نكسة حزيران .. والمعركة الاعلامية

عبد الزهرة محمد الهنداوي

هجمة اعلامية شرسة تلك التي تعرض لها العراقيون خلال الاسابيع القليلة المنصرمة بعد ان انبرت مجموعة غير قليلة من الفضائيات ووكالات الانباء والاذاعات والصحف (العراقية) والعربية فضلا عن المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لبث ونشر الكثير من الاكاذيب والاخبار الملفقة تزامنت مع تعرض العراق لهجمة ارهابية دٌبرت بليل (الاشقاء العرب) ومولوها باموالهم النتنة .. الامر لم يكن غريبا ان ينبري هذا الكم من وسائل الاعلام المختلفة لتبني (داعش) .. المشكلة التي واجهتنا هي بطء الاعلام الوطني في التعامل مع الاحداث لاسيما مع سيل الشائعات الكبير الذي كانت تطلقه تلك الفضائيات الدائرة في فلك الارهاب .. وكان تركيز اغلب فضائيتنا على شحن المعنويات من خلال الاكثار من بث الاغاني والاناشيد الوطنية وهو امر محمود ولكن غير كاف اذ كان يفترض ان يصاحب ذلك مواكبة مستمرة لوقائع الميدان لاسيما بعد ان تم استيعاب الصدمة واستعادة القوات العراقية زمام المباداءة .. ومثال على ذلك عندما بثت الفضائيات الداعشية خبراً كاذباً عن اسر اللواء الركن محمد ابي الوليد قائد قوات تلعفر واعدامه هناك فكان وقعه شديداً على الناس وبقي الامر مبهماً لما يقارب الـ(24) ساعة وهو وقت طويل في ظل تداعيات واحداث متسارعة .. الم يكن بالامكان اخذ بعض اللقطات الحية لابي الوليد حتى ولو بواسطة الهاتف النقال وبثها عبر الفضائيات اذا كان من المتعذر وصول الكاميرا التلفزيونية الى الميدان بدلا من الاعتماد على الاتصال الهاتفي الذي من السهل التشكيك به ؟؟.. 

والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه بقوة هو : هل نجحنا اعلامياً في مواجهة هجمة داعش والتعامل مع الحدث بمهنية اعلامية اعادت التوازن للمشهد ؟؟ .. قد تكون الاجابة نعم نجحنا ولكنه كان نجاحا على الحافة كما يقال .. وهذه النتيجة لايتحملها الاعلاميون على الرغم من ان المعركة لم تنته بعد وثمة ادوار اخرى مقبلة.. فقد اثبتت مجريات المعركة ان الجميع وقفوا موقفاً مشرفاً حتى ان عددا من الزملاء العاملين في الفضائيات الداعشية تركوا العمل فيها مرجحين كفة الوطن على كفة الامتيازات والرواتب المغرية وهذا موقف سيسجله التاريخ .. وآخرون استشهدوا في الميدان وهم يرافقون القطعات الامنية في ديالى .. ومواقف اخرى كثيرة .. اما الجزء الاخر من هذه النتيجة المتواضعة فينقسم على اثنين .. اما الاول فهو محدودية امكانات اغلب مؤسساتنا الاعلامية اذا ما قارناها بفضائيات داعش كالعربية الحدث والجزيرة والتغيير والشرقية والبغدادية والرافدين قبل اغلاقهما .. اما الثاني فتتحمله الجهات المعنية ومنها وزارة الدفاع والداخلية ومكتب القائد العام للقوات المسلحة.. فهذه الجهات وغيرها ربما لم تتمكن من توفير البيئة والاجواء المناسبة للعمل الاعلامي من قبيل فسح المجال امام وسائل الاعلام المختلفة حتى تلك التي لها مواقف سلبية لأن تقوم بمرافقة قطعات الجيش خلال عمليات تطهير الارض من رجس داعش .. فهذا امر لم يتحقق بنحو واضح ولعلنا نلتمس العذر لتلك الجهات نتيجة تسارع الاحداث واختلاط الكثير من الاوراق .. ولكن الموقف الان اصبح مختلفاً .. فالجميع ادرك ان الاعلام يمثل اليد الضاربة والقوة الساندة للعمليات العسكرية.. لهذا فنحن نحتاج الى تنسيق عالي المستوى بين الاعلام والامن خصوصاً بعد ان بادرت نقابة الصحفيين العراقيين بتشكيل غرفة عمليات مشتركة مع الجهات الامنية مهمتها تزويد وسائل الاعلام بتطورات الاحداث اولا باول .. فسحب البساط من تحت اقدام الاعلام الداعشي لايمكن تحقيقه الا اذا واكبنا الاحداث ونقلنا الحقائق الى الناس لحظة وقوعها لقطع الطريق على التضليل الاعلامي واحراز النصر المطلوب وهذا امر بدت ملامحه تظهر في الافق .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة