الخداع

جديد العلاقات الأميركية الإسرائيلية بعد كتاب “من يجرؤ على الكلام”

الحلقة 27

لعل أكثر التعريفات جزالة واختصارا بالكاتب والسياسي بول فندلي، ما قالته “هيلين توماس” عميدة المراسلين السابقة في البيت الأبيض، التي عاصرت عدداً من رؤساء الولايات المتحدة الأميركية، كان آخرهم باراك أوباما، اذ وصفته في مقالة مهمة عن الشرق الأوسط ب”الرجل صاحب الضمير الحي، الذي يجرؤ على قول الحقيقة”.
ولنضع تحت ” الذي يجرؤ على قول الحقيقة ” خطين، ففي اميركا يمكنك ان تقول أي شيء عن أي كان، حتى انه يمكنك ان تشتم الرئيس، لكن كل ما يتعلق بإسرائيل والعلاقة التي تربطها بالمسؤولين الأميركان، خط احمر.
هناك..حيث الديمقراطية وحرية التعبير، ثمة جهاز استخباري كامل، يعمل فيه إسرائيليون واميركان، وصهاينة، يسمى منظمة ” ايباك ” هذا الجهاز الذي تطلق عليه مفردة منظمة، هو الذي يسيطر ربما على نحو 90% من الاعلام الأميركي والسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، ان لم نقل اكثر.
وهذا الجهاز- المنظمة، حارب على الدوام اية حقيقة او محاولة لفضح العلاقات الأميركية –الإسرائيلية، او الاساليب التي تتبع للتأثير السلبي على الرأي العام الأميركي، بدعوى معاداة السامية، ولكنه – الجهاز – لم يتمكن من بول فندلي عضو الكونغرس الأميركي عن ولاية الينوي لمدة 22 سنة، والذي نشر او كتاب له سنة 1985 بعنوان من يجرؤ على الكلامن وفضح فيه خفايا العلاقات الأميركية الإسرائيلية، وتحدث ربما للمرة الأولى عن دور ايباك في اتخاذ القرارات المصيرية لصالح إسرائيل ضد الفلسطينيين، من دون وجه حق.
بعد صدور من يجرؤ على الكلام، لم يفز فندلي بعضوية الكونغرس مرة أخرى، بعد ان حشد ايباك لخسارته في الانتخابات، ولكن هذا الأمر لم يثن بول فندلي عن مواصلة الكتابة وفضح الحقائق في كتب عدة هي إضافة الى ” من يجرؤ على الكلام “، ” لا سكوت بعد اليوم “، و” اميركا في خطر “، والذي ضم مذكرات فندلي عن السياسة الأميركية إزاء إسرائيل، و “اللوبي الإسرائيلي” والسياسة الخارجية الأميركية” شارك في تأليفه عالما السياسة البارزان الدكتور “جون مرشماير” من جامعة شيكاغو والدكتور “ستيفن والت” من جامعة هارفرد، و” الخداع ” الذي نضع هنا بعضا منه بين يدي القاري الكريم..
تجدر الإشارة الى ان من ينتقد إسرائيل في اميركا، وتأثير اللوبي الإسرائيلي في صنع السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، قليلون جدا وهذا ما دعا الكاتبة والمؤلفة “غريس هالسل”، الصوت القوي المطالب بالعدالة في الشرق الأوسط، تقول لفندلي قبل وفاتها “علينا التضافر معاً، لأننا قليل عديدنا، فما يزال عدد من هم على إستعداد لإنتقاد إسرائيل جهارا قليلاً، وعلى الذين يجهرون بالكلام أن يستعدوا لتلقي المعاملة الخشنة”.

بول فندلي

الاسطورة
ان تهمة العنصرية المناهضة للعرب دعاية رخيصة
هايمن بوكبايندر، ممثل سابق للجنة اليهودية الاميركية.
الحقيقة
عندما بدا العالم يدرك ان الفلسطينيين جوهر النزاع العربي الاسرائيلي عزز الزعماء ورجال الدعاية الاسرائيليون محاولاتهم لتجريد الفلسطينيين الاهمية ومن انسانيتهم وقوي هذا الاتجاه بعد تولي حزب الليكود القومي المتطرف الحكم في عام 1977 ذلك ان زعماء اسرائيل الذين جروا على وصف الفلسطينيين بانهم ارهابيون اخذوا يصفونهم علنا بعبارات عنصرية.
فقد شبه مناحيم بيغن رئيس الوزراء الفلسطينيين ب حيوانات ذات رجلين وقارن خلفه اسحق شامير الفلسطينيين بالذبابة والجندب وبلغ الامر بشامير ان وصف الفلسطينيين الذين عاشوا قرونا في فلسطين بانهم غزاة متوحشون وهمج غرباء في ارض اسرائيل التي يملكها شعب اسرائيل وشعب اسرائيل وحده وقال رفائيل ايتان رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي خلال غزو لبنان في 1982 عندما نكمل استيطان الارض فكل ما يستطيع العرب عمله هو ان يحوموا حولها كالصراصير المخدرة داخل زجاجة.
وفيما بعد اسس حزب تسومت السياسي اليميني المتطرف الذي كرس جهوده لنقل الفلسطينيين الذين وصفهم بالصالحين والسيئين وقال بانه ينبغي قتل السيئين وابعاد الصالحين وبلغت شعبية حزب ايتان اوجها في انتخابات عام 1992 حين زاد عدد ممثليه في الكنيست اربعة اضعاف وصاروا ثمانية.
وليست محاولة تجريد الفلسطينيين من انسانيتهم وانكار شرعيتهم وقفا على حزب الليكود القومي المتطرف ذلك ان زعماء حزب العمال الذي سيطر طويلا على الحكم حاولوا انكار وجود الفلسطينيين ففي عام 1969 قال ليفي اشكول رئيس الوزراء من هم الفلسطينيون عندما وصلت الى هنا كان هناك 250,000 شخص من غير اليهود واكثرهم من العرب البدو كانت البلاد صحراء واكثر تخلفا من الاقطار المتخلفة اي لاشيء.
وبعد ذلك ببضعة اشهر قالت جولدا ماثير التي كانت قد خلفت اشكول: متى كان هناك شعب فلسطيني مستقل له دولة فلسطينية؟ فقبل الحرب العالمية الاولى كانت فلسطين سوريا الجنوبية ثم كانت فلسطين التي تشمل الاردن وعليه فلا يجوز التحدث عن شعب فلسطيني جئنا الى بلاده وطردناه منها وانتزعناها منه لم يكن له وجود.
وذهب الى مثل هذا شيمون بيريز الذي تولى رئاسة الوزارة في اواسط الثمانينات فقد ورد في كتاب له نشره عام 1970 قوله كان اكثر البلاد عبارة عن صحراء خاوية ليس فيها سوى بضع جزر من القرى العربية.
ولايزال هذا موقف عدد من الإسرائيليين ففي عام 1988 كتب الحاخام المتطرف ماثير كاهانا مؤسس رابطة الدفاع اليهودية المتطرفة في اعلان نشرته صحيفة نيويورك تايمز ليس هناك شيء اسمه الشعب الفلسطيني لا وجود للفلسطينيين.
ان الهدف من محاولات انكار وجود الفلسطينيين وتجريدهم من انسانيتهم تبرير سلوك اسرائيل غير الانساني نحوهم فاسرائيل بتصويرها للفلسطينيين على انهم اقل من البشر تعني ضمنا انها مهما كانت قاسية في اجراءاتها فان الفلسطينيين لا يستحقون افضل من ذلك.
الفصل الثاني والعشرون
مزاعم اسرائيل حول القدس
الاسطورة
ان القدس اليهودية جزء عضوي لا ينفصل عن دولة اسرائيل
ديفد بن غوريون- اول رئيس وزراء في اسرائيل
الحقيقة
طالما ان اليهود وافقوا على خطة الامم المتحدة للتقسيم في العام 1947 فمن المفترض ان يكونوا قد وافقوا ايضا على تحديد تلك الهيئة الدولية لوضع القدس وهو انها جسم منفصل خاضع للادارة الدولية وعليه فلا مجال لادعاء اليهود او العرب انهم اصحاب السيادة عليها وجرى التأكيد على هذا التعهد عندما تمت اخيرا الموافقة على انضمام اسرائيل للامم المتحدة في 11 ايار/ مايو 1949 وكانت قبل ذلك قد قدمت طلبين للانضمام لعضويتها لكنهما رفضا لاسباب منها الشكوك الدولية في نواياها تجاه اسرائيل نحو القدس.
وبالفعل زعمت اسرائيل في وقت مبكر ان القدس لها متحدية بذلك المجتمع الدولي وفي 5 كانون الاول/ ديسمبر 1949 صرح الزعيم الاسرائيلي بن غوريون بقوله ان القدس قلب قلوب دولة اسرائيل ولانتصور ان تحاول منظمة الامم المتحدة اقتطاع القدس من دولة اسرائيل او المساس بالسيادة الاسرائيلية على عاصمة اسرائيل الابدية.
وردا على لك اقدمت الجمعية العامة للامم المتحدة بعد اربعة ايام على رفض مزاعم اسرائيل باعادة تاكيدها على وضع القدس كجسم منفصل وذلك حسب خطة التقسيم لكن اسرائيل ردت بجرأة فتجاهلت الهيئة الدولية واعلنت رسميا في 11 كانون الاول/ ديسمبر بان القدس كانت عاصمة اسرائيل منذ اول يوم من وجودها.
وفي 16 كانون الاول/ ديسمبر تحدى بن غوريون المجتمع الدولي بنقله مكتب رئيس الوزراء الى القدس وصرح بان بداية السنة الجديدة 1950 ستشهد نقل جميع الدوائر الحكومية الى القدس باستثناء وزارتي الخارجية والدفاع ومقر البوليس الوطني وواصلت اسرائيل نقل الدوائر الحكومية الى المدينة بالرغم من ان مجلس الوصاية التابع للامم المتحدة طلب منها ان تخرج دوائرها من المدينة لان وجودها هناك يتعارض مع التزاماتها للامم المتحدة لكن اسرائيل ابلغت المجلس رسميا في 31 كانون الاول/ ديسمبر بانها لن تسحب الدوائر الحكومية من القدس.
ونجحت اسرائيل في تحديها السافر للامم المتحدة فقد اخذت ابتداء من كانون الاول/ ديسمبر عام 1949 تتصرف كما لو كانت القدس عاصمتها الشرعية المعترف بها.
الاسطورة
ان كلمة ضم … في غير محلها فالاجراءات التي اتخذت تتعلق بدمج القدس في الميادين الادارية والبلدية وارساء قاعدة قانونية لحماية الاماكن المقدسة فيها.
ابا ايبان، وزير خارجية اسرائيل (1966-1974)
الحقيقة
سارعت اسرائيل في اعقاب حرب 1967 الى توسيع حدود القدس وضم المدينة برمتها بوصفها عاصمتها الابدية فحتى عام 1967 كانت القدس تتألف من المدينة القديمة التاريخية المسورة المقسمة الى احياء للارمن والنصارى واليهود والمسلمين تحيط بها المدينة التي تضم القسم الشرقي العربي والقسم الغربي اليهودي.
وقبل بزوغ فجر اليوم الذي تلا توقف القتال في 10 حزيران/ يونيو انذرت القوات الاسرائيلية الفلسطينيين الذين يعيشون في حي المغاربة في المدينة القديمة الملاصق لحائط المبكى والحرم الشريف بضرورة اخلاء بيوتهم خلال ثلاث ساعات وعلى الاثر قامت الجرافات الاسرائيلية بهدم بيوتهم وجامعين وبذلك شردت 135 اسرة تضم 650 شخصا واصبح هؤلاء بلا ماوى وكانت هذه اولى المصادرات للممتلكات الفلسطينية بعد حرب عام 1967 لا اخرها.
وبعد ذلك باسبوع اي في 18 حزيران/ يونيو بدأ الجنود الاسرائيليون يأمرون الفلسطينيين بمغادرة الحي اليهودي في المدينة القديمة وشمل الطرد في البداية بضع مئات لكنه في السنوات التالية شمل جميع الفلسطينيين من سكان الحي وعددهم ستة الاف وبدأ اليهود قد بدأوا في تشرين الاول/ اكتوبر 1967 بالانتقال الى هذا الحي.
وبادرت اسرائيل بكل تصميم الى تشديد قبضتها على القدس الشرقية العربية بعد الحرب باسبوعين وذلك عندما اقر الكنيست في 27 حزيران/ يونيو نظامين اساسيين وهما: نظام القانون والادارة ونظام المؤسسات البلدية. فنظام المؤسسات اتاح لوزير الداخلية تغيرر حدود القدس كما اتاح له النظام الاداري اخضاع البلدية الموسعة للقانون الاسرائيلي وقام وزير الداخلية بهذا فعلا بعد ذلك بيوم واحد اي في 28 حزيران / يونيو فقد ضاعفت حجم القدس بمد حدودها شمالا مسافة تسعة اميال وجنوبا مسافة عشرة اميال وكانت مساحة مدينة القدس الشرقية في عهد الادارة الاردنية ستة كيلومترات مربعة فقط.
ان الحدود كما قال وكيل رئيس بلدية القدس ميرون بنيفنيستي فيما بعد رسمت بعناية لتضمن غالبية يهودية كبيرة ضمن الحدود الجديدة فقد اخرجت منها المناطق المأهولة بالسكان الفلسطينيين بينما ادخلت فيها الاراضي المتاخمة للقرى العربية وادى هذا كله الى وجود 197000 يهودي و68000 عربي في مدينة القدس الموسعة وهو تغيير مذهل للوضع الذي كان سائدا قبل اعلان التقسيم في عام 1947 فقد كانت القدس الكبرى تضم انذاك نحو 105000 عربي فلسطيني و100000 يهودي اما داخل حدود البلدية القديمة للقدس فيوجد الان 60000 فلسطيني و100000 يهودي.
وفي 14 تموز/ يوليو عام 1967 شجبت الجمعية العامة للامم المتحدة رفض اسرائيل الانصياع للقرار الذي اتخذته في 4 تموز/ يوليو والذي دعا اسرائيل الى الغاء جميع الاجراءات التي تغير وضع القدس واعتبرتها باطلة كما انها طلبت من الامين العام للامم المتحدة تقديم تقرير عن الوضع في القدس.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة