من ماضي وحاضر العراق

فوزي عبد الرحيم السعداوي

وفاء لـ حسن السريع

لا أدري لماذا يلاحقني خياله وتعاتبني تعابيره منذ أيام، وأنا أشعر بالذنب تجاهه فقد مرت أكثر من ذكرى لم أكتب عنه حرفا وهو من هو من علم من أعلام بلادي.

آسف وأعتذر سيدي، وأقبل يديك وبيريتك فقد شغلتني عنك شؤون الحياة كما شغلت ذاكرة الناس التي لم تفك حقك.

حسن سريع أيها النجم الساطع والرجل الصلب في الملمات الرقيق مع ناسك، تذكرك ليس واجب علي لكنه متعة وأي متعة وأنت تجيب رئيس المحكمة الذي يستنكر وضعك رتبة ملازم على كتفك فتقول له ان غيري وضع رتبة مشير.

متعة أن أتذكر دعوتك لزملائك في الانتفاضة ان يدعوا أمام المحققين انك إجبرتهم على رفع السلاح وهو ماقلته بصراحة في المحكمة، متعة ان أتذكر انك شكلت حكومة لست فيها وأنت زعيم الحركة، حكومة وطنية ديمقراطية يرأسها شخص غير شيوعي هو كامل الجادرجي والوزراء كفاءات وطنية معروفه، أي نضج هذا وأي فكر تحمل أيها العريف.

أي قامة شامخة أنت، حين اعتقلت مجموعة من كبار القادة البعثيين كان منطقيا في تلك الأجواء قتلهم لكنك برغم ان الاحتفاظ بهم كان عبئا عليك خطبت فيهم وطمأنتهم بانهم سيحاكمون.

علمت قبل مدة ان ابنتك الوحيدة قد ماتت، ما أعقنا؟، لم نكرمك حتى في ابنتك، لماذا لا ينتصب لك تمثال في معسكر الرشيد حيث سطرت مجدنا أو في “عين التمر” حيث ذويك أو في ساحة الطيران حيث أعدم بعض أصحابك أو في بغداد الجديدة حيث أعدم آخرون.

أو في السماوة حيث ولدت، لا أفهم كيف فات الجواهري الكبير ان يذكرك بقصيدة؟.

ماذا نملك للتغيير؟

كتبت يوما ما عن عودة الأمور بيدنا بعد فترة من الشكوى بان الآخرين يمسكون بملفنا ولايسمحون لنا بتقرير مصيرنا، وقد كتب لي صديقين مستغربين مما عدوه تفاؤلا غير مبرر ولا سند له على الأرض، لقد تدخل الأجنبي بمقدراتنا عبر أدوات محلية فعالة كما ان دكتاتورية البعث عطلت أي فعل وطني بل غيرت المجتمع وعطلت أدواته وقبل ذلك أنهت وعيه الذي تكون عبر عقود من التضحيات والجهود، ما هيئه ليقع في براثن الاسلاميين، وبذلك انتهى بقية الوعي واختفت أدوات التغيير ليتكون شعب عاجز مسلوب الإرادة ينظر طوال الوقت للسماء منتظرا الحل ومسلما قياده لمدعي الإيمان الذين غيبوه عن الوعي ليتفرغوا هم لسلب مقدراته وثروته.

منذ انتفاضة تشرين بدأت ملامح جديدة تظهر في المشهد العراقي، فالمجتمع العراقي الشاب المغيب أظهر استعادة تدريجية لوعيه ورغبة في استعادة دوره وذلك على خلفية تغييرات في بنيته حدثت بالتدريج لتوفر لها الانتفاضة فرصة الاطلال على العالم، ففي السنين الأخيرة من حكم الاسلاميين زادت الفوارق الاجتماعية حيث معدلات الفقر سجلت ارتفاعا كبيرا وخاصة بين الشباب وبالذات المتعلم في حين يشاهد هؤلاء الحياة الباذخة التي يعيشها الإسلاميون ومحازبيهم، هؤلاء الشباب تحت ضغط الحاجة يريدون حلا جذريا لايمكن ان توفره السلطة الحاكمة لذلك هم يبحثون عن الحل في مكان آخر.

ان كون السلطة لا تملك حلولا وغير قادرة على التكيف يفرض على النخب الشابة البحث عن الحلول في مكان آخر وهذا المكان هو الانتفاضة.

الانتفاضة توفر لهذه الاجيال حلا لمشكلاتها بعيدا عن الحلول التقليدية وذلك باعتماد منهج مختلف بل وأهداف مختلفة تذهب للحلول الجذرية، لم يعد مطلب الشبيبة العراقية إصلاح النظام السياسي وتبديل رئيس الوزراء ولكن رحيل الاسلام السياسي وداعميه من خارج الحدود، وهو أمر لم يعد مستحيلا كما كان يبدو قبل شهور.

ان إيران لا تستطيع أن تفعل الكثير لإنقاذ الاسلام السياسي العراقي فهي ذاتها تواجه مشكلات داخلية وخارجية كبيرة، كما ان للولايات المتحدة الأميركية مصلحة على الأقل آنية في عراق يجب ان يكون مستقل وبذا يكون العامل الذاتي ممثلا بالشبيبة العراقية له أولوية الفعل على الدور الإيراني والأميركي. ان من الضروري إدراك المعادلة الحالية وتنظيم الصفوف في إطار تنظيمي وتوفر قيادة واعية لتفعيل دور الشباب من أجل إنهاء هذا الفصل الأسود من تاريخ العراق.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة