الانتظار السيء

تتعارض تجربة العراق في بناء المؤسسات وتحقيق النمو الاقتصادي مع تجارب دول أخرى في كثير من مفاصلها ..ففي بلد اعتاد الدخول في حروب وأزمات اقتصادية وسياسية متنوعة وارهاب يشيع الخوف وعدم الاستقرار في اكثر من مدينة عراقية لايمكن اعادة انتاج او تطبيق تجارب أخرى نجحت فيها دول وحكومات تقود دولا امنة ومستقرة يختلف واقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي عن واقع العراق ..وتفرض الظروف الاستثنائية قيودا مختلفة على الاداء الحكومي في العاصمة بغداد والمحافظات وتحتم الاستعانة بتجارب ذاتية تتناسب مع الواقع العراقي وتتعايش مع كل تفاصيل الظروف التي يمر بها المواطن العراقي في تفاصيل حياته اليومية.. وعلى مستوى التخطيط الاستراتيجي تواصل الحكومة العراقية والوزارات والمؤسسات مناقشة الخطط المتعلقة بالاعمار والتنمية واقرار المشاريع وتقديمها الى مجلس النواب والتصويت عليها الا ان مايمكن ملاحظته في هذا الجهد وهذه الخطط هو البطء الشديد في تقديم المبادرات والشروع في تنفيذها والتحجج باستمرار العمليات العسكرية لتحرير المحافظات من احتلال داعش وتوظيف نسبة كبيرة من الاموال المخصصة في الميزانية للجهد الحربي ودعم القوات الامنية مما ترك واقعاً سيئاً في محافظات العراق الوسطى والجنوبية تمثل باهمال كبير لمشاريع متلكئة وغير منجزة او تم تأجيل اكمالها ومع التوسع السكاني وتزايد الطلب على الحاجات الخدمية وعدم الشروع في تأسيس البنى التحتية للاحياء السكنية تتعاظم كل يوم المشكلات ويعاني ملايين السكان من واقع مزرياً يتمثل في عدم الحصول على رعاية صحية كافية في المستشفيات وشحة كبيرة في مياه الشرب وضعف الاهتمام بالنظافة في الشوارع وتقادم الابنية في المدارس والمؤسسات الحكومية وعدم اهليتها لاستقبال التلاميذ والمراجعين وفي النهاية شلل كبير في تقديم الخدمات وفقدان دور الدولة وغياب مظاهرها في اجزاء آمنة ومستقرة في وسط وجنوبي العراق تسبب في انتقاد وسخط وتذمر ورفض لهذا الاداء الحكومي المتعثر وهناك مطالبات واسعة اليوم كي تعيد الحكومة ممثلة بوزارتها ومؤسساتها النظر بخططها ومشاريعها وتعجل في تنفيذ المشاريع الحيوية التي لاتتحمل الانتظار وتترك آثاراً سيئة على حياة الناس ويمكن للمبادرات الذاتية والشروع بتنفيذ المشاريع الاستثمارية التي طال الحديث عنها ان تعالج الكثير من المشكلات وتخفف معاناة سكان محافظات الوسط والجنوب اما التأجيل والانتظار حتى انتهاء العمليات العسكرية في الموصل والانبار وصلاح الدين وديالى فلايمكن تفسيره الا بعناوين الفشل والتخلف وتردي الاداء وفقدان الارادة بايجاد الحلول والتفرج على الازمات .
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة