البلاغة مطابقة مقتضى الحال

-1-

سُئلت جارية عن الامام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) فقالت :

” أُطيلُ أم أختصر ؟

فقيل لها :

اختصري ، فقالت :

ما قدّمتُ له طعاماً بنهار ،

وما فرشتُ له فِراشا بِلَيْل “

ومعنى ذلك 

انّه (عليه السلام) كان صائما نهارَهُ ، وقائماً ليلَه ،

ومن هنا صار زينَ العابدين .

لقد كانت هذه الجارية بليغة حقا، وقد لَخّصَتْ ببضع كلمات فصولاً طويلة عن عبادة الامام السجاد (ع) .

-2-

ونأسفُ غايةَ الأسف حين نجد الكثير مِنَ المتحدثين بَيْنَ إفراطٍ وتفريط، فامّا اْن يُطنبوا الى حدّ الملل ، وامّا أنْ يُوجزوا الى حدّ الخلل ، وقلَّ فيهم مَنْ يُجيد في بيان ما يُريد ..!!

-3 –

يقول أحد الشعراء :

وسئمتُ كُلَّ مآربي 

فكانَّ َأَطْيَبَها خبيثُ 

الاّ الحديث فانّه 

مِثْلُ اسمهِ أبداً حديثُ 

والحديث مع الأحباب سلوة حقيقية ، 

وربما طال واتسم بالاطناب من باب الاستمتاع بمخاطة المحبوب ، مصداقاً لما قاله المتنبي :

وكثيرٌ مِن السؤالِ اشتياقٌ 

وكثيرٌ مِنْ ردِّهِ تعليلُ 

-4-

ومن جميل الاختصار ما لجأ اليه أحدهم حين اختير ليكون المتحدث لِخطبة فتاة أراد الاقترانَ بها أحدُالشبان حيث قال لاهل الفتاة عن الشاب:

انه من أهل الحياء .

وبالفعل سارع وليَّ الفتاة للقبول لأنّ صاحب الحياء هو الجامع للشرائط المطلوبة :

حياؤه من الله يجعله مطيعاً له ، 

وحياؤه من القبيح يجعله بعيداً عنه 

وفي الخير :

( اذا جاءكم مَنْ تَرْضَونْ خلقه ودينه فزوجوه ) 

والصفتان المطلوبتان موجودتان عند أهل الحياء 

انّ انتشار الفساد واستشرائه في ( العراق الجديد) لم يكن ليقع لولا انحسار الحياء عن المسرح الاجتماعي العام .

وهنا تكمن المصيبة .

حسين الصدر 

Husseinalsadr2011@yahoo.com 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة