العراقيون يدعون لمقاطعة البضائع المستوردة دعماً للمنتج المحلي

تحت شعاري #»خليها_ تخيس» و # «صنع في العراق «

بغداد ـ زينب الحسني:

أطلق ناشطون ومدونون عراقيون، بالتزامن مع الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، ضد الفساد وترهل العملية السياسية والتدخل الخارجي، حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة جميع البضائع المستوردة، والتي استهدفت المنتجات المستوردة وخاصة الإيرانية منها وكانت لها الحصة الأكبر بسبب اغراق السوق بها ولرداءتها وأسعارها الرخيصة جداً.
استهلت الحملة في بغداد ومدن جنوب ووسط البلاد، بهاشتاغ «خلوها تخيس»بمعنى دعوها تعفن ،وهاشتاغ « صنع في العراق « والذين اطلقهما ناشطون ومدونون تشجيعاً للمنتج المحلي ومن أجل تنشيط اقتصاد البلاد المتهالك.
وخلال السنوات القلية الماضية أغرقت السوق العراقية بالمنتجات المستوردة من معظم دول الجوار اذ يبلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران على سبيل المثال أكثر من 12 مليار دولار سنوياً حيث يستورد العراق أغلب احتياجاته الزراعية والصناعية والإنشائية عدا عن الغاز والبنزين من إيران منذ عام 2003 مع استمرار شلل غير مفهوم حتى الآن بالقطاعات الإنتاجية العراقية خاصة الزراعية والصناعية.
« الصباح الجديد « كان لها وقفة جادة في مساندة المنتج المحلي وعملت على تشجيع الصناعة المحلية من خلال ما تناولته من تقارير محلية تدعو الى مساندة وتشجيع الصناعة العراقية.

«خليها تخيس».. دعها تتلف
وتداول ناشطون هاشتاغ «#خليهاتخيس» (دعها تتلف) دعوا من خلاله العراقيين إلى مقاطعة أي منتج من خارج البلاد. ودونوا في صفحاتهم #قاطعومنأجلالشهداء كان لهذه الكلمات آثر كبير على العراقيين مماجعلهم يتفاعلون مع هذا الهاشتاغ وبالفعل اخذ الكثير من المواطنين بمقاطعة البضائع المستوردة .ولم تقتصر البضائع على شيء محدد، بل شملت كل شيء تقريباً من الخضروات إلى منتجات الألبان والسلع الكهربائية وصولاً إلى السيارات ومواد البناء والغاز والكهرباء.

إقبال ضعيف على
المنتجات الإيرانية
وقال أصحاب محال تجارية أن الإقبال على شراء المنتجات الإيرانية بات ضعيفاً في الأسواق بعد الحملة التي أطلقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة المنتجات خلال انطلاق التظاهرات الشعبية في البلاد، وأشاروا انهم أتلفوا آلاف العلب الفاسدة بعد كسادها وانتهاء تاريخ صلاحياتها بسبب عدم شرائها وبقائها في المخازن.
أبو علي وهو بائع جملة للمواد الغذائية في منطقة « حي اور» ببغداد يؤكد من خلال حديثهِ مع « الصباح الجديد « ، لاحظت في الفترة الاخيرة عزوف نسبة عالية من المواطنين عن شراء المنتجات الإيرانية لكن»علينا ألا نبالغ كثيراً، ما زالت العائلات الفقيرة تقبل على المنتجات الإيرانية الرخيصة».
واضاف ان المقاطعة تتركز في الأحياء الغنية في بغداد غالباً، كذلك تكثر في بعض المحافظات دون غيرها اذ هناك بعض المحافظات الغربية قاطعت البضائع الايرانية منذ مدة طويلة .
أبو جاسم صاحب محل لبيع المواد الغذائية في بغداد بين ، أنه اتلف كثير من المنتجات إيرانية الصنع لعدم شرائها من قبل المواطنين ما أدى إلى فسادها، وأفاد أنهم اتفقوا مع التجار على عدم إدخال المنتجات الإيرانية إلى البلاد لانها أصبحت بضاعة غير مرغوب بها والطلب عليها بات ضعيفاً، لافتاً الى انهم لجأوا إلى شراء منتجات من دول ومصادر أخرى ولا سيما المنتجات المحلية التي أصبح الاقبال على شرائها كبيراً خلال الفترة الحالية.

صنع في العراق
الكاتب حسب الله يحيى قال في حديث لـ « الصباح الجديد «: بالتأكيد نحن ندعو ونؤكد على دعم الصناعة الوطنية ،هناك شعوب هزمت عن طريق مقاطعة البضائع الأجنبية ..وأقرب أنموذج لدينا هو غاندي عندما تمت مقاطعة بركانية وأخذ الهنود ينسجون بأنفسهم ويأخذون الملح من البحر .وقبل هذه الدعوة كنت اقطع بشكل ذاتي كل منتج اجنبي إلا في الضرورات القصوى التي لا أجد بديلًا لها في الصناعة العراقية .لنرفع شعار» صنع في العراق» على أمل إن تقدم صناعتنا إلا جود.

مقاطعة كبيرة
بدوره يقول كاظم علي وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية لم يسبق ان تعرضت البضاعة الإيرانية إلى مقاطعة كهذه، مبيناً أن التبادل التجاري بين العراق وإيران أصبح ضعيفاً مع هرب التجار من التعامل مع البضائع الإيرانية بسبب ما تتعرض له من مقاطعة شعبية كبيرة ، والتي أدت إلى انهيارها وانخفاض كبير جداً في اسعارها ،الأمر الذي أضر كثيراً بالتجار والبائعين وجعلهم يبتعدون عن إدخال اي منتج يحتوي على صناعة إيرانية أو إي صناعة أخرى .
المواطن عبد الله فرحان قال انه يجب مقاطعة جميع المنتجات الإيرانية ودعم المنتج المحلي، مبيناً أن العراق فيه كثير من الصناعات المتوقفة والتي يجب إعادة تشغيلها.
واضاف فرحان ان مقاطعة المنتجات المستوردة اصبح ضرورة ملحة وذلك بسبب سيطرة المنتجات المستوردة على السوق في حين نحن نملك المصانع واليد العاملة والخبرة .(فلماذا لاننهض بصناعتنا المحلية ).
اما ابو ياسر والذي يعمل تاجراً للمواد الغذائية قال إنه تعرض لخسائر كبيرة بعد حملة مقاطعة المنتجات الإيرانية، وذكر أنه خسر أكثر من 200 ألف دولار بعد إدخاله لشحنة ألبان إيرانية مع بدء حملة المقاطعة الأمر الذي أدى الى فسادها وانتهاء مدة صلاحياتها، مبيناً أنه اصبح يتجه الى دول أخرى للاستيراد ولكنه ما يزال حذراً اذ يستورد كميات قليلة لأن مطالبات شعبية تدعو إلى دعم المنتجات المحلية.

حملة أعادة وطن
الاكاديمي الدكتور ستار عواد قال : ان الحملة التي انطلقت من ساحة التحرير لدعم المنتج الوطني ، هي جزء من اعادة الصناعة العراقية في اطار حملة اعادة الوطن التي سلبته الاحزاب التي عمدت الى تخريب المصانع واهمال الصناعة الوطنية من اجل نفع دول الجوار.
واضاف عواد ان حملة دعم المنتج الوطني جزء من اهداف ثورة تشرين لحل ازمة البطالة كذلك انعاش الاقتصاد المحلي ، وهي دعوة ايضاً للصناعيين من اجل تطوير معاملهم وتحسين جودة المنتجات العراقية لسد حاجة السوق المحلي.
في حين قال الشاعروالاعلامي حسام الحمداوي : ان ما نشهده من حملة لتشجيع المنتج المحلي تزداد وتيرة المتفاعلين معها يوماً، خاصة مع تصاعد الوعي الشعبي والمجتمعي وهو امر ساعدت التظاهرات لدفعه الى امام لأنها حفزت الشعور بحب العراق من خلال الفعل والعمل دون الاكتفاء بالشعارات، لكن ربط هذه الحملة بمقاطعة المنتجات الإيرانية دون سواها ولأسباب سياسية أمر يضر بالحملة ويؤثر على حجم وعدد المتفاعلين معها ، تشجيع المنتج الوطني يجب ان لا تدخل بموازاته دعوة لمقاطعة منتجات دولة دون أخرى ، من الأولى تشجيع المنتج المحلي وصولاً لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتوقف عن استيراد جميع المنتجات التي تغرق الاسواق العراقية إيرانية كانت ام غيرها.

مبادرات عديدة
وقبل أكثر من أسبوعين، أظهر مقطع فيديو انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، مجموعة من الشباب وهم يرقصون داخل وخارج نوع من السيارات مصنوع في إيران، التي شاع انتشارها في السنوات الأخيرة في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد.
وبدا واضحاً خلال الفيديو أن الدبكة التي يقوم بها الشباب أحدثت أضراراً بسقف السيارة وصندوقها الخلفي، وهو أمر متوقع وطبيعي، لكن الأمر غير الطبيعي هو رد مالك السيارة الشاب هو الآخر، حين يسأله أحدهم عن سبب قيام الشباب بذلك، إذ قال ضاحكاً: «هذه سيارة إيرانية، لا أريدها بعد اليوم».
وهذا يدل على حجم النقمة الشعبية التي أججتها التظاهرات العراقية التي انطلقت مطلع (تشرين الأول) الماضي.

سوق التحرير يدعم المنتج المحلي
من جانبها أقامت مجموعة من طلبة الجامعة العراقية/ مجمع الاعظمية، السوق الاول من نوعه لدعم التظاهرات في العراق وبعنوان (بازار التحرير) واقيم السوق في نفق التحرير، وضم العديد من الفعاليات التي تدعم الأيدي العاملة العراقية وفكرة المنتج الوطني العراقي، منها الاعمال اليدوية، والرسم، وعمل بعض الأكلات العراقية، والتوعية لدعم المنتج المحلي وغيرها.
فاطمة عبد الرحمن إحدى المشاركات في السوق تقول «إن فكرة انطلاق السوق جاءت بعد أن لحظنا ان المتظاهرين في الساحة بحاجة الى دعم مادي من اجل الاستمرار بالتظاهرة، وقررنا اطلاق هذا السوق ليكون ريعه إلى المتظاهرين.» مشيرة إلى مشاركتها بقولها « شاركت بموهبتي وهي الرسم، حيث اقدم رسمات صغيرة على ايادي او وجوه الزائرين كالعلم العراقي وغيره.»
آما مؤيد احمد يؤكد « أن طلاب الجامعة العراقية كانوا يطمحون لتقديم ما هو افضل للمتظاهرين، لهذا جاء السوق بمنزلة فرصة ثمينة نستطيع من خلالها دعم اخوتنا وزملائنا، حاولنا أن نسلط الضوء على اهمية دعم الصناعة والمنتوج العراقي من خلال ما عرضناه من البان ومشاريب واطعمة بهوية عراقية لنلفت انتباه الناس أن لاحاجة لشراء اي منتج مستورد.»

معامل مغلقة
وهناك العديد من الكرنفالات والحملات لتشجيع المنتج المحلي حيث طالب أهالي كربلاء الحكومة المحلية والمركزية بفتح معامل تعليب كربلاء ومعامل ألبان الوسام المغلقين منذ عام ٢٠٠٣، والذين إن فتحا سوف يوفران فرص عمل لعدد من الخريجين وغير الخريجين .وان إنتاجية هذين المعملين الكبيرتين سوف تغطي حاجة السوق العراقية ومن الممكن التصدير منه وعدم الاستيراد كما كان سابقاً.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة