تهديدات للأردن وتفجير في لبنان.. وتمدد في العراق
بغداد ـ الصباح الجديد:
بعد تفجير البقاع (لبنان)، عن طريق أحد الانتحاريين في 20 يونيو 2014، تحدثت الصحافة اللبنانية عن احتمال تورط تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في العملية التي أسفرت عن مقتل شخص وإصابة 32 اخرين.
ولم تظهر أي معلومات إضافية، حتى الساعة، عن التحقيقات التي أجريت مع أشخاص اعتقلوا بعد الحادث من أحد فنادق «الحمرا».
لكن، لو صحت رواية المراقبين بأن «داعش» وسعت نطاق عملياتها إلى بيروت، فإن خارطة نشاط التنظيم ترسم قوساً افتراضياً يبدأ من تكريت (شمال بغداد)، مروراً بسوريا، إلى بيروت.
يقول عسكريون متقاعدون، إن الأردن، أيضاً، في دائرة الخطر. وأخيراً قال مصدر في شركة طيران عربية عاملة في العراق، إن السلطات في عمان أوقفت منح «الفيزا» للعراقيين الأسبوع الماضي، بسب معلومات استخبارية عن وجود «مؤشرات أمنية عن تهديد داعش لأراضي المملكة».
لقد نشر التنظيم، عبر مواقعه الإعلامية، الأسبوع الماضي، خارطة الدولة الإسلامية، وهي المرة الأولى التي تظهر فيها معالمها بعد اشهر طويلة من إعلام متطرف رفع شعار «باقية.. باقية».
وقبل ظهور الخارطة، قام مسلحو داعش بتعليق لافتات تعطي طابعاً محدداً لـ»الإدارة المدنية» في محافظة نينوى، حيث انتشرت صورة لأحد جسور مدينة الموصل، علق عليها عبارة «ولاية نينوى ترحب بكم».
وبحسب الرسم التوضيحي للخارطة، فإن الدولة الإسلامية المفترضة لا تضم إيران وتركيا والسعودية ومصر. لكن الدول التي وضعت في الخارطة، تضم «ولايات» سوريا، العراق، الكويت، لبنان، فلسطين، والأردن.
وبحسب خبراء في الجماعات المسلحة، فإن معدل انتشار مسلحي تنظيم «داعش» في كل محافظة، سواء في العراق أو سوريا، ما بين 800 إلى 1000 مسلح.
وكانت محافظة نينوى تضم نحو 1000 مقاتل من «داعش»، لكن العملية التي شنها التنظيم في 9 يونيو 2014، بحسب الخبير العراقي هشام الهاشمي، شهدت إرسال «أبو بكر البغدادي» الى «ولاية نينوى» تعزيزات عسكرية عبر الحدود السورية العراقية، من منطقة «العكيدات»، تضم نحو 800 مسلح عربي وأجنبي، من جنسيات مختلفة، أغلبهم من شمال أفريقيا ومصر والخليج.
وبحسب مظاهر تمدد «داعش»، فإن من الواضح أن التنظيم يركز قواه في سوريا، ومنها يوزع مقاتليه إلى دول الجوار، ومنها العراق.
ويقوم التنظيم باستقطاب مقاتلين أجانب، بعضهم مسلمون من أوروبا، لتغطية حاجة العمليات إلى المقاتلين، كما أن التنظيم يسعى إلى الحصول على دعم بشري إضافي من الشبان الذين يعلنون ولاءهم للبغدادي، في المناطق التي يحتلها التنظيم.
وفي حال استمرار تدفق الدعم البشري للتنظيم، فإن ما قاله أبو محمد العدناني، الناطق باسم «الدولة الإسلامية» بشأن الزحف إلى بغداد لـ»تصفية الحساب»، يجعل القوس «الداعشي» يواصل تقدمه على جغرافية أكثر سعة وطولاً.
ويقول وفيق السامرائي، الخبير العسكري المتقاعد، «من الواضح أن هدف داعش هو بغداد (…) لكنه أمر مستحيل مع استعادة القوات العراقية معنوياتها الأسبوع الماضي».
لذلك، فان نطاق حركة التنظيم يجري قطعه عند سامراء، على الرغم من استمكان مدينة تكريت، التي يحاول المسلحون جعلها نقطة ارتكاز لهم في العراق، بعد مدينة الموصل.
أما في سوريا، فان مدن عدة سقطت بيد داعش، خاصة في الرقة وريف دير الزور وبعض أحياء مدينة حلب مثل بستان القصير، وريف حلب الشمالي والغربي، وريف اللاذقية الشمالي، وبعض قرى درعا وريف دمشق.
كما يتواجد مسلحو التنظيم في ريف إدلب، بمدن سرمدا والدانا وحزانو وغيرها.
وأخيراً، أعلن التنظيم مدينة الدانا إمارة إسلامية وبدأ بتطبيق الشريعة فيها، لتتوسع الى باب الهوى والسلامة على الحدود السورية التركية.
ورغم أن خط تمدد «داعش» قريب من المناطق الحدودية مع تركيا، لكن من الصعب توقع اتجاهات تحركاته، الذي يبقى خاضعا لخطط البغدادي.
في النهاية، قد يؤشر تفجير البقاع في لبنان، الوجهة الجديدة لتنظيم «داعش»، رغم أن المنطقة لا تشهد تحركات واضحة ومؤثرة كما في العراق وسوريا، لكن المخاطر تبقى قائمة، في وقت لا تزال منطقة صيدا، مدينة هشة أمنياً، لطالما أستيقظت فيها «الخلايا النائمة».
في ظل هذه الخريطة، فإنه من البديهي أن تسعى الدول الواقعة على الرسم الافتراضي للتنظيم، إلى ترتيب اتفاقات أمنية لمكافحة الإرهاب.
لكن في الحقيقة، ثمة عوائق سياسية تحول دون تحقيق مثل هذا التنسيق الأمني.
عملياً، هناك تنسيق عراقي إيراني سوري، بشأن ضرورة صد هجمات «داعش»، لكن التعرض للمنشآت النفطية العراقية، قد يدخل لاعبين آخرين في المنطقة، ولو بتأثير غربي.
في ما عدا ذلك، فإن الخطر في التنسيق الإقليمي على المستوى التنظيمي، سيقتصر على حلف عقائدي في مناطق «قوس داعش».
في العراق، هناك سامراء وبلد والدجيل وتلعفر، بأغلبية شيعية – أقلية في مناطق القوس – تحفز دون شك الفصائل الداعمة للحكومة في بغداد، وكذلك الحال في سوريا، وربما مستقبلاً في بيروت عبر حزب الله.
ووفقاً لتمدد «داعش» في هذا الخط «السني»، فإنه يشمل دولاً تعاني أنظمتها السياسية، من ضعف وتفكك حزبي، لا يمكنها تجاوز مخاطر فتح الجبهة السنية على احتمال «التمرد»، وفي المحصلة تتصدى الفصائل، خارج الدولة، للدفاع عن «الشيعة».