مُسَوّدَةٌ

جبّار الكوّاز

الى «أمير دوشي»
لم تكن ورقةً
اخرجتُها من سلّة القمامة
فحين حاولتُ ان اعيدَ تسويتَها
بكفيّ
قفزتْ من بين أصابعي
خيولٌ ظمأى
ونساءٌ مسبياتٌ
وغاباتٌ تلهث محترقةً بالأرواح
ومدنٌ جدرانُها
لطخاتٌ دماء
وانهارُها ظمأٌ
وأزقُتها راياتٌ محترقات
وبابُها نشورٌ إلى الأين
ارتبك المعنى بين شفتيّ
وانبرى قلمي
صارخا:
ايها الواقفُ بين النور والظلام
حذارِ
فقد انسلّتْ منها
عيونٌ من حجر
واذرعٌ من شواظ
وسيقانٌ من قصب الذاكرة
وفي محاولتي تسويتها ثانيةً
اوقفني كهلٌ في حارةِ(اليهود)
قادني إلى مقبرةٍ دارسة
ما زال انينُ سكانها
يدقّ ابوابَنا كلَّ ليلة
ليسْمعَنا نشيدَ الملوك
في أواخر دعاء (الاستقساء)
على الأخوةِ في طاق( بابل)
حيث الانكشاريون في دعوةِ القتل
عطاشى لدماء الفرات
وفي كلمةٍ
محوتُها فجرا
ظلّ حرفٌ نائمٌ يلومني على
عجالتي
وحماقتي اللتين
افقداني فرصةَ
جزّ الصوفِ من حديقةِ الالهة
لم تكن كلمةً
فتاريخُ الجندِ قد
خبأه فيها
صاحبُ حسبةٍ اخرق
تناسى كلمةَ السرّ الاميرية
لفتح مغامرات أرواح شهداء الجسر
كانت قنابلُ( السيخ)
تتفلتُ من بين اصابعي
وانا ارى شارعَ( الموكب)
محتفلا بحملة اخصاء(تموز)
في (الأكيتو) الأبتر
لم يكن المحتفلون على قدر
من لياقة الاسرى
حيث التفاحُ بطعم البصلِ
وحيث اللحومُ شواءٌ لأجسادِ المكان
وحيث الهتافاتُ شموعٌ آفلاتٌ في جغرافيا موائد السمّ
مازال (انكيدو) يبكي
وممحاتي توغلُ في محوِ لحيته وهي تحفر قبرَ (اللات)
ومازال (كلكامش) بعد كأس سابعة من خمرة (تيامت) مشتاقا
الى(شمخة) ابنة
الايائلِ
والبقراتِ
والخيل العتاقِ
وعجاجِ رمال الربع الخالي
و شقائقِ( دجلة)
نكايةً بــ(النعمان)
النائم في جزءٍ من ورقة حمقاء
كانت على منضدة فراغي
ما زلت امحو
وامحو
وامحو
الاصواتُ تتعالى
سنابكُ الخيل تخبّ الحروف
عويلُ الأيتام مِسكُ زمام السماء
الكتبُ تطوف في نهر (دجلة)
ومياهُها شرايينُ قلبٍ مخدولٍ
البرابرةُ يسقون جيادَهم
برمادِ الأمراءِ المردِ
المنائرُ منحنياتٌ خوفَ القتل
السيوفُ
ما زالت في اغمدتها
ما زلتُ امحو
وهم يتكاثرون
كلَّ لحظةٍ
من تحتُ اصابعي
ويغنون
كأن (العراقَ) بستانُهم
وهم يعلمون
انه خُلقَ عجباً
من( كنْ فيكون)
ونخلةً
ما زالتْ تئن من جراحاتِ
حروبٍ منسياتٍ
وحروبٍ قائماتٍ
واخرى ستقوم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة