لعبة الحياة والموت

عن دار ألكا للنشر، صدرت رواية» لعبة الحياة والموت» للكاتب الصيني مو يان. ترجمة فرح الترهوني. بواقع 552 صفحة من القطع الكبير.
«تبدأ أحداث رواية (مو يان) في الجحيم، في الأول من يناير 1950 أي بعد نحو عامين من حركة الإصلاح الزراعي التي أطلقها «الزعيم ماو» فقلبت الأوضاع التقليدية السائدة في أرياف الصين رأساً على عقب. خلال هذين العامين أذاق اللورد ياما (سيد العالم السفلي)، زيمن ناو، وهو صاحب مزرعة عُرف بعطفه غير المحدود على كل العاملين معه، كلَّ صنوف التعذيب، لإجباره على الاعتراف بالتهم التي قادت في النهاية إلى إعدامه على يد أحد الفلاحين الصاعدين الجدد. لكن حتى بعد قليه حيّاً ــ وهو أقسى أنواع التعذيب في الجحيم ــ ظل زيمن مصرّاً على إعلان براءته.
تغطي الرواية الفترة من 1950 ــ 2000 وهي ما تسمى بفترة الإصلاح، وصينِ ما بعد دينغ سياو بينغ، وتحتوي على الكثير من مثل هذه المشاهد المؤثرة، وهنا تبدو الرواية شكلاً من أشكال التوثيق فتصحب القارئ عبر الزمن من بداية الإصلاح الزراعي في نهاية الحرب الأهلية، ثم خلال تأسيس فرق المعونة التبادلية والتعاونيات الصغرى في أوائل ومنتصف عقد 1950، إلى سنوات «القفزة الكبرى إلى الأمام» التي كشر فيها التطرفُ عن أنيابه، ثم تأخذنا إلى سنوات المجاعة في أواخر عقد 1950 وبداية الستينيات، ثم مرحلة التآكل المنتظم للاقتصاد الشمولي في الحقبة الجديدة التي انطلقت وسادت دون ضوابط، أي مرحلة الاشتراكية بخصائص رأسمالية.
تبقى رواية مويان تنبؤية، وغاية في الإبداع، ساخرة بشكل عام، وتعيد ترتيب نفسها على الدوام، فتهز القارئ بتعليقاتها الذاتية الخاصة. يتعين على القارئ في الأساس أن يكون راغباً في الاشتراك مع الروائي في خدعته الجوهرية وهي أن الرواة الرئيسيين الخمسة ليسوا من البشر، إنما من الحيوانات، لكنهم يستخدمون أصواتٍ بشرية سوية.
رواية «لعبة الموت والحياة» لا تمثل معاداة سافرة للنظام الشيوعي، بل يبدو الكاتب متلهفاً أحياناً لبناء الجسور التي أحرقها مع النظام الشيوعي، إذ يقول: «بالتأكيد لا شيء لدي ضد ماو، ولست معارضاً لمبدأ التشارك أو النظام التعاوني، إنما فقط أريد أن أُترَكَ وحيداً كي أعمل لصالح نفسي.» لكن مثل هذه التأكيدات تبدو ضعيفة ضمن سياق مثل هذه الرواية المعقدة وواسعة الرؤى. كما أن نوع النقد الذي في مثل هذه الرواية، تجد له أصداء واسعة في صين اليوم. كما الأمر في رواية «طوطم الذئب» للروائي يانغ رونغ الذي يسرد شراسة المعارك بين قطيع ذئاب جائعة وقطيع خيول برية، حيث يبدو موجهاً لتبيان قيم الحياة القديمة في السهول مقابل القيم الكارثية التي فرضها الحزب الشيوعي. ومو يان أيضاً لديه رؤيته الخاصة حين تعرض لمشهد معركة كفاح الحمير ضد الذئاب بالقرب من المزرعة التعاونية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة