مواطنو البلاد يحيون أعياد الميلاد المجيد والرئاسات الثلاث تحضر قداس المناسبة الاثيرة

مؤازين اخوتهم في المكون الأساس للعراق

بغداد – الصباح الجديد:
اكتظت شوارع واحياء بغداد امس الاحد بآلاف المحتفلين والمحتفين بيوم الميلاد المجيد، الذي يعده المواطنون على اختلاف مشاربهم، مقدمة رسمية سعيدة لليلة رأس السنة واستقبال العام الجديد.
ووضعت أشجار الميلاد وزيناتها امام العشرات من المحلات والأسواق الكبيرة، كما توزعت الكبيرة منها عددا من الأرصفة والساحات العامة، سيما تلك التي جهزتها امانة بغداد احتفاءً منها بهذا اليوم الكبير، كما شهدت سماء بغداد النجوم والتنويرات المختلفة التي ولدتها الألعاب النارية التي اطلقها المحتفلون.
وخلال جولة للصباح الجديد ما بين حيي المنصور والجادرية، عبر المحتفلون عن بهجتهم بهذا اليوم، مؤكدين انه يعد رمزا للاخوة والتعايش والتسامح الذي دعا اليه السيد المسيح عليه السلام.
وكانت شهدت كنائس العاصمة بغداد اول امس السبت، حشودا من المصلين المسيحيين يحيون القداس المعتاد بمشاركة العديد من الأسر المسلمة في هذه الطقوس الدينية، بما يعكس صورة للتماسك الاجتماعي بين المكونات العراقية على اختلاف أديانها ومذاهبها وقومياتها.
اذ واكب طقوس قداس الميلاد في كاتدرائية القديس يوسف الكلدانية بمنطقة الكرادة وسط بغداد، والتي لا تبعد كثيراً عن كنيسة سيدة النجاة حيث يحييّ المسيحيون هذه الليلة بالصلاة والدعاء، العديد من الأسر المسلمة في كاتدرائية القديس يوسف لمشاركة جيرانهم وأصدقائهم المسيحيين طقوسهم واحتفالاتهم الدينية، وكذلك في كنيسة سيدة النجاة التي حضر القداس الذي أقيم فيها رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد والسيدة الأولى شاناز إبراهيم أحمد، إضافة الى القداس الذي أقيم في كنيسة مار يوسف في بغداد.

عبد اللطيف رشيد: نعمل في سبيل عراق مزدهر يعيش مواطنوه بسلام

وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، هنأ الرئيس المسيحيين في العراق والعالم بحلول عيد الميلاد المجيد للسيد المسيح، مشيراً إلى أنها مناسبة مقدسة، تُحييها المليارات من البشر في مختلف أنحاء العالم والبشرية جمعاء.
وأضاف الرئيس عبد اللطيف جمال رشيد أن من مسؤوليته في مثل هذه المناسبة وفي مختلف المناسبات استذكار أرواح الشهداء الأبطال من الرجال والنساء الذين قدموا التضحيات من أجل عراق قوي وحر وديمقراطي ومستقر.
وأعرب رئيس الجمهورية عن أمله وسعيه من أجل وحدة جهود جميع العراقيين في سبيل عراق مزدهر يعيش فيه مواطنوه بسلام

السوداني: التنوع من أهم عوامل القوّة في العراق

وفي هذه المناسبة أيضا، أكد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، أن الحكومة تعتز بجميع مكونات البلاد.
وذكر المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء في بيان، أن «رئيس مجلس الوزراء، شارك مساء السبت، احتفالات المسيحيين العراقيين بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة، وحضر القدّاس الذي أقيم في كنيسة مار يوسف في بغداد، وقدم التهاني إلى غبطة بطريرك الكلدان في العراق والعالم الكاردينال لويس رفائيل ساكو، وإلى العوائل المسيحية المشاركة في القدّاس».
واضاف، ان «السوداني التقى بعدد من المواطنين المسيحيين واستمع إلى طروحاتهم، وإلى بعض شكاواهم ووجّه بمتابعتها».
وتابع البيان، «كما حضر رئيس مجلس الوزراء القدّاس الذي أقيم في كنيسة سيدة النجاة بالعاصمة بغداد».
وألقى كلمة بالمناسبة قال فيها: «حرصتُ اليوم وفي ليلة عيد الميلاد، وتعمّدت أن أكون بينكم هنا في كنيسة سيدة النجاة؛ التي غدت أيقونة من أيقونات حربنا ضد التكفير والتطرّف والارهاب، وكان الاعتداء الآثم عليها امتداداً للجرائم المتواصلة ضد الشعب العراقي، بهدف إبادته، وتدمير حضارته، مثلما كان نذيراً بالجرائم التي تلته، في سبايكر وإبادة تلعفر والإيزيديين والجرائم التي حصلت في الموصل».
وأضاف: «حضرتُ قدّاس عيد الميلاد المجيد لكي أوصل لأهلي المسيحيين وكل العراقيين، بصرف النظر عن دينهم وطائفتهم وقوميتهم، أن الحكومة تعتز بالجميع وترى أن التنوع من أهم عوامل القوّة في العراق»، مبينا، «لقد حاول الارهاب وأدَ هذه الصفة، وانطلقت إحدى محاولاته من هنا، وخلّفوا وصمة عار مأساوية في تأريخنا الحديث، وارتكبوا جريمةً راح ضحيتها الأبرياء الذين نالوا الشهادة في بيت من بيوت الله؛ لكن العراق تمكن من صدّ الهجمة وانتصر عليها».
وبين ان «اليوم نرى النصر المؤزّر على الفكر التكفيري قادماً لا محالة، ونعيش في ظل ما حققت تضحيات الأبطال الشهداء من أمن واستقرار»، مؤكدا ان «الاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة وتنظيم القدّاس وحضوري معكم هنا، إنما هو علامة واضحة على أننا قد انتصرنا، ولم يحصد الإرهاب إلّا الهزيمة والهوان والنكران.»
وتابع: «لقد رأينا بأعيننا كيف أعاد العراقيون، من مختلف الأديان والمذاهب، بناء الكنائس المدمّرة، وأعادوا الصُلبان المكسورة، وتمسكوا بأخوتهم في الوطن»، مشيرا الى ان «قوتنا في تنوّعنا، حيث أسهم هذا التنوّع والتعدد في ازدهار الأفكار ونمو الإبداع، وأعطى للعراق نكهته الخاصة، وهو من أهم الثروات الوطنية الواجب الحفاظ عليها».
وتابع: «إننا حريصون وجادّون في السعي للحفاظ على وجود سائر المكوّنات العراقية، ولن ندّخر وسعاً للعمل لتهيئة الظروف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الملائمة لتحقيق ذلك»، مؤكدا «أمامنا معارك لا تقل أهمية عن معركتنا ضد التكفير، وهي الحرب ضد الفساد، هذا الداء الذي مكّن الإرهاب وأعاق عجلة التطور الاقتصادي والخدماتي والعمراني، وهو أحد أهم الأسباب والعوامل التي تدفع العراقيين إلى ترك وطنهم بحثاً عن حياة أفضل في بلدان اخرى».
ومضى بالقول: «لقد وضعنا نُصب أعيينا الإصلاحات الهيكلية التي يجب أن نتخذها ليكون العراق بلداً قادراً على احتضان أبنائه والاستفادة من طاقاتهم «، مؤكدا «نعتز بكلّ عراقي، ونقدّر الحاجة لضرورة الحفاظ على وجودهم في بلدهم وإعماره وبنائه.»
ولفت الى إن «نهج العراق وحكومته يكمن في المساواة وسيادة القانون وتكافؤ الفرص».

الحلبوسي: نؤازر الاخوة المسيحيين المكون الأساسي في العراق

وبدوره، أكد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، إن إحياء عيد ميلاد السيد المسيح ومشاركة الرئاسات الثلاث في قداس الميلاد المجيد يمثل رسالة سلام ووئام وتوحيد لصفوف أبناء الشعب العراقي.
وقال الحلبوسي خلال حضوره قداس ميلاد السيد المسيح في كنيسة سيدة النجاة بالعاصمة بغداد، إن «هذا اليوم مهم، وحضور رئاسات الدولة العراقية للقداس لمؤازرة الأخوة المسيحيين المكون الأساسي في العراق هو رسالة سلام ووئام وتوحيد لصفوف أبناء الشعب العراقي».

جابرو: العراقيون يجمعهم حب الوطن

وعدت إيفان فائق جابرو، وزير الهجرة والمهجرين السبت، إن المسلمين الذين شاركوا اخوتهم المسيحيين اعياد الميلاد المجيد وجهوا خلال مشاركتهم رسالة تؤكد التعايش السلمي في البلاد.
وهنأت جابرو في تصريح العراقيين بمناسبة عيد الميلاد المجيد، معتبرةً «مشاركة العراقيين المسلمين أخوتهم المسيحيين القداس الذي أقيم بكنيسة سيدة النجاة أمرا يعكس صورة إيجابية تؤكد التعايش السلمي في العراق».
وأضافت، أن «العراق بلد المحبة والتعايش السلمي، وأن مناسبة أعياد الميلاد المجيد تجمع العراقيين كأبناء بلد واحد يجمعهم حب الوطن».
يذكر ان كنيسة النجاة في بغداد، تعد واحدة من أهمّ كنائس المسيحيين في العراق التي ضربها الإرهاب في عام 2010، فسقط الضحايا في خلال عملية تحرير رهائن احتجزهم تنظيم القاعدة الإرهابي في داخل الكنيسة. حين اقتحمت قوة عراقية أميركية مشتركة الكنيسة لتحرير الرهائن، غير أنّ تفجير أحد الانتحاريّين نفسه ومقاومة عناصر القاعدة الآخرين نتج عنه مقتل وجرح عشرات من المسيحييـن الذيـن كانـوا يشاركـون فـي قـداس.
كما يشار الى أن كاتدرائية القديس يوسف الكلدانية تم تشييدها في الكرادة لتلبية احتياجات المجتمع الكلداني الذي غادر في خمسينيات القرن الماضي حي عقد النصارى «عكَد النصارى» بعد أن تحول الحي إلى سوق تجارية مختصة بالمواد والمعدات الكهربائية، المجاور لسوق الشورجة الشهير وسط بغداد، حيث كانت كاتدرائية أم الأحزان للكلدان.
ووضع البطريرك يوسف غنيمة السابع حجر الأساس في كاتدرائية القديس يوسف في يوم عيد الصليب المقدس عام 1952، وتم ترميمها وافتتاحها من قبل البطريرك نفسه في عام 1956، كما تم ترميم الكاتدرائية عدة مرات كان آخرها عام 2018 من قبل بطريرك بابل للكلدان لويس رافائيل ساكو الأول.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة