طارق حرب
ان ذكرنا شيئاً عن جمال النساء البغداديات نقول شيئًا عن زينتهن لانها لم تقف عند سمات الجمال الطبيعي التي وسمت بها وانما سعت الى الوسائل المتنوعة للتجمل والزينة والتبرج وهذه طبيعة المرأة منذ خلقها الله وقد نقل لنا تاريخ المرأة البغدادية في العهد العباسي ,انها كانت تسعى الى التجمل وكانت تمارس شتى الوسائل لإظهار مفاتنها وزيادة محاسنها كالوشم والخضاب والتكحل والتعطر والتفنن في تصفيف الشعر وزركشة الملابس ولبس الحلي اذ ان العهد العباسي في بغداد كان عصر الترف والثروة والحضارة والذوق والفن والتأنق والجمال فقد انسحب ذلك على المرأة البغدادية بكونها جزءاً من هذا العهد لذلك كانت البغدادية تبالغ في الاناقة وتفنن في الزينة وتأتي بأشكال لم تكن خطرت على النساء في بغداد فقد كانت تتفن في تصنيف الشعر وتسريحه وفي تزيينها وتعطيرها فقد تجعل شعرها غدائر مجعدة او طويل فاحم السواد وقد تتركه مسدولًا من الخلف وترصف الاصداغ بعناية ودقة وهذه ظاهرة جديدة للبغدادية الانثى لم تكن موجودة قبل ذلك بكونها شكلًا جديداً من اشكال تصفيف الشعر وفي ذلك يقول الشاعر
يتعصفر الخد المعصفر بتكسر الصدغ المكسر
: او قول الشاعر
صدغ على خده ابكاني ورد لي همي واحزاني
: وشبهو ا صدغ المرأة بالعقرب وقد يصفون الاصداغ بالخال كقول الشاعر
غلالة خده ورد جني ونون الصدغ معجمة بخال
ويقول معقرب
الرأس كالمسراج صنعته سحر وما مسه تعقيد سحار
: او قوله
جارية شعرها ملاحفها تعجز عن حملها وصائفها
وقد شبهوها بالحلق السود التي نظمت فوق صفحة العاج أي مجموعة حلقات سود ويصفون الشعر بتصفيفه على شكل خصال منسدلة تشبه اذناب الافاعي وكانت البغدادية تزينه بالسلاسل والحلي المتنوعة وقد شاع في بعض الوقت قص الشعر كنوع من الجمال او جمع ذؤابته من تطريز بالذهب والدر او تزيينه ببعض الابيات الشعرية المنقوشة بالحرير.
وكانت بعض البغداديات يطيبن شعورهن بأنواع الطيب ويغسلنه بالمسك والعنبر والبان ويروى ان مغنية بغداد المشهورة عريب كانت تغلف شعرها بستين مثقالا من المسك والعنبر ،وكانت الجارية المشهورة في بغداد نبت تغسل شعرها بالبان ولحقت الزينة للملابس بكثير من التفنن والتجديد والبذخ واللؤلؤ والدرر واستوردت الاقمشة الثمينة لنساء بغداد من شتى بقاع العالم من الحرير والديباج والقز والخز والوشي واعدت الملابس الملونة من زينة البغدادية وتفنن خياطو بغداد في خياطة ملابس البغدادية وتفصيلها منها الطويلة ومنها القصيرة .
وكانت زبيدة حفيدة المنصور وزوجة الرشيد وام الامين انموذجا لزينة البغدادية حتى بلغ ثمن ثوبها خمسين الف دينار ,وكانت البانوقة الاخت الكبرى للرشيد تتزيا بزي المحاربين بافضل ما يكون زينة حتى تظهر صدرها من وراء ارقى البستها وتوفيت قبل وفاة ابيها المهدي وكانت اول من دفنت في مقبرةَ الخيزران اي مقبرة الاعظمية حتى ان المقبرة سميت باسمها اول الامر وكان من وسئل الزينة الخضاب وهو التلوين بحمرة او صفرة وتفننت البغداديات في نقش الحناء حيث تكتب اشعار الحب والغزل وكان الخال شكلا للزينة وشاع التكحل والتزجيج للعيون ونالا الحاجبين العناية والاهتمام وكثر التطيب كاستعمال المسك وهو اغلى انواع التطيب والعنبر والعبير والكافور والزعفران وارتداء الحلي والمصوغات والخلاخل والاقراط والعقود والاسورة .
زينة المرأة البغدادية في العصر العباسي
التعليقات مغلقة