سمير خليل
رغم ان العملة النقدية المعدنية تعتبر من اهم معالم النظام الاقتصادي والمالي في العالم الا اننا في العراق نفتقدها اليوم، هذه العملات المعدنية الصغيرة تسهل الكثير من التعاملات المصرفية اليومية.
اليوم يفتقد العراقيون العملة النقدية التي صارت تمثل لديهم جزءا من التراث الوطني واصبح الكثير منا يحتفظ ببعض هذه القطع كجزء من التحفيات والانتيكات .
وحين كانت هذه العملات فاعلة في خلال اليوم العراقي في محيط التداول النقدي، حملت في نفس الوقت علامات ودلالات على المرحلة او العقد الزمني الذي كانت تتحرك فيه، واقصد هنا ان كل عملة نقدية معدنية عراقية كانت تحمل صورة العهد او نظام الحكم الذي تعيش فيه فالعثمانية مثلا حملت على وجهي المسكوكة صورا ترمز للعهد العثماني وكذلك في فترة الاحتلال البريطاني ثم في العهد الجمهوري وصولا لفترة نظام الحكم البائد الذي سقط عام 2003، فطوال أربعة قرون من عام 1534 إلى 1920 كانت العملة العثمانية هي السائدة في العراق حتى مجيء الاحتلال البريطاني الذي استبدلها بالعملة الهندية المتمثلة بالآنة والروبية المعدنية لتكون العملة الوحيدة المتداولة بنوعيها الورقي والمعدني وظل استخدام هذه العملات متداولًا في العراق إلى جانب العملات العثمانية حتى منتصف عام 1920 حين أصدر الحاكم العسكري البريطاني أمرًا أوقف بموجبه تداول العملات العثمانية، وأبقى فقط على تداول العملات الهندية، كما بقي استخدام العملة الهندية حتى بعد تأسيس المملكة العراقية عام 1921، وتتويج الملك فيصل الأول ملكًا عليها ليصدر القانون رقم 44 لسنة 1931 والذي تشكلت بموجبه لجنة العملة العراقية والتي أنيط بمسؤوليتها أمر إصدار عملة عراقية جديدة.
صدرت العملة العراقية الجديدة في عام 1931، وكانت عبارة عن مسكوكات معدنية مثلت أول عملة نقدية عراقية تطرح للتداول وهي:عملة معدنية برونزية فئة 1 فلس، عملة معدنية برونزية فئة 2 فلس، عملة معدنية من النيكل فئة 4 فلس (العانة)، عملة معدنية من النيكل فئة 10 فلس، عملة معدنية من الفضة فئة 20 فلسًا (القرآن)، عملة معدنية من الفضة فئة 50 فلسًا وهي تحمل كلمة (درهم) فوق الفئة، عملة معدنية فضية من فئة 100 فلس ،وبعد ثورة 1958 تقررإصدار عملة جديدة للدولة وسحب وإتلاف الأوراق النقدية والمسكوكات القديمة التي صدرت في عهد النظام الملكي السابق والتي تقرر إيقاف تداولها بعد صدور العملة الجديدة مع بعض التغييرات في اصدار العملة الجديدة فقد ألغيت المسكوكة النقدية من فئة 2 فلس، كما ألغيت المسكوكة من فئة الأربعة فلوس (العانة) واستبدلت بمسكوكة جديدة من فئة خمسة فلوس، كما ألغيت المسكوكة النقدية من فئة 20 فلسًا (القران) واستبدلت بمسكوكة جديدة من فئة 25 فلسًا، وفي عام 1967 طرحت للتداول عملات معدنية جديدة من فئتي 5 و 10 فلوس مصنوعة من النيكل تختلف في شكلها عن الأصدار ،وفي عام 1968 صدرت طبعة جديدة من العملات العراقية بنوعيها المعدنية والورقية وبنفس الالوان والأبعاد الا انها تختلف فيما تحمله من صور .
بالنسبة للعملات المعدنية الجديدة فقد كانت مصنوعة من من النيكل وهي من الفئات 5 و 10 و 25 و 50 و 100 فلس . وكان شكلها ومواصفاتها يشابه بالضبط العملات المعدنية التي صدرت عام 1967 من فئتي 5 و 10 فلوس .
وقد تخلى هذا الاصدار من عملة معدنية من فئة ( 1 فلس ) لتدني قيمتها المادية في ذلك الوقت مما جعل وجودها غير مطلوب ، بينما طرح ايضا ضمن هذا الاصدار عملة معدنية مدورة من فئة 250 فلس مصنوعة من الفضة الا ان اصدارها كان قليلا ومحدودا .
وفي عام 1972 صدرت طبعة جديدة للعملات العراقية المعدنية والورقية والتي كانت ايضا بنفس الفئات والالوان والابعاد والمقاييس مع اصدار العديد من المسكوكات المعدنية الخاصة من فئات 250 فلس و 500 فلس ودينار واحد مصنوعة من الفضة والتي تمجد مناسبات معينة مثل ذكرى تحرير الثروة النفطية من الاحتكارات الاجنبية وغيرها ، بل وحتى تم اصدار مسكوكات ذهبية ايضا من فئات 50 دينار و 100 دينار لمناسبات اخرى .
وانحسرت العملة المعدنية العراقية عام 1991 عندما أدى الحظر الاقتصادي الدولي على البلاد مما جعل العملة المعدنية وفئات العملة القليلة بدون قيمة واخذت بالغياب حتى اختفت نهائيا بعد العام 2003.
اليوم، وفي خضم التحولات التي طرأت على مجتمعنا العراقي ومنها في جانب الاقتصاد والمال الذي يشهد تحولات متتالية هل يمكن ان نرى العملة المعدنية ضمن هذا المشهد ؟ وهل يحتاجها الناس في تعاملاتهم اليومية ؟ ام ستبقى من ذكريات العراقيين وتاريخهم وتراثهم حيث يحتفظ الكثيرون باعداد من هذه العملات في بيوتاتهم لتذكرهم بايام خلت.
العملات المعدنية.. غابت من المشهد الاقتصادي لتصير شيئا من التراث
التعليقات مغلقة