العداء المدفوع الثمن

علي عبد العال

تخصصت بعض القنوات الفضائية العراقية بخطاب مباشر إلى الجماهير العراقية خارجا عن جميع التقاليد الإعلامية المعهودة والمعروفة بالعالم أجمع. هل يمثل شتم وتحقير رئيس وزراء فاز بأغلبية ساحقة من أصوات الناخبين العراقيين بإنتخابات حرة وديمقراطية شهد العالم بحرفيتها ونزاهتها داخليا وإقليميا ودوليا، هل يستحق هذا الكائن العراقي مهما كان اسمه لهذا الشتم والسباب المجاني اليومي بكل هذا الإنفعال الإعلامي الموتور الذي يتشابه كثيرا مع طرق الإرهاب البهيمية بالعراق من قتل وتفخيخ ودفع الفواتير الكبيرة للمجرمين. هذه القنوات هي أكثر وعيا إجراميا من المجرمين العاديين ذاتهم. إنها قنوات إعلامية تضخ الدماء الإرهابية الجديدة والأفكار الشاذة في طاحون الموت العراقي اليومي.

الإعلاميون المحترفون يعرفون عمليا تلك المفردات السياسية والدبلوماسية التي يتشكل منها خطابهم المباشر المتزن للجمهور. ومن يجهل ذلك، ويتجاهل تلك الحقيقة، بل ويتعداها وينحدر بها إلى مستوى وضيع من الصفاقة المنفلتة والإبتذال، فهذا ليس بإعلامي محترف، وإنما هو عبارة عن شخص سياسي مغرض وقناة مدفوعة الثمن للعداء والتشويه المجانيين ضد الدولة والشعب بحجة الدفاع عن مصالح الدولة والشعب.

تتولى بعض الفضائيات العراقية تحديدا حملة شرسة ضد العراق وتجربته الديموقراطية الجديدة ضمن أسلوب تدميري ربما ينطلي على بعض المحللين العراقيين الذين تتبرع لهم القناة بمبالغ تافهة ممن أغضبهم التغيير، لتنتقل عبر شتائم وعدم تهذيب إعلامي لنقد مجريات الأمور للمشاهد بشكل مقلوب، فضلا عن عدم الدقة والخيانة المهنية. تلك الفضائيات التي تسهم بتسليط الأضواء على المساوئ الكبرى التي تحدث بالعراق عدا عن المساوئ التي يرتكبها أزلام النظام السابق الذين تحولوا بقدرة قادر إلى زعماء إسلاميين لهم ذقون طويلة وما هم سوى مجرمين وقتلة مأجورين. بقية القنوات الثانوية التي لا يشاهدها أحد تقريبا، عديمة الفكر وعديمة الجدوى وهي من ضمن القنوات التي تسعى للحفاظ على تجهيل المجتمع العراقي باللطميات والبرامج الطائفية المبتذلة لا تهتم بتلك الأحداث أكثر من إهتمامها بإشاعة التخلف الاجتماعي والحفاظ عليه أطول وقت ممكن. العراق الحقيقي يكمن في سوق الغزل وفي أسواق الشورجة وشارع المتنبي، وليس عبر القنوات الفضائية المأجورة والمسمومة الأفكار. هذا هو الأمر المطلوب من وسائل الإعلام المأجورة: تجهيل المجتمع العراقي والوصول به نحو الهلاك. الذهاب نحو حروب أهلية يرحب بها الجميع من أعداء العراق الداخليين والخارجيين. لا يساوي العراق بحساباتهم الدنيئه فردة حذاء جندي أميريكي لولا خزين النفط الكبير الذي فيه. لا تمت هذه البرامج العدائية لمهنة الإعلام الوطني الهادف والحقيقي، ولا للديمقراطية بشيء.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة