المحكمة الاتحادية ومنع الفاسدين من الترشيح

في الوقت الذي، نسعى فيه لتعديل قانون الانتخابات، فيما يخص شروط الترشيح سواء لعضوية مجلس النواب، أو لعضوية مجالس المحافظات، خصوصا الفقرة التي تخص النزاهة وعدم التورط بقضايا المال العام والفساد المالي والاداري، نجد أن هنالك من يسعى لتعطيل النص القانوني الحالي والذي يمنع بموجبه المحكوم عليه بجريمة مخلة بالشرف، أو بجريمة ناشئة عن أعمال وظيفته، بدعوى شموله بالعفو العام، وإن الشمول بالعفو، يعني عدم ارتكاب الفعل اطلاقا. هذا ما جاء في دعوى منظورة أمام المحكمة الاتحادية، التي أصدرت حكما مهما، يتعلق برد دعوى المدعي الذي يطالب بتعطيل نص برغم فقره وعدم قدرته على منع الفاسدين من الوصول الى المناصب العليا في الدولة، إلا أنه يريد أن يكون الطريق سالكا، لا شيء يعرقل ترشحه وحصوله على مناصب في الدولة. المحكمة الاتحادية رأت أن شموله بالعفو لا ينفي صفة لا تتلاءم والمسؤولية العامة في إشغال منصب في الدولة. هذا التوجه المهم الذي يصلح لأن يكون خطة عمل في المستقبل، لمنع أي مرشح يسعى الى القفز على النصوص القانونية في سبيل تحقيق غايات خاصة. فالشمول بالعفو، هو مجرد تنازل الحق العام أو عدم تطبيق العقوبة بحق مرتكب الجريمة، ولا يعني بالضرورة أن المشمول لم يرتكب الفعل أصلا، فهو واقعا ارتكب فعلا مجرما والعفو مراد به عفو عن العقوبة فقط. وفي العودة الى نص المادة 5 ثالثا من قانون تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات، نجد انه ينص: ان يكون حسن السيرة والسلوك غير محكوم عليه بجناية او جنحة مخلة بالشرف بما فيها قضايا الفساد الإداري والمالي بحكم قضائي بات سواء كان مشمولا بالعفو عنها من عدمه. فهذا النص أصلا يحتاج إلى تعديل، وجعله أكثر صرامة في التعامل مع من عليهم شبهات فساد، فهنالك مسؤولون كثر، توجد عليهم قضايا فساد مالي وإداري وتلك القضايا موجودة لدى هيئة النزاهة ويتم التحقيق فيها، لكن لأسباب كثيرة لم يصدر بتلك القضايا قرارات باتة، ومن أبرز الأمثلة على ما نقول، هو وجود قضايا جزائية بحق عدد من المحافظين والمسؤولين التنفيذيين في المحافظات، وهؤلاء رشحوا الى مجلس النواب، وفازوا، وبعدها لم يعد بالإمكان محاسبتهم بسبب تمتعهم بالحصانة، برغم أن تلك القضايا تخص مشاريع كبيرة قيمتها مبالغ كبيرة، ذهبت تلك المبالغ أما هدرا أو سرقة. فالمحافظ ذهب الى مجلس النواب، متمتعا بالحصانة وبقيت القضايا المرفوعة ضده في ادراج القضاء لا يمكن تحريكها بسبب القانون! فلو وجود نص قانون صريح يمنع من عليه قضايا فساد، تحدد تلك القضايا أو يمكن تصنيفها أو إيجاد مخرج قانوني يوافق بين حق الترشح وحق الدولة والمجتمع في عدم وصول الفاسدين الى السلطة.

سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة