برغم عدم وجود قيادة او تنسيقيات للحركة الاحتجاجية والتظاهرات التي يشهدها البلد، كي يتم التعرف على مطالب المتظاهرين، وبعدها يمكن العمل على تحقيق تلك المطالب، لكن التظاهرات هي نتاج لخراب بنيوي وعام، يشمل جميع القطاعات العامة في الدولة، ولعل خراب القوانين من خلال تغييب القوانين المهمة التي تساعد على تحقيق نوع من التقدم والتحرر من الاخفاقات الحكومية أو من خلال وجود قوانين مشوهة غير قادرة على تحقيق الأهداف التي شرعت من أجلها، هو أحد أهم أسباب خروج الشعب الى الشوارع للمطالبة بإيجاد حل لمعاناته. إن عدم وجود قوانين حقيقية رصينة، أحد أسباب تفشي الظواهر التي يعاني منها المواطن( الفساد، البطالة، الأمن، الخدمات…) فأي قطاع لابد من وجود ضابط يحكمه وهو القانون، وغياب هذا الضابط يعني غياب ذلك القطاع بشكل كامل. الفساد، بوصفه الظاهرة التي أدت الى تبدد ثروات البلد، واسهمت بعدم وجود مشاريع أو خدمات، بسبب ذهاب الأموال المخصصة لتلك المشاريع إلى جيوب الفاسدين. هذه الظاهرة لم ولن تنتهي مادام القانون الذي يفترض أنه يحاربها، ليس كافيا أو لا يمكنه أن يضع الفاسدين خلف القضبان.
فبرغم تعدد الأجهزة الرقابية، وكثرة الجهات التي تحارب الفساد، لكن الفاسدين، بتزايد مستمر، والسبب يعود الى القوانين غير القادرة على مواجهتهم. لذا، فمن أهم الأمور التي ينبغي على من يريد الاصلاح العام للدولة، أن يتجه إلى اصلاح القانون أولا، كون ان القانون هو نقطة انطلاق جميع الفعاليات السياسية والادارية، وهو الضابط لكل ما يجري في الواقع. الفساد والذي ينبغي محاربته عبر القانون، يكون على نوعين: فساد تحت حماية القانون وهذا يتم من خلال تشريع قوانين تشرعن الفساد، من خلال منح امتيازات ومكاسب غير عادلة وغير دستورية، وفساد بعيد عن القانون وهو الذي يتم من خلال خرق القانون. وللأسف، كلا الحالتين، لا يوجد رادع لهما، أي ان البرلمان عاجز عن مواجهة الفساد المقنن، برغم أن البرلمان هو من شرع ذلك الفساد، لأن الارادة السياسية أقوى من الارادة الشعبية. ولكن اليوم، فإن صوت الشعب هو الأول وهو صاحب القرار.
على الشعب أن ينتج نخبة سياسية مهمتها تفكيك المنظومة القانونية والتشريعية التي أسست لهذا الفساد، وهذا يتم من خلال إرغام المجلس الحالي على تشريع القوانين الكفيلة بإنهاء معاناته، أو من خلال المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة ويتم انتخاب الكفاءات القادرة على تحقيق تطلعات الشعب وأهدافه.
سلام مكي