بغداد- وداد إبراهيم:
منذ القدم وطقوس رمضان لم تشهد تغييراً واضحًا، حيث يتبادل الجيران اطباق طعام الفطور، ويتزاورون ما بعده في أوقات متأخرة، فنجد ان صلة الرحم تكون في أجمل حالاتها في هذا الشهر، الا ان معظم الناس اليوم بدأ يغير من خطى تقاليد هذا الشهر، وبات يكتفي بأرسال رسالة عبر المحمول، تحمل عبارة رمضان كريم.
السيدة ام محمود قالت: كان اهل زوجي يلتقون على مائدة الافطار في اول جمعة، او في بدايته في بيت العائلة الكبير، لكن هذا اللقاء تراجع خلال الاعوام الأخيرة، بعد ان شهد الكثير منهم السفر خلال الشهر الفضيل الى العمرة، وبقيت طقوس البيت موجودة، أعني عادات التجمع على مائدة الإفطار، والسحور، ومباركة الاصدقاء والاهل والابناء من خلال رسائل عبر الهاتف لا أكثر، حتى اني اكتفيت بالبقاء في البيت، واخذ وجبة الافطار مع اولادي، او الافطار في احد المطاعم في بغداد التي تعد وجبات الافطار والسحور.
صاحب محل في “الشورجة” قال: الحريق الذي حدث في الشورجة في اول رمضان، كان له الاثر الكبير على الزائرين للسوق، ويشهد السوق عادة حركة في بيع المواد الغذائية مثل العدس، والرز، والنومي بصرة، والبهارات، وغيرها من الحبوب التي تدخل في تفاصيل المائدة العراقية خلال هذا الشهر الفضيل، وأيضا لان هناك اماكن للتبضع توزعت في كل انحاء وشوارع بغداد.
بائع آخر: قال لم تشهد الشورجة تراجعا في زبائنها كما هو في هذا العام، فقد أدى حريق محال العطور الى ان الكثير من المحال اغلقت ابوابها لعدة أيام، وكان ذلك في الايام الاولى لرمضان، علما ان اهل بغداد لا يتوقفون عن التبضع حتى خلال الشهر الفضيل، بل يستمر الزحام حتى خلال شهر رمضان، كما اجد ان الكثير من الناس صار يبحث عن الاسهل والاقرب، فإضافة الى افتتاح مطاعم تقدم وجبات الافطار والسحور، هناك محال كبيرة ومطاعم تبيع وجبات الافطار عبر التوصيل المجاني، وهذا ما يؤدي الى تراجع كبير في عدد الزائرين والزبائن.
السيدة انصاف محمد باحثة اجتماعية قالت: كل العادات والتقاليد المجتمعية تتراجع مع التقدم والتطور التكنلوجي. قبل عام 2003 لم تكن هناك شبكة تواصل في العراق، فتجد العائلة العراقية تجتمع في اول يوم رمضان، برغم ظروف الحصار الصعبة، والحروب، وبعض العائلات تقتسم الايام فيما بينها، أي كل يوم يكون الافطار في بيت أحد افراد العائلة، من دون ان يكون هناك تلكؤا او مللا من الحفاظ على هذا اللقاء، ليكون في العيد اللقاء الكبير لكل العائلة، والأقارب. التطور التكنولوجي اليوم من مواقع تواصل، وكاميرات، والأحاديث والحوارات عبر الصورة والصوت، كان طريقة للتواصل مقنعة، جعلت العائلة تكتفي برسالة منقولة، حتى ان البعض او الكثيرين لا يكتبون رسالة رمضان، بل يأخذها جاهزة، وهناك مواقع وبرامج تكتب لك رسائل العيد، ورمضان، والحب، والغزل، وكل شيء، وهذا ما غير بنحو كبير الصورة الحقيقية لجمالية رمضان، وغير من خصوصية هذا الشهر، الذي يأتي مرة واحدة خلال العام. إضافة الى هذا اجد ان الكثير يفضل السفر والصوم خارج العراق خلال هذا الشهر الفضيل في(عمرة رمضان)، والتي لم يشهدها العراقي خلال العهود السابقة، احدى الصديقات قالت لي ان سيدة كبيرة في السن تركت لوحدها في البيت خلال هذا الشهر، بعد سفر بناتها لعمرة رمضان، وقد يكون هذا هرب من تقاليد اصبحت تقيد البعض، بل ان ترفه عنه.
وسائل الاتصال تخترق الطقوس الرمضانية
التعليقات مغلقة