يتردد على مسامعي هذه الايام سؤال يطرحه الكثير من العراقيين بسبب ما آلت اليه الظروف الأمنية والإجتماعية في البلد، السؤال يقول “اين الله؟”.. اين الله من كل ما يحدث من قتل وتهجير لأناس أبرياء، كلّ ذنبهم انهم ما زالوا يعيشون تحت خيمة العراق، ولم يفكروا بالهرب منها يوماً؟ اين الله من الممارسات الوحشية التي يقوم بها الإرهابيون في اكثر من محافظة عراقية؟! السؤال استفزني..
فالله أنعم علينا بنعمة كبيرة وعظيمة الا وهي نعمة العقل، كي نميز به فعل الخير من فعل الشر. الشخص الذي يستحق ان نمنحه ثقتنا كي يكون بموقع المسؤولية، من الشخص الذي جعل همه الأكبر حصوله على غنائم يمكن لها أن تعينه على حياة مرفّهة. الله انعم علينا بالعقل كي نميز ما يمكن ان يخلق منّا شعباً مضطهدا،ً او شعباً حراً. منحنا العقل هذا لأن ما يريده الله يحيله الى البشر كي يكونوا هم الوسيلة، أو السبب لحدوث ارادته. أما أن يكفر الشعب بتلك النعمة، باختياره الطالح من دون الصالح من حيث الاشخاص والأفعال، فعلينا ان لا نلوم إلا أنفسنا!
فما يحدث الآن من فوضى لا بد ان يكون الشعب الطرف الأساس المتسبب بها. فعندما نسمع ان هناك خرقاً أمنياً في مكان ما، وأن هناك خيانة عظمى في مدينة أخرى، فلا بد ساعتها من الوقوف لحظة صمت، نستطيع من خلالها أن نستوعب ونعترف أمام أنفسنا أولا، وأمام الآخرين ثانياً ان هناك خللاً ما أصاب النفس العراقية، من دون البحث في الأسباب لأن النتيجة لن تكون مختلفة في كل الأحوال.
علينا أن نقف دقيقة صمت مع أنفسنا ونسألها هل هي مُحبة ومتسامحة مع الآخر؟ ام ان هناك غلّاً وحقداً دفيناً بات علنياً بعد ان كان سراً يُعاب علينا الإجهار به.
ما الذي جعل لغة الطائفية تكون موضع فخر للبعض منا حتى المحسوبين على النخبة المثقفة؟ لماذا اصبح التهجير والفرهود صفة قد تصبح مستقبلاً صفة ملاصقة للعراقيين!؟ لماذا اختفت النخوة والغيرة من قبل الجار على جاره؟ لماذا أصبح الواحد منا يتشفى بأخيه حتى بمقتله؟ لماذا تقوقعنا على ملّتنا ومذهبنا وديننا، وبتنا ندور كلٌّ في دائرته الضيقة! لا نتقبل المختلف، ولا نتجرأ على الخروج منها، ومن ثم نسأل “اين الله؟”.
الله موجود، يراقب فيحاسب كل واحد منا نسي إنسانيته وتجرّد منها تماماً وبات يعرِّف عن نفسه بعيداً عن الإنسانية والوطن، وبعيداً كل البعد عن الله وانبيائه. اذن فلنكن قريبين من الرب كي يكون قريبا منا.
احلام يوسف