على الرغم من استمرار تعداد الأصوات
متابعة ـ الصباح الجديد :
أعلن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب امس الأربعاء أنه “فاز” في الانتخابات الرئاسة الأميركية في مواجهة منافسه الديموقراطي جو بايدن رغم استمرار فرز الاصوات في عدد من الولايات الأساسية.
وكان بايدن عبر عن ثقته في الفوز فيما اتهمه ترمب بالسعي “الى سرقة الانتخابات” الاكثر استقطابا في الولايات المتحدة منذ عقود.
ودارت حرب أعصاب طوال الليل بين المرشحين اللذين يفصل بينهما كل شيء حيث توقع كل منهما فوزه في الانتخابات فيما يبقى السباق الى البيت الابيض مفتوحا وسط انقسام اكثر من أي وقت مضى في أميركا.
وقبل إعلان أي نتيجة نهائية، قال الرئيس ترمب في كلمة مقتضبة في البيت الابيض “بصراحة، لقد فزنا في الانتخابات” متحدثا عن “تزوير” ومشيرا الى انه يعتزم اللجوء الى المحكمة العليا.
وكان بايدن قال في وقت سابق إنه “على الطريق الصحيح للفوز” فيما يسود ترقب شديد لنتيجة الاقتراع.
وأضاف بايدن أمام مناصريه الذين تجمعوا على طريقة درايف-إن في معقله ويلمينغتون في ديلاوير “حافظوا على ايمانكم، سنفوز”. وقال “نعتقد اننا على الطريق الصحيح للفوز بهذه الانتخابات”، مؤكدا “نحن واثقون بالفوز في اريزونا” الولاية الحاسمة، داعيا الى “التحلي بالصبر”. وقال ايضا “سنفوز في بنسلفانيا”.
بالكاد أنهى كلمته، جاء الرد من ترمب عبر تويتر. وكتب الرئيس المنتهية ولايته “نحن متقدمون وبفارق كبير، لكنهم يحاولون سرقة الانتخابات. لن نسمح لهم بذلك أبدا. لا يمكن الإدلاء بأصواتهم بعد إغلاق صناديق الاقتراع”.
وفي بلد يشهد أزمات صحية واقتصادية واجتماعية بحجم تاريخي، يستعد الأميركيون لليلة طويلة او حتى أيام طويلة من الانتظار في ختام حملة انتخابية شهدت اجواء توتر شديد.
وآمال بعض الديموقراطيين في معسكر بايدن في تحقيق انتصارات تاريخية في كارولاينا الشمالية او جورجيا او تكساس يبدو انها تبددت.
احتفظ الرئيس الجمهوري بفلوريدا التي سبق ان فاز فيها عام 2016 مكذبا نتائج استطلاعات الرأي، كما فاز في اوهايو التي فاز فيها منذ العام 1964 كل المرشحين الذين وصلوا الى الرئاسة. وفاز أيضا في تكساس المعقل الجمهوري الذي كان يبدو في أحد الاوقات مهددا.
لكن الطريق للفوز بولاية ثانية يبقى صعبا، لا يزال يتعين عليه الفوز بالقسم الاكبر من الولايات الاساسية الاخرى التي ساهمت في فوزه المفاجئ عام 2016.
السيناريوهات مختلفة بالنسبة لبايدن لتحقيق النصر. وقد فاز المرشح الديموقراطي في أريزونا، المعقل السابق للمحافظين، وأول ولاية تنتقل من معسكر الى آخر في هذه الانتخابات مقارنة مع العام 2016.
وطريق بايدن الى البيت الابيض يمر عبر الشمال الصناعي للبلاد. ولا يزال عليه الفوز بولايتين على الاقل من الولايات الثلاث المتنازع عليها في الشمال الصناعي (بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن) التي سبق ان فاز فيها الملياردير الاميركي قبل اربع سنوات.
لكن في هذه الولايات فرز الاصوات قد يستمر حتى امس الاربعاء او حتى لعدة ايام لا سيما بسبب المستوى القياسي للتصويت عبر البريد.
ويحتاج المرشح إلى 270 صوتا من أصوات كبار الناخبين للفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية من اصل 538.
وحتى هذه المرحلة نال الرئيس الرئيس المنتهية ولايته 213 من أصوات كبار الناخبين فيما نال بايدن 224.
وكما كان متوقعا الى حد كبير، احتفظ الديموقراطيون بالسيطرة على مجلس النواب، امام مصير مجلس الشيوخ الذي لا يزال يسيطر عليه الجمهوريون يبقى غير معروف.
وبدون مفاجآت كبرى، فاز كل المرشحان بسرعة بالولايات التي كان من المتوقع ان يفوزا فيها. فقد صوتت انديانا وكنتاكي والاباما وايداهو وتينيسي بين ولايات اخرى لصالح دونالد ترامب فيما اعطت كاليفورنيا وفرجينيا ونيويورك وكولورادو وديلاوير أصواتها لبايدن.
كان الأميركيون تقاطروا في كل أرجاء البلاد إلى مراكز الاقتراع في اليوم الانتخابي الثلاثاء تحدوهم دوافع متناقضة.
وقالت فيرونيكا كاسترو، وهي مدرّسة تبلغ السابعة والثلاثين التقتها وكالة فرانس في مركز اقتراع في إيستون في بنسلفانيا، “أريد التخلص من ترامب. فلا مجال لأن نمضي أربع سنوات إضافية معه”.
في المقابل، صوّتت كلارا خيمينس الأميركية من أصول كوبية بفخر لدونالد ترامب في ميامي، مؤكدة “نحتاج الى رئيس قوي يدافع عن بلاده ويحبها”.
وقالت ميغن بيرنز-بورديران (35 عاما) المقيمة في نيويورك والداعمة للديموقراطيين “سيبذل ترامب كل ما في وسعه للفوز، وهذا أمر مخيف”.
ويؤكد ترامب منذ أشهر من دون أن يقدم أي دليل، أن التصويت عبر البريد سيؤدي إلى عمليات تزوير كثيفة ويلمح إلى احتمال خوض معركة قضائية بعد الانتخابات.
لكنه سعى إلى الطمأنة الثلاثاء مؤكدا أنه لن يعلن انتصاره قبل صدور النتائج الرسمية خلافا لتكهنات وسائل إعلام أميركية. وأضاف أن من حق الأميركيين أن يعرفوا النتائج “في يوم الاقتراع” مشددا على أن “العالم بأسره ينتظر”.
وفي مؤشر ملموس إلى القلق الناجم عن الاقتراع، حصّنت متاجر عدة في مدن كبيرة منها واشنطن ولوس انجليس ونيويورك واجهاتها تحسبا لأعمال عنف قد تلي الانتخابات.
وأمام برج ترامب الشهير، انتشرت تعزيزات أمنية مع متاريس وعدد كبير من عناصر الشرطة.
وطوال الحملة الانتخابية، عكست الولايات المتحدة صورة بلد منقسم إلى معسكرين متخاصمين انقطعت سبل التواصل بينهما.
فعلى مدى أشهر، لوّح دونالد ترمب بخطر وصول “يسار راديكالي” إلى السلطة عازم على تحويل أكبر اقتصاد في العالم إلى “فنزويلا على نطاق واسع”. وقال الثلاثاء لمحطة “فوكس نيوز”، “في حال فوزهم سيتغير بلدنا إلى غير رجعة”.
ويكثّف الديموقراطيون وفي مقدّمهم جو بايدن وباراك أوباما، تحذيراتهم من العواقب التي قد تكون مدمرة للمؤسسات الديموقراطية في حال فوز ترامب بولاية ثانية.
والمرشحان للانتخابات على طرفي نقيض.
فمن جهة المرشح الجمهوري ملياردير من نيويورك وقطب عقارات سابق انتقل من تقديم برنامج لتلفزيون الواقع ليقتحم المعترك السياسي برسالة شعبوية تقوم على أساس “أميركا أولا”، ولا يزال يصرّ على أنه “دخيل” على السياسة رغم أنه أمضى أربع سنوات في البيت الابيض.
من جهة أخرى المرشّح الديموقراطي بايدن مخضرم في السياسة متحدّر من الطبقة الوسطى. وقد أمضى 36 عاما عضواً في مجلس الشيوخ وثماني سنوات نائباً لأوباما، وهو يعد ببلسمة جراح البلاد إذا فاز في “المعركة من أجل روح الولايات المتحدة”