رفع الحصانة بين القضاء والبرلمان

في الوقت الذي نفى فيه مجلس النواب على لسان النائب حسين العقابي عضو اللجنة القانونية، وجود طلب من مجلس القضاء الأعلى برفع الحصانة عن عدد من اعضاء المجلس بسبب وجود قضايا فساد وقضايا أخر، كي يتسنى للمجلس النظر في تلك الاتهامات، رد المكتب الاعلامي لمجلس القضاء الأعلى ان تصريح السيد النائب لم يكن دقيقا، حيث أن مجلس القضاء الأعلى قدم طلبا لرفع الحصانة عن 21 عضوا بينهم 10 أعضاء توجد عليهم قضايا فساد. وما يثير الاستغراب حقا، في الخبرين، أن عضو مجلس النواب يطالب مجلس القضاء الأعلى تسمية النواب المتهمين! وعدم التستر عن أي شخص! في حين ان مجلس القضاء الأعلى بين ان المجلس يراعي الوضع الخاص للنواب، وأن النواب المراد رفع الحصانة عنهم لم يدانوا بعد، وان موقفهم القانوني لازال قيد التحقيق ولم يصدر حكم بات في قضاياهم، وإن التصريح بأسمائهم في هذا الوقت، يمثل إساءة بالغة لهم، إذ ربما تثبت سلامة موقفهم القانوني بعد الانتهاء من التحقيق. وهنا نسأل: كيف يطالب عضو مجلس النواب بالكشف عن أسماء زملائه المراد رفع الحصانة عنهم دون النظر الى تبعات الأمر، في حين يرى المجلس ان بقاء تلك الأسماء قيد السرية والكتمان، أمر يتوافق مع القانون ولا يعرض سمعة النواب الى الاساءة؟ من المحق هنا: القضاء الذي يحرص على سلامة تطبيق القانون؟ أم البرلمان الذي يسعى الى تعريض سمعة أعضائه الى الخطر؟ بالعودة الى مبررات طلب البرلمان نجد أنها جاءت بسبب وجود اتهامات بالفساد بحق 10 نواب، حينما كانوا يمارسون وظيفة في السلطة التنفيذية، وهذا يضعنا أمام العديد من علامات الاستفهام، حول أسباب قبول ترشح أولئك النواب، ولماذا لم يوضع شرط في قانون انتخابات مجلس النواب يمنع بموجبه من توجد عليه تهم بالفساد من الترشح؟ ولماذا يجري انتخاب من عليه شبهات فساد، أو هو فاسد حقا، لكن لم يثبت فساده بموجب قرار قضائي. للأسف إن قانون انتخابات مجلس النواب، اشترط على المرشح ألا يكون قد أثرى بشكل غير مشروع على الوطن او المال العام. مما يعني من حق أي مسؤول تنفيذي أن يرشح على انتخابات مجلس النواب، حتى لو كانت عليه عشرات القضايا المتعلقة بالفساد، ومازالت منظورة امام محكمة التحقيق ولم يصدر بها قرار بع، وحتى لو كانت منظورة أمام قاضي الموضوع ولكن لم يصدر بها قرار بات بعد. فلو نجح هذا المسؤول بالانتخابات واكتسب صفة النائب في البرلمان، فإنه لا يمكن أن يخضع للقانون، ولا يتعرض للمساءلة القانونية رغم عدم ثبوت براءته. وعندما يأتي القضاء ليحسم تلك القضايا، فإنه مضطر لمفاتحة رئاسة البرلمان لطلب رفع الحصانة عن ذلك النائب المتهم بالفساد، بغية حسم القضايا المقامة ضده، لكنه يصطدم بالدستور والنظام الداخلي الذي يشترطان موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس على رفع الحصانة، وهذا ما يصعب جدا حصوله، في ظل الواقع السياسي الحالي. اذا: ان قانون الانتخابات يساعد على الافلات من المحاسبة القانونية، وكذلك الآلية المتبعة في رفع الحصانة تمنع أي مساءلة للنائب مهما كانت جريمته.

سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة