مثقفات ومثقفون: من أجل وحدة العراق

بغداد- الصباح الجديد:

أصدر عدد من المثقفات والمثقفين، بياناً، ضم تواقيع العشرات منهم، دعوا فيه إلى دعم الجهود الأمنية في مواجهة الإرهاب، وألقى باللوم على الحكومة والقوى السياسية المتصدية، محملين إياهم مسؤولية الخراب والتدهور الأمني الحاصل في العراق، ومن ثمّ دعوا إلى تشكيل تحالف سياسي واسع عابر للأديان والأعراق والطوائف، وطالبوا بالحفاظ على الآثار التاريخية والبنى والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والخدمية في المدن جميعها، خصوصاً تلك التي استباحها الإرهاب، وإعادة إعمار ما تتعرض له الصروح الثقافية والدينية من أضرار بفعل الوضع الأمني المتردي.

أدناه نصّ البيان:

في لحظة مصيرية عصيبة، وأمام تحديات جسيمة تواجه العراق شعباً وأرضاً وتأريخاً وحضارة، وتهدد وحدته وأمنه ومستقبله، وفي ظل التداعيات الخطيرة التي ترتبت وسوف تترتب على الهجمات الإرهابية على الموصل ومدن عراقية أخرى، وفي نطاق قناعتنا بحجم الأخطاء والسياسات الملتبسة التي أسهمت بتمكين الإرهاب من مدن العراق وأهله، يقف المثقف العراقي مسؤولاً أمام شعبه وأمام الاجيال المقبلة، للتحذير من فداحة ما يواجهه الوطن، ومطالبة جميع الأطراف حسب مسؤوليتها بمعالجة الشروخ الوطنية، وحفظ أمن البلاد وسلامتها. وعلى ذلك نطالب بالتالي:

1- إننا إذ نشجب ممارسات الحكومة والقوى السياسية المتصدية ونحمّلها مسؤولية الخراب والتدهور الأمني الحاصل في العراق، نطالب بانعقاد مؤتمر عام للمصالحة الوطنية فوراً على أن يكون تحت خيمة الأمم المتحدة، ويضم تلك القوى السياسية مع جميع التيارات الفاعلة في المجتمع العراقي. ونؤكد على ضرورة إجراء مراجعة شاملة للعملية السياسية وتعديل الدستور وتحقيق اصلاحات جوهرية بإرادة عراقية بحتة من أجل طي صفحة الخلافات وبناء مؤسسات ديمقراطية متينة.

2- ندعم الجهود الأمنية التي تبذلها الدولة لإعادة بسط نفوذها على المدن والأقضية التي جرى احتلالها من جماعات مسلحة خارج إطار الدولة، بما يضمن انسجام هذه الجهود مع الدستور العراقي وشرعة حقوق الإنسان والقانون الدولي في أثناء العمليات الحربية. كما ندعم حصر السلاح بيد الدولة وعدم السماح لأي تشكيلات أو جماعات أو ميليشيات باستثمار الفرصة لتحقيق مكاسب طائفية على حساب الهوية الوطنية العراقية الواحدة.

3- حث الحكومة العراقية وجميع التيارات الوطنية العراقية على الانفتاح على سكان المحافظات التي باتت تحت سيطرة الجماعات المسلحة، بشتى التيارات السياسية والانتماءات العشائرية لهؤلاء السكان، بهدف التنسيق والتفاعل الايجابي واستعادة الثقة بما يضمن إقناعهم بجدوى العودة الى الكيان الاتحادي للدولة التي يجب أن تقدم ضمانات بأنها تقر بمطالبهم المشروعة وبضرورة رفع المظالم عنهم.

4- ندعو الى تشكيل تحالف سياسي واسع عابر للأديان والأعراق والطوائف، يضم كل القوى الديمقراطية والعقلانية والإصلاحية، ويعمل سلمياً ودستورياً على طرح مشروع جديد لشكل الدولة ونمط السلطة، ويغدو بديلاً عن سلطة الطائفية السياسية التي دفعت البلاد الى الخراب والتفكك.

5- ندعو المرجعيات الدينية بشتى مذاهبها، إلى إصدار فتاوى صريحة ومباشرة لدعم التعايش السلمي في البلاد وتجريم خطاب الكراهية بين فئات المجتمع العراقي وإدانة الارهاب بكل أشكاله خصوصاً الارهاب التكفيري الذي يتصدره تنظيم داعش. وندين أي فتاوى تدعو لاستعمال السلاح خارج نطاق المؤسسات الأمنية للدولة بما يعمل على تعميق الخنادق الطائفية المتبادلة.

6- نرفض فرض حالة الطوارئ في البلاد لمنع استثمارها سياسياً بشكل قد يسيء للديمقراطية والتعددية السياسية المنشودة.

7- ندعو لانعقاد مجلس النواب الجديد فوراً بعد المصادقة على نتائج الانتخابات، ونؤكد على ضرورة أن يأخذ مجلس النواب دوره الكامل، وأن تكون كل مؤسسات الدولة خاضعة له على وفق أسس النظام النيابي المنصوص عليها في الدستور.

8ـ- رفض التدخلات الإقليمية التي أسهمت في صناعة الخراب في العراق، والتأكيد على ضرورة تحميلها المسؤولية القانونية على تدخلاتها المتعارضة مع القوانين والأعراف الدولية.

9- نحمّل الولايات المتحدة الأميركية بوصفها راعية العملية السياسية، المسؤولية المباشرة فيما وصل إليه حال البلاد اليوم، ونطالبها بتصحيح الأوضاع سياسياً وليس عسكرياً، عبر القنوات الدبلوماسية التي تحفظ استقلال العراق وكرامته السيادية.

10- نطالب أصحاب الشأن بالمحافظة على الآثار التأريخية والبنى والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والخدمية في المدن جميعها، خصوصاً تلك التي استباحها الإرهاب، وإعادة إعمار ما تتعرض له الصروح الثقافية والدينية من أضرار بفعل الوضع الأمني المتردي.

11- ندعو النخب الثقافية في جميع المحافظات العراقية الى عقد مؤتمر خاص، وإعلان موقف الثقافة العراقية الرافض لمحاولات تقسيم العراق، مع إدانة صريحة للفشل الحكومي الصارخ في ملفات الخدمات والأمن ومواجهة الإرهاب. 

12- على جميع المؤسسات الإعلامية أن تكون بمستوى المسؤولية الوطنية والمهنية، وتبتعد عن إثارة النزعات العنصرية أو التعصبية بما يخدم هذا الطرف السياسي أو ذاك على حساب المصلحة الوطنية العليا.

13- على القوات الأمنية المحافظة على أرواح المدنيين وممتلكاتهم في أثناء العمليات العسكرية، وتوفير ممرات وملاذات آمنة لهم. وعلى الحكومة تهيئة مستلزمات الغذاء والدواء والسكن للمهجرين من مناطق سكناهم الأصلية بالتعاون مع المنظمات الدولية ذات الاختصاص. وندعو أبناء المحافظات الآمنة الى استقبال النازحين بما ينسجم مع التقاليد العراقية الراسخة والأخلاقيات الإنسانية وروح الوحدة والتآزر التي تميّز بها شعبنا الكريم.

14- ننتظر من كل قوى السلم والتنوير والديمقراطية في دول الجوار والعالم أن تدعم مبادرتنا هذه عبر نشاطها السياسي والجماهيري لممارسة الضغط على حكوماتها بما يضمن أن يحظى العراق بفرصة حقيقية للمصالحة الوطنية وتحقيق شروط السلم الأهلي وامتلاك أدوات فاعلة لإعادة بناء دولته على أسس المواطنة والقانون والعدل الاجتماعي.

إن العراق وطن واحد، يعيش على أرضه شعب واحد بتعدديته وتأريخه العميق وحضارته المشتركة، لذا ندعو الشعب العراقي الى التنبه لما يراد له من تقسيم وشتات وحرب تلبية لأجنداتٍ تسعى لتحقيق مصالح إقليمية أو دولية، وأن لا يُستدرج لما يشاع اليوم من كراهية وشقاق، قبل فوات الأوان. 

هذا عراقنا، آخر معاقلنا الروحية في هذه الحياة، نريده وطناً موحداً عزيزاً ممكناً بثرائه التعددي وبعمقه الحضاري وبهيبته الدولتية. نريد أن يبقى الأمل… أن يبقى العراق!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة