أن مضى عليهم في النزوح 7 أشهر منذ بداية الأزمة وحتى اليوم «.
وتابع ان « الفلوجة والرمادي ومدن الانبار لها طقوس رمضانية خاصة لم تمنع الأهالي من ممارستها الانفجارات او القصف العشوائي ولا العمليات العسكرية المستمرة ونرى الأجواء الرمضانية المباركة ونسمع في كل مكان المآذن وهي تهلل وتكبر والناس يتوجهون لأداء صلاة التراويح فيما تسقط قذائف المدفعية هنا أو هناك «.
علي سالم احد النازحين من الفلوجة خرج من المدينة بعد ان سقطت قذيفة مدفعية قرب منزله ادت الى اصابة اثنين من افراد عائلته بجروح نزح الى اقليم كردستان وعاد الى الفلوجة قبل يومين يتحدث عن معاناته وهو يتنفس الصعداء فرحاً بعودته لمنزله المتضرر يقول» مع بداية الأزمة وبدء القصف العشوائي للمدينة بالمدفعية والدبابات والطائرات كنت آمل أن لا تستمر الأزمة طويلاً غير أن القصف العشوائي الذي راح ضحيته الكثيرون ولم يجعل لي مجالاً الا أن أخرج من المدينة أنا وعائلتي بعد أن اصيب اثنان من ابنائي بجروح عندما سقطت قذيفة مدفعية قرب منزلي سببت اضرارا مادية بالمنزل وتحطم زجاج النوافذ فخرجت مع عائلتي الى اقليم كردستان وفوجئت بالأسعار الخيالية بإيجارات الشقق والمجمعات السكنية وانا موظف بسيط لا استطيع تحمل تكاليف الإيجار الذي كنت ادفعه والبالغ مليون دينار في الشهر لشقة مكونة من غرفة وصالة فقط والكثير من النازحين كانوا يدفعون ضعف هذا المبلغ للسكن فنفدت مدخراتي المالية ولم اعد استطيع الاستمرار أكثر فعدت الى مدينتي برغم القصف الذي مازال مستمراً منذ 7 اشهر ولكن ما الذي أستطيع فعله ولم يعد أمامي خيار آخر سوى العودة الى المدينة «.
فيما يرى سلام حمادي من اهالي الرمادي احد النازحين الى اقليم كردستان أن» الانبار لها طقوس رمضانية خاصة ولا استطيع ان ابتعد عن مدينتي في هذا الشهر وقررت انا وعائلتي العودة الى ديارنا برغم المخاطر والقصف والعمليات العسكرية المستمرة ولكنا اشتقنا لبيوتنا ومدننا وجوامعنا التي لها في نفوسنا بصمة خاصة في شهر رمضان حيث الأجواء الإيمانية «.
مضيفاً لقد مضى علينا في النزوح سبعة أشهر قاسية ومريرة جداً بعيداً عن محافظتنا وبيوتنا ولم يعد لنا صبر في البقاء أكثر وربما نحن مكنتنا ظروفنا من العودة ولكن هناك الآلاف من النازحين لا يستطيعون العودة في الوقت الحاضر بعد أن دمرت العمليات العسكرية والقصف العشوائي منازلهم بالكامل ولم تعد تصلح للسكن ولكن نأمل أن يكون رمضان شهر فرج لكل العراقيين وحقنا للدماء وأن يعود النازحون جميعاً الى ديارهم وأن تنتهي هذه الأزمة بأسرع وقت».