التصوير في الفلم الوثائقي

تعد آلة التصوير من أكثر عناصر اللغة السينمائية تعبيرية، فهي وسيلة السرد الاولى في الفيلم وتتخذ عدة وجهات نظر داخل الفيلم السينمائي مثل:-

وجهة نظر موضوعية – حيث تكون الكاميرا مراقباً ومتفرجاً على الحدث المعروض.

وجهة النظر الذاتية: حيث تكون الكاميرا بمثابة مشارك في الحدث.

وجهة النظر الذاتية غير المباشرة: حيث أن الكاميرا تقربنا من الحدث بشكل أكبر حتى تشعر باندماجنا فيه 

وجهة نظر المخرج التفسيرية: حيث أن المخرج يختار ليس ما نراه فحسب بل أيضاً وكيف نراه.

ويمكن القول أن اللقطة المصورة تستطيع أن توفر مصداقية تجسيد الواقع من خلال دخولها في علاقة تبادلية مع المتفرج. وهذا ما يعتمد عليه صانع الفيلم الوثائقي أكثر من غيره من مخرجي الأفلام إذ تشكل هذه العلاقة الهدف الأسمى في نقل الواقع وتوظيفه درامياً ليصل بذلك كامل التأثير في وعي المشاهد محققاً بذلك الغاية التي صنع الفيلم من اجلها كذلك فأن حجوم اللقطات الأساسية والتي هي :-

“اللقطة البعيدة جداً ، واللقطة البعيدة، واللقطة الكاملة، واللقطة المتوسطة واللقطة الكبيرة ، واللقطة الكبيرة جداً، واللقطة ذات البعد البؤري المتغير.

لها اهميتها الكبيرة لان الوظيفة التعبيرية لكل حجم من حجوم اللقطات له خصوصية نقل إشارة ما يتم تسلمها من تجاور هذا الحجم مع الإحجام التي تأتي بعده . ومن ثم فأن توظيف حجوم اللقطات يجب ان يكون نابعاً من ضرورة درامية ، تعنى بنقل الواقع وتجسيده بالشكل الفني المؤثر في المتلقي ، فلكل لقطة تأثيرها الدرامي لها هدفها المرسوم بدقة من قبل صانع الفيلم ، فالتركيز بلقطة كبيرة على وجه شخص ما مظهرة تجاعيد وجه لها قصديتها الواضحة في اثر السنين وفعلها على وجه هذا الشخص ، ونلاحظ تكرار استخدام ذلك في سلسلة (درب الحرير) ، الذي انتجته الـBBC  ومؤكدة على معاناة الكثير من سكان المدن والقرى الواقعة على طريق الحرير من قسوة الطبيعة ووعورتها وصعوبة الحياة التي يعيشون وفي ضوء ذلك فلكل لقطة اثرها وفعلها وتوظيفها الدرامي المقصود ، وبسبب خصوصيته واختلافه عن الفلم الروائي فإن الفيلم الوثائقي يحاول جاهداً ان يوظف هذه اللقطات درامياً لفعل الواقع الذي تصوره كاميرا صانع العمل للتأثير في المتلقي ضمن قيم جمالية يمنحها الواقع المصور من خلال حركات آلة التصوير كذلك مثل :

الحركة الاستعراضية (pan) والتي توضع الكاميرا فيها على حامل لها أو تكون محمولة على الكتف وتكون ثابتة في مكانها .

الحركة العمودية ( Tilt ) وتكون حركة الكاميرا فيها من الأعلى إلى الأسفل وبالعكس .

حركة تقدم أو تراجع آلة التصوير محمولة على عربة خاصة تسير على سكة وهي كثيرة الاستخدام خصوصاً إذا كان الحدث يقترب من آلة التصوير أو يبتعد عنها .

حركة آلة التصوير على الإله الرافعة (Crean shot ) وتتحرك الآلة في  ضوئها على مختلف المستويات وباستطاعتها اختزال كل الحركات المذكورة في أعلاه.

الحركة باستخدام العدسة (zoom) ولها الكثير من الإمكانات التعبيرية.

وقد استفاد صانعو الأفلام عموماً والوثائقية خصوصاً من هذه الإمكانيات ووظفوها في نقل الواقع وتجسيده المرتبط بنوعية الفعل الدرامي.

ان خصوصية التصوير في الفيلم الوثائقي تختلف قطعاً عن التصوير في الفيلم الروائي على الرغم من ان التصوير يتم في الوسيلة التقنية نفسها، الا ان الخصوصية تكمن في كون الفيلم الوثائقي ينهض على  مسك الطبيعة وهي متلبسة بالفعل، وهذا يتطلب اقتناص الحقيقة بعيداً عن حجم اللقطة او زاوية التصوير او اللقطة الجيدة التكوين، فالتصوير في الفيلم الوثائقي قد يتعرض لجملة من الاخطاء التي تكون كارثية لو حدثت في الفيلم الروائي مثل الاهتزاز، اللقطة السيئة التكوين، او الحركة غير المنضبطة لحركة البان او التلت، وهكذا فان قواعد التصوير التي تم تناولها لا تعد سمة ضرورية وجمالية عند تصوير الفيلم الوثائقي، لان الحقيقة وسط واقعها هي الهدف لا التصوير الجيد.

كاظم مرشد السلوم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة