“البيريتا يكسب دائماً” لـ كمال الرياحي

صدر حديثاً عن دار الكتاب في تونس، بالشراكة مع منشورات المتوسط في إيطاليا، الطبعة التونسية لرواية “البيريتا يكسب دائماً” للكاتب التونسي كمال الرياحي، وقد صدرت الرواية عن المتوسّط نهاية سنة 2019 في طبعتها العربية.

“هي رواية سوداء تتلبّسك وكأنّها روح غاضبة متمردة تأبى السكون والهدوء” وهي “قراءة للمشهد العام بعد الرّجة التي أحدثها الشعب بإسقاط نظام بن علي وتغيير مجرى الأحداث”. هكذا تصف الناقدة التونسية ابتسام الوسلاتي رواية “البيرتا يكسب دائماً”. أما الكاتب العراقي كه يلان محمد فيذهب إلى التساؤل، بأنها: “رواية سوداء تجعل الجنس أداة لقول السياسي والثقافي، وتسجل عودة السيستم/النظام القديم إلى تونس الثائرة. فهل هي إنذار في صيغة إبداعية؟ أم وصف لواقع حقيقي قوض مبادئ الثورة باستعادة أكثر رموزها شراسة”. في حين كتبت الكاتبة والمترجمة الفلسطينية ريم غنايم، واصفةً الرواية بأنّها: “مقولة في غاية الأهميّة حول الجسد، حدوده، تصنيفه، وعلاقته بالسّلطة، إرادة القوّة، العنف، الغضب، الغريزة الجنسيّة، أشكال الموت بين الانتحار، والاغتيال والقتل العشوائيّ.” مضيفةً: “ومن خلال الرائحة، التي تتحوّل هي نفسها إلى جسد، تتحقّق في الرواية سلطة القمع وديمقراطيّة اللذة ووجع المعاناة على نحو عادل، بين النساء والرجال، بين القامعين والمقموعين، أصحاب السلطة وأصحاب القَلم”.

وبتفكيك العنوان يتضح أنَّها سيرة مسدَّسٍ مشبوهٍ يتنقَّل بين أيدٍ كثيرة، تخسر كلّها ويكسبُ هو. مسدَّسٌ ملعونٌ ملطّخ بتاريخٍ من الاغتيالات والتصفيات. وبين أشباح الدولة الأمنية، التي تتسلّل إلى أحلامِ الثوّار والمواطنين الحائرين لتُرعبهم، تُستعادُ في جوٍّ مشحون بالتوتّر والغضب القصص الحقيقية لاغتيال المناضلين السياسيين ومحاولات تغييبها وإبقائها طيَّ النسيان.
“البيريتا يكسب دائماً” كما جاء في بيان صدور الطبعة العربية: نصٌّ شرِّير عن الفوضى والغضب، عن العنف والفشل، عن الحب والشر، عن الرصاص والجنس والثورة، وعن الأدب. وربَّما عن حياةٍ سائبة؛ هذه التي يُطاردُها البيريتا.

أخيراً، جاءت الرواية في 240 صفحة من القطع الوسط.

من الرواية:
رائحته مازالت عالقة بأنفي، لا تغادرني، كلّما سحبتُ هواء إلى صدري، احتلَّتْني تلك الرائحة، وعادت لي كل العذابات التي عشتُها ليلتها. لم أفكِّر في شيء قبل أن أرسل إليه الخطاب للنشر. كنتُ منفعلاً بما وصلني من معلومات عن البيريتا.
ربّما حان الوقت لأعترف لكم أنني أعرف الحشَّاش قبل عملي في الواشنطوني. كنتُ أعرفه أيَّام عملي الصّحفيّ كمُحلّل سياسيّ. معرفته بالصحافة الغربية مكَّنتْني من كتابة المقالات السّياسيّة، وشقّتْ لي طريقاً إلى العالميّة التي لم تكتملْ، وهي نفسها التي تسبَّبتْ في ما حدث لي، وحوّلتْني إلى مكان آخر، وإلى ما أنا عليه اليوم. كتبتُ المقال، ورميتُهُ إلى الحشَّاش، ليُعدّه للنّشر في صحيفة خارج البلاد، ونمتُ. نهضتُ صباحاً، أعدُّ الدوش. لم أفتح الكومبيوتر، لأعرف إن كان قد نشر المقال أم لا. ظلّ الماء بارداً. تركتُ الحوض عارياً، أبحث عن زرّ معدّل الحرارة في الشرفة. لم يكن معي أحد في البيت. كانت زوجتي وقتها تغيب كثيراً عن البيت، بسبب شجارنا المتواصل. تقول إنّ مجالسة الكناغر صارَت أرحم من مجالستي، وإنني لم أعد إنساناً يُطاق، وإنّ الوقت قد حان لتُنفّذ ما كانت تُخطِّط له منذ زمن.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة